مصر تختار مجلس نواب جديدا وسط منافسة محدودة وهيمنة للأحزاب المؤيدة للسيسي
من ألكسندر جاديش
القاهرة (رويترز) – يتنافس عدد كبير من الأحزاب في انتخابات مجلس النواب المصري لكن القوى المرشحة للهيمنة على المجلس تتبنى نفس الموقف بشأن معظم القضايا الجوهرية وتتفق على التأييد القوي للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وبدأ الناخبون في التصويت يوم الاثنين لاختيار أعضاء المجلس، بعد نحو عامين من انتخاب السيسي لفترة رئاسية ثالثة مدتها ست سنوات، وهي الولاية الأخيرة له بموجب الدستور المصري. ويجري الاقتراع على مرحلتين ويستمر لأكثر من خمسة أسابيع.
وازدانت الشوارع والساحات بلافتات انتخابية تحمل نحو 12 شعارا، في مشهد يبدو في ظاهره مليئا بالمنافسة كما لم يحدث تقريبا منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم الحزب الواحد الذي استمر عقودا.
ولكن على عكس تلك الأيام، حينما قاد الإسلاميون والليبراليون والاشتراكيون والموالون للسلطة حملات انتخابية مرهقة لكسب العقول والقلوب، تبدو الأحزاب اليوم متقاربة التوجه وهي تحاول بث الحماس في صفوف ناخبين عازفين عن المشاركة.
* تصويت بنظام القائمة المغلقة
وتخوض الأحزاب الانتخابات بنظام مختلط يخصص ما يقل قليلا من نصف المقاعد للقوائم الحزبية المغلقة.
وتشارك قائمة واحدة فقط في الانتخابات الجارية، وهي قائمة تمنح حصة الأسد من المقاعد لثلاثة من الأحزاب المؤيدة للحكومة، مما يعني أن عددا من النواب ضمنوا فعليا الفوز قبل التصويت.
ومُنع عدد من الشخصيات المعارضة من المنافسة على المقاعد المخصصة للنظام الفردي، بما في ذلك إسلاميون محافظون ويساريون على حد سواء، استنادا إلى تفسير جديد لشرط أداء الخدمة العسكرية. وحالت تكاليف الحملات الانتخابية والفحص الطبي دون ترشح عدد آخر.
ويقول منتقدون إن مثل هذه الإجراءات أصابت العديد من الناخبين باللامبالاة، خاصة بعد أن أنهكتهم المصاعب الاقتصادية المستمرة منذ سنوات. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت في انتخابات مجلس الشيوخ هذا الصيف ما يزيد قليلا عن 17 بالمئة. ومجلس الشيوخ غرفة برلمانية استشارية.
وفي أحد مراكز الاقتراع في الجيزة، قال فني كهرباء يبلغ من العمر 58 عاما، وذكر أن اسمه أمجد، إن أشخاصا يعملون لصالح المرشحين نقلوه بالحافلات للتصويت، لكنه ليس متأكدا من هؤلاء المرشحين، لأن جميع المندوبين يعملون معا.
ويقول مؤيدو النظام الانتخابي إن القوائم الحزبية تتضمن تنوعا في الآراء والمصالح وتساعد في تأمين تمثيل أفضل للنساء والأقليات. وينفون التلاعب بالناخبين.
ولم ترد الهيئة العامة للاستعلامات، المسؤولة عن التنسيق مع بوسائل الإعلام الأجنبية في مصر، بعد على طلب للتعليق.
* حزب جديد يقول إنه “كيان جامع”
في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطيح به في 2011، هيمن الحزب الوطني الديمقراطي على عملية التشريع، وكان رجال الأعمال ونجل مبارك يشغلون أدوارا كبيرة فيه.
وعلى النقيض من ذلك، لم ينضم السيسي إلى أي حزب. ومن المحتمل أن يخسر الحزب الأكثر ارتباطا بجدول أعماله وخططه، وهو حزب مستقبل وطن، بعض المقاعد استنادا إلى نتائج مجلس الشيوخ.
وأحد أكبر الرابحين في هذا التصويت هو حزب الجبهة الوطنية، الذي تأسس في أواخر العام الماضي ويضم رجال أعمال ووزراء سابقين.
وكان الحزب يحتاج إلى خمسة آلاف توكيل فقط لتأسيسه لكنه قال إنه جمع أكثر من نصف مليون توكيل.
وقال ضياء رشوان أحد مؤسسي الحزب، والذي يرأس أيضا الهيئة العامة للاستعلامات، في مقابلة تلفزيونية في وقت مبكر من هذا العام إن الحزب “ليس موالاة ولا معارضة، وليس مدرسة فكرية واحدة”.
وأضاف أن الحزب “كيان جامع”.
ومن بين الأحزاب الأخرى المدرجة في القائمة حزب مستقبل وطن وحزب حماة الوطن، وهو حزب أسسه ضباط سابقون في الجيش في 2013 وحقق أيضا مكاسب في انتخابات مجلس الشيوخ.
وقال عمرو سليمان المتحدث الرسمي باسم حزب حماة الوطن لرويترز “الحزب قادم بسياسة تنموية طويلة الأمد طبقا لرؤية القيادة السياسية”.
وأضاف “هذه المنافسة الانتخابية قائمة بين جميع الأحزاب والمستقلين على المقاعد الفردية بشكل قوي”.
* المعارضة تواجه معضلة
قال تيموثي قلدس، المحلل في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط ومقره الولايات المتحدة، إن هيمنة الأحزاب المؤيدة يساعد على مركزية السلطة من خلال منع تشكيل مراكز قوى منافسة.
وأضاف “الانتقال من هيمنة حزب مستقبل وطن على مجلس النواب إلى مجموعة من الأحزاب الموالية هو وسيلة لإضعافها جميعا، ووسيلة أيضا لمكافأة الموالين الجدد”.
ووجدت شخصيات المعارضة نفسها أمام معضلة، إما الانضمام إلى القائمة أو المجازفة بالإقصاء.
وقرر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي المشاركة في القائمة. وقالت مها عبد الناصر، النائبة البرلمانية عن الحزب والتي تخوض الانتخابات مجددا “هناك فرص جيدة لأحزاب المعارضة في المنافسة، في التعبير والتأثير على السياسة والسياسات في مجلس النواب، سندخل ولن نترك الفرصة تضيع”.
أما حزب الدستور، الذي أسسه في 2012 محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل، فقد اتخذ الاتجاه المعاكس، إذ تحالف مع حزب المحافظين للمنافسة على المقاعد الفردية.
وقالت مريم فاروق، المتحدثة باسم التكتل، إن الحملة معركة شاقة ضد “المال السياسي” وعدم اكتراث الناخبين.
(شارك في التغطية مكتب القاهرة)