
مراسلات بين شابتين غزيّة وإسرائيلية خلال الحرب تُنشر في كتاب صدر في باريس

يستعرض الكتاب الفرنسي “قلوبنا التي لا تُقهر” مراسلات بين شابة فلسطينية من قطاع غزة المُحاصر والمدمر وشابة إسرائيلية، حولتهما إلى صديقتين رغم الحرب القاسية التي اندلعت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
هذا الكتاب واحد من المنشورات الكثيرة الصادرة في الذكرى الثانية لهذا النزاع الذي انطلق بعد هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل، والرد الإسرائيلي المدمر والمتواصل على قطاع غزة.
ولمناسبة صدور الكتاب في باريس هذا الأسبوع، التقت الفلسطينية تالة البنا الخارجة أخيرا من القطاع المنكوب والبالغة 22 عاما، مع الإسرائيلية ميشال أمزالاك البالغة 25 عاما، للمرة الأولى بعد مراسلات بينهما استمرت أشهرا طويلة.
وتقول ميشال لمراسل وكالة فرانس برس في باريس وهي تجلس إلى جانب تالة “كنت متوترة في البداية، لكننا جلسنا معا وتحدثنا مطولا. لدينا أمور مشتركة كثيرة”.
لم يكن لقاء من هذا النوع متصوّرا في ربيع العام 2024، حين وافقت الطالبتان على الشروع في مراسلات بينهما، بمبادرة من الصحافي الفرنسي دمتري كريير، الذي كان يعمل على جمع شهادات من شبان غزيّين وإسرائيليين.
وتقول تالة “لم أتوقع في حياتي أن أتحدث مع إسرائيلية” لذا ترددت أول الأمر وخافت أن يكون هذا التواصل “تعاونا مع العدو وخيانة”.
وكذلك الأمر عند ميشال. فهي لم يسبق أن تواصلت مع أحد من سكان القطاع المُحاصر، علما أنها تقطن في سديروت، على بعد أقل من عشرة كليومترات منه.
لكن صدمة السابع من تشرين الأول/أكتوبر جعلتها “مهتمة بسماع شاهد على حقيقة ما يجري في غزة”، ولا سيما لأن “المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام الإسرائيلية تختلف تماما عما هو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي”، بحسب هذا الشابة الإسرائيلية التي تقول إنها كثيرة الانتقاد والاعتراض على سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.
– “قلبي منكسر وجسمي جائع” –
بعد مرحلة أولى من الحذر المتبادل، اكتشفت الشابتان من خلال المراسلات بينهما أنهما تتشاركان أمورا كثيرة، وأملا واحدا بوقف إطلاق النار وحزنا كبيرا من استمرار الحرب.
في السادس والعشرين من أيار/مايو 2025، قالت تالة إنها لم تعد قادرة على التركيز للكتابة لأن “روحي منكسرة وجسمي جائع” في ظل الحصار المفروض على القطاع.
وأضافت في رسالتها آنذاك “لقد انكسر قلبي حين أعطاني والدي قطعة الخبر الوحيدة المتبقية له لآكلها”.
بعد انتظار طويل، نجحت تالة في مغادرة قطاع غزة في الثامن والعشرين من آب/أغسطس، إذ حصلت على تأشيرة لدراسة الحقوق في جامعة غالاواي في إير لندا.
بعد صدور كتاب “قلوبنا التي لا تنكسر” في فرنسا، من المقرر أن يُترجم إلى لغات أوروبية عدة. وتتمنى تالة وميشال أن يُترجم أيضا للعربية والعبرية، رغم خوفهما مما قد يثيره من ردات فعل.
وتقول ميشال “بصراحة، سأقلق قليلا إن تُرجم للعبرية”، مشيرة بذلك إلى الاستقطاب الشديد في الرأي العام الإسرائيلي.
وتقول تالة إنها لم تتحدث عن مراسلاتها مع ميشال سوى مع مجموعة ضيقة من المقربين في غزة، وتجنبت الحديث عن الأمر على مواقع التواصل.
لكنهما رغم ذلك لا تبدوان نادمتين على تحملهما هذه المخاطرة، بل راغبتين في أن يطلع عليها أكبر عدد من الفلسطينيين والإسرائيليين.
جري/خلص/غ ر