
نظرة فاحصة-كم عدد القتلى الفلسطينيين في الحملة الإسرائيلية على غزة؟

من نضال المغربي وإيما فارج
القاهرة/جنيف (رويترز) – تقول السلطات الصحية الفلسطينية إن الحملة البرية والجوية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ عامين أدت إلى مقتل أكثر من 67 ألفا من الفلسطينيين حتى الآن، تقل أعمار نحو ثلثهم عن 18 عاما.
واندلعت الحرب بعد هجوم شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 أدى بحسب إحصاءات إسرائيلية إلى مقتل أكثر من 1200 معظمهم من المدنيين واحتجاز 251 رهينة.
وتتناول هذه النظرة الفاحصة طريقة إحصاء القتلى الفلسطينيين، ومدى مصداقية هذه الأعداد، وتفاصيل عن الخسائر البشرية في صفوف المدنيين والمسلحين وما يقوله كل جانب.
* كيف تحسب السلطات الصحية في غزة عدد القتلى؟
كشف أحدث إحصاء تفصيلي أصدرته وزارة الصحة الفلسطينية في الثالث من سبتمبر أيلول وفاة 19424 طفلا، أي ما يعادل 30 بالمئة من إجمالي العدد الذي كان يبلغ 64232 وفاة آنذاك. وارتفع إجمالي العدد منذ ذلك الحين إلى 67160 وفاة حتى السادس من أكتوبر تشرين الأول 2025.
ووفقا لبيانات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، فإن عدد القتلى الرسمي الذي أعلنته الوزارة أكبر بكثير من العدد الذي سقط في كل جولات القتال السابقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة منذ عام 2005.
في الأشهر الأولى من الحرب، كان يجرى حساب أعداد القتلى بالكامل من خلال إحصاء الجثث التي تصل إلى المستشفيات. وكانت البيانات تتضمن أسماء معظم من لقوا حتفهم وأرقام بطاقات الهوية الخاصة بهم.
وفي ظل احتدام الصراع وقلة عدد المستشفيات والمشارح التي لا تزال تعمل، بدأت السلطات في اتباع أساليب أخرى.
وبداية من أوائل مايو أيار 2024، حدّثت وزارة الصحة بياناتها لإجمالي حصيلة الوفيات لتشمل الجثث مجهولة الهوية، والتي تمثل نحو ثلث العدد الإجمالي للقتلى. وتعمل السلطات الصحية منذ ذلك الحين على تحديد هوياتهم، ولم يُدرج أي منهم في عدد الوفيات.
وأظهر فحص أجرته رويترز لقائمة سابقة أصدرتها وزارة الصحة في غزة لعدد القتلى أن أكثر من 1200 أسرة قتل جميع أفرادها، إحداها تتكون من 14 فردا.
* هل حصر القتلى في غزة شامل؟
تقول وزارة الصحة الفلسطينية إن الأعداد لا تعكس بالضرورة جميع من لقوا حتفهم، وتشير تقديراتها لوجود عدة آلاف من الجثث تحت الأنقاض. ولا تتضمن هذه الأعداد أيضا الوفيات المرتبطة بسوء التغذية والتي بلغت 460 حالة جرى تسجيلها في ظل المجاعة التي يشهدها شمال غزة.
وتشير دراسة خضعت لمراجعة النظراء ونُشرت في دورية ذا لانسيت في يناير كانون الثاني فمن المرجح أن تكون الإحصاءات الفلسطينية الرسمية للوفيات المباشرة في حرب غزة أقل من عدد الضحايا بنحو 40 بالمئة في الأشهر التسعة الأولى من الحرب وسط تدهور البنية التحتية لمرافق الرعاية الصحية في القطاع.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الأرقام التي تعلنها السلطات الفلسطينية ربما تكون أقل من الواقع. وذكرت أن أرقامها في الصراعات السابقة بين إسرائيل وحماس كانت تتجاوز أحيانا أرقام السلطات الفلسطينية.
وأكدت المفوضية لرويترز أن الوفيات التي تحققت منها حتى 20 يوليو تموز باستخدام طريقتها الخاصة تظهر أن 40 بالمئة منها أطفال و22 بالمئة من النساء.
وخلص تحقيق للأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة، واستشهد المحققون بنطاق عمليات القتل الواسع باعتباره أحد الأدلة التي تدعم ما توصلوا إليه. ووصفت إسرائيل هذه النتائج بأنها متحيزة ومحض “افتراء وكذب”.
* ما مدى مصداقية عدد القتلى في غزة؟
قال خبراء الصحة العامة لرويترز إن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية قوية ونظم معلومات صحية أفضل من تلك الموجودة في أغلب دول الشرق الأوسط.
وتعتمد الأمم المتحدة غالبا على أعداد حصيلة القتلى الصادرة عن وزارة الصحة وعبرت منظمة الصحة العالمية عن ثقتها الكاملة بهذه الأعداد.
* هل تتحكم حماس في الأرقام؟
رغم أن حماس تدير غزة منذ عام 2007، تقع وزارة الصحة في القطاع تحت إدارة وزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.
وتدفع حكومة حماس في غزة رواتب كل الموظفين المُعينين في الدوائر الحكومية، ومن بينها وزارة الصحة، منذ عام 2007. ولا تزال السلطة الفلسطينية تدفع رواتب الموظفين المٌعينين قبل ذلك التاريخ.
* ماذا تقول إسرائيل؟
قال مسؤولون إسرائيليون في السابق إن هذه الأرقام مشكوك فيها بسبب سيطرة حماس على الحكومة في غزة، وإنه يتم التلاعب فيها.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن 466 من جنوده لقوا حتفهم خلال الأعمال القتالية وإن 2951 آخرين أصيبوا منذ بدء عمليته البرية في غزة في 27 أكتوبر تشرين الأول 2023.
كما يقول إنه بذل قصارى جهده لتجنب وقوع خسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين. ويقول إن حماس تستخدم المدنيين في غزة دروعا بشرية من خلال العمل داخل المناطق المكتظة بالسكان والمناطق الإنسانية والمدارس والمستشفيات، وهو ما تنفيه الحركة.
* كم عدد القتلى من المسلحين؟
لا تفرق وزارة الصحة بين المدنيين ومقاتلي حماس، الذين لا يرتدون زيا رسميا أو يحملون بطاقات هوية مختلفة، في إحصاء أرقام القتلى.
وقال الجيش الإسرائيلي في يناير كانون الثاني 2025 إنه قتل نحو 20 ألفا من مقاتلي حماس. ولم يقدم تحديثا منذ ذلك الحين. ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه تم التوصل إلى مثل هذه التقديرات من خلال مزيج من إحصاء الجثث في ساحة المعركة، واعتراض اتصالات حماس، وتقييمات المخابرات للأفراد الذين كانوا موجودين داخل الأهداف التي تم تدميرها.
وتقول حماس إن التقديرات الإسرائيلية لخسائرها مبالغ فيها، لكنها لم تذكر عدد القتلى في صفوف مقاتليها.
(شارك في التغطية علي صوافطة وجيمس ماكنزي وأنجوس ماكدويل – إعداد دنيا هشام ومحمد محمدين ومروة غريب وعلي خفاجي ونهى زكريا للنشرة العربية – تحرير محمد علي فرج)