مقتل خمسة صحافيين في قصف إسرائيلي على مستشفى في غزة
قُتل خمسة صحافيين الإثنين في ضربتين إسرائيليتين على مستشفى ناصر في قطاع غزة، بينهم من يعمل لحساب قناة الجزيرة ومع وكالتي رويترز وأسوشيتد برس، فيما أسف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لـ”حادث مأسوي”.
وخلّف القصف على المستشفى 20 قتيلا، من بينهم الصحافيون الخمسة وعنصر في الدفاع المدني، وفق ما أعلن الدفاع المدني في القطاع الفلسطيني، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه سيجري تحقيقا، مع تتالي ردود الفعل الدولية المندّدة.
وبحسب المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل، تمّ “استهداف مبنى الياسين الطبي داخل مستشفى ناصر بواسطة طائرة انتحارية إسرائيلية… وخلال عمليات نقل الشهداء والمصابين، استُهدف المكان مرة ثانية بضربة جوية”.
وطالب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش بإجراء “تحقيق سريع ونزيه في عمليات القتل هذه”، مذكّرا بأنّ “العاملين في المجال الطبي والصحافيين يجب أن يكونوا قادرين على أداء واجباتهم الأساسية من دون تدخل، ومن دون ترهيب، ومن دون أذى”.
وعبّرت وكالة أسوشيتد برس عن شعورها بـ”الصدمة والحزن” لمقتل مريم أبو دقة (33 عاما)، موضحة أنها كانت “صحافية مستقلة” تتعاون مع الوكالة.
بدورها قالت وكالة رويترز في بيان “نشعر بالأسى لعلمنا بمقتل المتعاقد مع رويترز حسام المصري وإصابة متعاقد آخر معنا هو حاتم خالد بجروح في الضربتين الإسرائيليتين”.
والصحافيون الآخرون الذين قتلوا هم مصوّر الجزيرة محمد سلامة ومعاذ أبو طه وأحمد أبو عزيز.
وندّدت دول عدة بالقصف.
وقالت قطر إنّ الضربة الإسرائيلية تمثل “حلقة جديدة في سلسلة الجرائم الشنيعة المستمرّة”، بينما جدّدت السعودية دعوة “المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الجرائم الإسرائيلية”.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن قصف المستشفى “غير مقبول”، ودعا إسرائيل إلى “احترام القانون الدولي”، فيما أعربت ألمانيا عن “صدمتها” ودعت إلى “التحقيق في الهجوم”. ودانت بريطانيا أيضا القصف “المروّع”، مجددة الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار.
من جهته، أعرب نتانياهو عن أسفه لـ”حادث مأسوي”، مؤكدا أنّ “إسرائيل تولي أهمية لعمل الصحافيين وكذلك الطواقم الطبية وجميع المدنيين”.
وأضاف أنّ “السلطات العسكرية تجري تحقيقا معمّقا. حربنا ضدّ إرهابيي حماس. أهدافنا المشروعة هي هزيمة حماس وإعادة رهائننا إلى ديارهم”.
وتقول منظمات حقوقية تدافع عن الصحافيين إنّ نحو 200 صحافي أو عامل في الإعلام قتلوا في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس قبل أكثر من 22 شهرا، وهي حصيلة من بين الأعلى في الحروب.
– “ستخرج الصورة” –
وفي ساحة مستشفى ناصر في خان يونس في جنوب قطاع غزة، تجمعت نسوة يبكين حول جثمان الصحافي محمد سلامة الذي سجي على الأرض.
واحتشد المئات لتأدية صلاة الجنازة على عدد من الضحايا بينهم ثلاثة صحافيين تم وضع السترة الواقية التي تحمل شعار “صحافة” فوق جثامينهم.
وخلال التشييع، ردّد مشيّعون “باب الجنة من حديد، لا يفتحه إلا الشهيد”.
وقال محمود المصري بينما كان قرب جثمان شقيقه الصحافي حسام المصري “لن نتوقف عن إكمال المسيرة، ستخرج الصورة”.
وأظهرت لقطات لفرانس برس مباشرة بعد الضربتين، دخانا كثيفا يغطي المكان وتناثرا للحطام في محيط المستشفى الذي كان يعجّ بالجرحى.
وهرع العشرات لإجلاء الجرحى من طابق مرتفع في المبنى وقد تدلّى منه رأس وجزء من جسد شخص يبدو أنه من بين القتلى.
على الدرج، نزل شخص يحمل شخصا آخر في محاولة لإسعافه. وفي داخل المستشفى كان هناك مصابون غطّت الدماء وجوه بعضهم.
وأفادت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بأن صحافيا سادسا هو حسن دوحان قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في المواصي بمنطقة خان يونس.
وبحسب الدفاع المدني، لقي 13 فلسطينيا آخرين مصرعهم في أماكن أخرى من القطاع المحاصر والمدمَّر، حيث تنفّذ إسرائيل غارات وهجمات أخرى دامية يوميا بهدف معلن هو القضاء على حركة حماس التي تعلن يدورها عن هجمات على القوات الإسرائيلية وتدمير آليات لها.
ولا يمكن لوكالة فرانس برس التثبت بصورة مستقلة من معلومات الجيش الإسرائيلي أو الدفاع المدني الفلسطيني في ظل منع الصحافيين الأجانب من دخول القطاع وصعوبة الوصول إلى المواقع المستهدفة.
– “صدمة للعالم” –
ووصفت نقابة الصحافيين الفلسطينيين الضربتين بأنهما “جريمة اغتيال”.
وطالبت جمعية الصحافة الأجنبية الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء بتقديم “توضيح فوري” لما حصل.
وقالت الجمعية التي تتخذ في القدس مقرا وتمثّل الصحافيين العاملين في إسرائيل والضفة وغزة مع وسائل إعلام أجنبية، في بيان “نطالب بتوضيح فوري من الجيش الإسرائيلي ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. ونحث إسرائيل، وبشكل نهائي، على وقف ممارستها المشينة والمتمثلة في استهداف الصحافيين”.
وأفادت لجنة حماية الصحافيين ومنظمة “مراسلون بلا حدود” في وقت سابق من الشهر الحالي بمقتل نحو 200 صحافي في غزة خلال الحرب.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني في بيان “ينبغي أن يكون قتل الصحافيين في غزة صدمة للعالم، لا أن تدفعه إلى صمت مطبق بل إلى التحرّك للمطالبة بالمحاسبة والعدالة”.
كذلك، ندّد المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني بالتقاعس الدولي “الصادم” إزاء الحرب في غزة، واعتبر أن قصف المستشفى هدفه “إسكات الأصوات الأخيرة المتبقية التي تبلّغ بوفاة الأطفال بصمت وسط المجاعة”، مشيرا إلى أن “لامبالاة العالم وتقاعسه أمر صادم”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم شنّته حركة حماس على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وأسفر عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وأسفرت الهجمات والعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 62744 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وفق آخر أرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس.
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي مساء الثلاثاء في القدس برئاسة نتانياهو، وفق مصدر رسمي، بينما ذكرت وسائل إعلام محلية أنّ الاجتماع سيناقش استئناف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة.
ودعا منتدى عائلات الرهائن في غزة إلى يوم حراك وطني على هامش الاجتماع.
بور-ع ز-ها/ح س/رض-بم