مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خلاف في اسرائيل حول بناء بلدة جديدة في موقع معركة حطين بين صلاح الدين والصليبيين

منطقة في الجليل حيث تعتزم اسرائيل ان تبني بلدة جديدة على انقاض الموقع الذي شهد معركة حطين التاريخية بين الصليبيين وصلاح الدين الايوبي afp_tickers

تثير خطة حكومية اسرائيلية لبناء بلدة درزية جديدة على انقاض الموقع الذي شهد معركة حطين التاريخية بين الصليبيين وصلاح الدين الايوبي، غضبا كبيرا لا سيما بين السكان الدروز.

وتتعرض خطة حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية لانتقادات واسعة من المؤرخين والمزارعين داخل الطائفة الدرزية التي يفترض ان تفيد من المشروع.

ويقول منتقدو المشروع ان بناء بلدة درزية في المنطقة الواقعة في الجليل يهدد الكنوز الاثرية والمناظر الطبيعية المرشحة لدى منظمة الامم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونيسكو) للانضمام الى قائمة مواقع التراث العالمي.

ووافق مجلس التخطيط والبناء الوطني الاسرائيلي على خطة البناء في كانون الثاني/يناير الماضي، بينما اكدت الحكومة الاسرائيلية انها ستكون اول بلدة يتم بناؤها للطائفة الدرزية منذ قيام الدولة العبرية في عام 1948.

وقال نتانياهو في بيان “أعطي اهمية كبرى لاقامة بلدة درزية جديدة من شأنها ان تساهم في تطور الوسط الدرزي”.

وتعاني القرى والبلدات الدرزية في اسرائيل من الاكتظاظ وتفتقر الى البنى التحتية الاساسية.

لكن شخصيات درزية عدة ترى ان الموقع الذي تقترحه الحكومة الاسرائيلية على ارتفاع نحو 300 متر من بحيرة طبرية، لا يلائم احتياجات الطائفة الدرزية، وقد يؤدي الى تدهور اضافي في علاقتها مع سائر الفلسطينيين.

وتنص المرحلة الاولى من الخطة على بناء 400 وحدة سكنية، ومن المتوقع ان تشمل المرحلة الثانية توسيع البناء ليصل الى 2500 وحدة سكنية، ما يعني البناء على حقول سكان قريتي حطين ونمرين الفلسطينيتين المهجرتين منذ عام 1948.

– “لن يقبل اي درزي بذلك” –

بالنسبة لصالح طريف، السياسي الدرزي الذي شغل في السابق منصب وزير في الحكومة عن حزب العمل الاسرائيلي، “لا يوجد اي درزي سيقبل بالعيش على ارض شخص آخر”.

ويقول لوكالة فرانس برس “لا نريد اي شكاوى حول اننا سنقيم على ارض اشخاص لا يملكون اي مكان يعيشون فيه او تم تهجيرهم من هناك”.

ويرى رفيق حلبي، رئيس مجلس قرية دالية الكرمل، اكبر قرية درزية في اسرائيل، ان بناء البلدة هناك “قد يؤثر على العلاقات الحساسة اصلا بين الدروز والفلسطينيين”.

ويعد المسؤول الحكومي الدرزي ايوب قرا من حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه نتانياهو، مؤيدا شرسا للمشروع، ويقول انه يرغب في ان يكون من اوائل المستثمرين في خطة البناء.

ويقول لوكالة فرانس برس “أنوي العيش هناك وان اكون العمود الفقري للمجتمع هناك للترحيب بقدامى الجيش من الدروز وغيرهم ممن يخططون للاقامة هناك في افضل الظروف”.

ويقدر المسؤولون عدد الدروز في شمال اسرائيل ب110 الاف.

وعلى عكس عرب اسرائيل، يلزم القانون الدروز مثل اليهود، بالخدمة في الجيش الاسرائيلي لثلاث سنوات.

ومن التحديات التي يواجهها مشروع الحكومة قرب الموقع من التلال المعروفة باسم قرون حطين التي شهدت المعركة الشهيرة في القرن الثاني عشر ميلادي بين الصليبيين الاوروبيين وقوات المسلمين بقيادة صلاح الدين الايوبي.

ووقعت المعركة في تموز/يوليو 1187 وانتهت بهزيمة واسر الملك الصليبي غي دي لوزينيان على يد صلاح الدين، ومهدت لبداية نهاية المملكة الصليبية في القدس.

ويكتب المؤرخ البريطاني الشهير ستيفين رونسيمان في مؤلفه الضخم من ثلاث مجلدات حول الحروب الصليبية، “في قرون حطين، تمت ابادة اعظم جيش جمعته المملكة”.

وفي تشرين الاول/اكتوبر من العام نفسه، تمكن صلاح الدين من فتح القدس ما ادى الى انهاء 88 عاما من حكم الصليبيين.

وبالنسبة لجينيدي نيزهيك-كولوميشوك من نادي “مملكة القدس” الذي ينظم سنويا مسرحية تستذكر معركة حطين، فان حديقة حطين الوطنية وكل المناطق المحيطة بها لها اهمية تاريخية كبرى.

وتقول سلطة التخطيط والبناء ان الحديقة الوطنية لن تتأثر بالمشروع، ولكن نيزهيك-كولوميشوك يصر على ان اهمية المنطقة التاريخية تمتد لما هو ابعد من الحديقة ذاتها.

ويقول “هذا موقع استراتيجي. نابليون خاض معركتين هناك” ضد القوات العثمانية في عام 1799.

ومن المقرر بدء بناء المرحلة الاولى في الحقل عند سفح القمم، على الطريق الذي يربط بين الناصرة وطبرية.

ومنذ سنوات، يقوم سكان كيبوتس (قرية تعاونية) لافي وكيبوتس بيت ريمون بزراعة الاراضي في هذه المنطقة، رغم انها تابعة للدولة.

ويقول ناتي روزنويغ، وهو مربي مواشي من كيبوتز لافي، انه لم يتم رسميا ابلاغ السكان بخطة البناء.

ويضيف ” لم يتحدث اي احد الى كيبوتس لافي مسبقا (…). لاننا نعيش هنا، فاننا على علاقة وطيدة بقصة قرون حطين”.

ويتابع “من ناحية تاريخية واثرية، كل المنطقة مهمة. كل المنطقة ومحيطها هي ارض المعركة. وفيها ايضا بقايا طرق رومانية”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية