مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقترحات للحد من ظاهرة فقر الشبان في سويسرا

Keystone

يمكن أن يؤدي الفشل في دخول سوق العمل إلى سقوط شبان في دوامة الفقر.

المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي، يحذر من تنامي الظاهرة ويطالب بوضع إستراتيجية شاملة لمعالجة نقص التكوين والبطالة في صفوف الشبان.

يتزايد يوما بعد يوم عدد الشبان الذين يلتجئون إلى خدمات المساعدة الاجتماعية في سويسرا، حيث تشير المعطيات الحالية إلى أن شابا من بين 15 تقريبا (من المقيمين في المدن والتجمعات السكنية الكبرى)، يحتاج إلى المساعدة الاجتماعية. لذلك، دقّ المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي أجراس الإنذار، مشيرا في بيان أصدره يوم 3 يناير إلى أن الشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و25 عاما يمثلون (بعد الأطفال) الفئة العمرية، التي تلتجئ في معظم الأحيان إلى المساعدة الاجتماعية.

وترى هذه المنظمة أن مكافحة النقص في التكوين وبطالة الشبان، يجب أن تكون مهمة ذات أولوية للسياسة الاجتماعية في سويسرا. ويقول فالتر شميت، رئيس المؤتمر، إن “المساعدة الاجتماعية عاجزة في معظم الأحيان عن تقديم مساعدة حقيقية للشبان، لأنها عادة ما تتدخل في لحظة تكون الأمور فيها قد ساءت بشكل كبير”.

وتقترح المنظمة على سبيل المثال، إنشاء مواطن تدريب وتأهيل وعدم الاكتفاء بالعروض المؤقتة، كما ترى أنه يجب على الدولة أن تتدخل، إذا لم توفر هذه المواطن من طرف القطاع الخاص.

تكوين إجباري إلى سن الثامنة عشرة

وفي ندوة صحفية، عقدت في برن صبيحة الأربعاء 3 يناير، أشار فالتر شميت إلى أنه “ليس مطلوبا إنشاء مؤسسات جديدة، بل إيجاد تنسيق أفضل بين المشاريع القائمة من أجل الوصول إلى تحقيق نفس الهدف”.

وبصورة أشمل، يقترح المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي جملة من الإجراءات، التي لا يمكن إنجازها إلا بالتعاون مع القطاع الاقتصادي ومع بقية المؤسسات العاملة في القطاعين، الاجتماعي والتكويني.

من أبرز هذه المقترحات، إتْـباع سنوات الدراسية الإجبارية، التي عادة ما تنتهي في سن السادسة عشرة، بعامين من التكوين الإجباري إلى حدود الثامنة عشرة. ففي الوقت الحاضر، يختفي العديد من الشبان، الذين تبلغ أعمارهم ستة عشر عاما من الإحصائيات، بسبب عدم تمكّـنهم من العثور على تكوين ملائم أو على فرصة للتدريب، وهو ما يعني فقدان أي إمكانية للعثور على موطن عمل.

السيد شيمت أكّـد على أنه ليس من الضروري أن تتكفّـل المدرسة بعامي التكوين الإجباري المقترحين، لكنه نوّه إلى أن الشبان الذين لم يعثروا على أماكن تدريب، لا يجب أن يُـتركوا على الهامش خلال هذه السنوات الحاسمة، لأنه يُـخشى من فقدان مرحلة أساسية، بل فرصة نهائية للدخول إلى سوق العمل.

وفي إشارة مبطّـنة إلى بعض التجارب، التي تعرفها سويسرا، اعتبر رئيس المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي، أن توفير وظيفة لا اختصاص فيها لشاب على حساب تأهيل حقيقي، لا يُـمثل بديلا، لأن التحرك بهذه الطريقة يمثل رؤية قصيرة المدى، رغم أن ذلك قد يعني استغناء الشاب بشكل فوري عن خدمات المساعدة الاجتماعية. فالاستثمار في تكوين شاب، سيسمح له بضمان مستقبله ومغادرة صفوف المحتاجين للمساعدة.

مسؤولية الدولة

من بين التوصيات الأخرى، التي عرضت في الندوة الصحفية التي عقدها المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي، ضرورة تسديد الكنفدرالية للنقص المسجل في مواطن التدريب لفائدة الشبان، إضافة إلى إيجاد حوافز جديدة لفائدة أرباب العمل من أجل حثهم على انتداب شبان أقل تأهيلا.

كما دعا المؤتمر إلى تمكين الشبان الذين يواجهون صعوبات في إتمام تأهيلهم، من متابعة تكوين إضافي على مدى عامين أو ثلاثة، بما يسمح بإعادة تأهيلهم، واقترح أيضا إقرار متابعة فردية لملفات الشبان الذين لم يعثروا على فرصة تدريب.

المقترحات لم تُـغفل الشبان المهاجرين، حيث اعتبرت أن العروض الخاصة الموجّـهة إليهم تظل ضرورية، ونوّهت إلى أن الاتصال بالأولياء ومتابعة الأمور معهم، يكتسي أهمية خاصة.

فمن المفارقات أن يحتاج عدد كبير من الشبان إلى المساعدة الاجتماعية في المدن والتجمعات السكنية الكبرى في بلد ينمو فيه الاقتصاد بقوة، ومن المثير للانشغال أيضا أن تكون الفئة العمرية (ما بين 18 و25 سنة)، هي الثانية (3،9%) في ترتيب الفئات التي تلجأ بشكل كبير إلى المساعدة الاجتماعية بعد الأطفال (4،4%)، في حين أن هذا المعدل يقدّر بـ 3% بالنسبة لبقية فئات السكان.

الإنذار المبكّـر

في سياق متصل، يعتبر المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي أن التعرف المبكر على الحالات الصعبة منذ المدرسة أمر أساسي، حيث اتّـضح أن آباء معظم الشبان الذين يعوّلون على المساعدة الاجتماعية، يوجدون بدورهم في نفس الوضع، وهو ما يفسّـر عجز هياكل الدعم الاجتماعي عن تقديم العون للشبان، لأنها تتدخّـل بعد فوات الأوان في معظم الحالات.

اليوم، تبدو الظروف مهيأة لتطبيق الإستراتيجية المقترحة من طرف المؤتمر على نطاق واسع، نظرا لتحسّـن الوضع الاقتصادي، الذي يُـشير إلى وجود حاجة لشبان مؤهلين ومكونين. إضافة إلى ذلك، تلوح في الأفق بوادر نقص في اليد العاملة لأسباب ديموغرافية.

يبقى في الأخير، أن رغبة المؤسسات الاقتصادية في المساهمة في إستراتيجية من هذا القبيل ستكون حاسمة في إخراج العديد من الشبان السويسريين من عنُـق الزجاجة والابتعاد بهم عن دوامة الفقر والتهميش.

سويس انفو مع الوكالات

رابطة مهنية، تعمل من أجل صياغة تصور للمساعدة الاجتماعية في سويسرا.

يضم ممثلين عن البلديات والكانتونات ومندوبين عن منظمات خاصة تعمل في مجال العون الاجتماعي.

يشجع على التفاهم والتعاون بين المؤسسات العاملة في هذا المجال، ويسعى للعب دور فاعل في السياسة الاجتماعية السويسرية.

يقوم بإجراء أبحاث في مجال السياسة الاجتماعية.

يتخذ مواقف عند عمليات الاستشارة المتعلقة بالقوانين الجديدة ويحاول الإقناع بوجهة نظره في الأوساط السياسية والبرلمانية.

ساهم بقوة في إقناع البرلمان الفدرالي بعقد مؤتمر وطني حول الفقر في سويسرا في غضون عام 2007.

في عام 2004، استفاد حوالي 220 ألف شخص من المساعدات الاجتماعية في سويسرا، وهو ما يعادل 3% من السكان.
يعيش نصف هؤلاء الأشخاص في مناطق حضرية.
43،7% منهم كانوا أجانب.
يعتمد 63% من الشبان الذين لا يتوفرون على مؤهلات مهنية في معيشتهم على المساعدات الاجتماعية.

في شهر أكتوبر الماضي، اعتمدت مدينة بازل سلسلة من الإجراءات لمكافحة بطالة الشباب.

تشمل الإجراءات (على غرار مقترحات المؤتمر السويسري لمؤسسات العمل الاجتماعي)، تدخلا فوريا لفائدة الأطفال الذين يمثلون حالات صعبة، إضافة إلى متابعتهم في الفترة التالية لنهاية سنوات الدراسة الإجبارية.

يتضمن برنامج مدنية بازل أيضا إجراءات خاصة لفائدة حالات الإخفاق في الالتحاق بسوق العمل.

لا يحصل الشبان بشكل فوري على مساعدة مالية، بل يُـشترط عليهم الإلتزام ببلورة مخطط لمستقبلهم.

هناك إمكانية لتعليق المساعدات المالية، في الحالة التي يرفض فيها الشاب أو الشابة تقديم أداء مهني ملائم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية