مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مؤسسات جامعية تقود نهجاً غير مسبوق لتحقيق السلم والتعايش في المنطقة المتوسطية

وصول لاجئين سوريين على متن قارب صيد إلى شواطئ جزيرة ليسبوس اليونانية. وفي الأجواء، تحلّق طائرة مروحية تابعة للوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود. والصورة تعبّر عن مخاطر وانعكاسات عدم الإستقرار في المنطقة العربية، والهواجس والمخاوف التي تنتاب البلدان الاوروبية تجاهها. Keystone

اقتناعاً منهم بالحاجة المُلِحّة لإعادة إطلاق الحوار الأوروبي - العربي، ونتيجة تعثُر العديد من المُحاولات التي أطلِقت منذ ثمانينيات القرن الماضي لوضع حدّ للتوتّرات السائدة في العلاقات بين دول وشعوب المنطقة المتوسّطية والمنطقة الأوروبية - العربية، قام عدد من الشخصيات الأوروبية والعربية في جنيف بإنشاء مؤسسة تهدف للتوصل إلى إبرام اتّفاق جديد بين مختلف الأطراف لتعزيز التّعاون والأمن بحلول عام 2020، من خلال الإعتماد على نهج غير مسبوق.

شهدت العقود الماضية إطلاق العديد من المبادرات الهادفة إلى تعزيز علاقات التعاون بين دول المنطقة الأوروبية-العربية، لعل أبرزها ‘الشراكة الأورومتوسطية’ (أو عملية برشلونة) ومشروع ‘الاتحاد من أجل المتوسط’، لكن جميعها وصل لطريق مسدود.

ومن خلال إعتمادها لنهج جديد تماماً في استئناف الحوار المتوسطي والأوروبي – العربي، تأمل مؤسسة تعزيز الحوار المتوسطي والأوروبي- العربيرابط خارجي التي أسسها عدد من الشخصيات العربية والأوروبية في عام 2013 بإرساء ساحة سلام وازدهار في منطقة تسودها الكثير من الشكوك والانقسامات.

دق ناقوس الخطر

لتحقيق هذا الهدف، أطلقت المؤسسة في شهر مايو 2016 نداءاً طالبت فيه بإجراء مشاورات واسعة النطاق على مستوى المجتمع المدني لمنطقة البحر المتوسّط والمنطقة الأوروبيّة-العربيّة، وصياغة “كتاب أبيض” يحدد مُجمل القضايا الحساسة في هذه المنطقة، يكون الخطوة الأولى لتحقيق مفاوضات واسعة النطاق، تفضي بالنتيجة إلى إنشاء منطقة تعاون وأمن على صعيد العلاقات الأوروبيّة-العربيّة.

وكما يقول حسني عبيدي، أستاذ العلوم السياسية المتخصص في العالم العربي وأحد الأعضاء المؤسسين في المؤسسة :”أردنا من خلال هذا النداء التأكيد على أهمية إيصال رسالة للحكومات في أوروبا والعالم العربي مفادها أن العلاقة بين دول ضفتي المتوسط في خطر وتقهقر، ودَق ناقوس الخطر الذي يحدُق بالعالم العربي وأوروبا في ظل غياب مبادرة جديدة ذات بعد سياسي و اقتصادي، تملأ الفراغ الذي خلقه فشل ‘مسار برشلونة’ و‘الاتحاد من أجل المتوسط’. كما يعيش العالم العربي في أمل وبألم تداعيات الربيع العربي، في الوقت الذي تعيش فيه أوروبا تصاعداً مُخيفاً للخطاب الهوياتي وانتشار الشعبوية في أوساط المواطنين و داخل النُخَب الحاكمة”.

التصدي لوضع مقلق

ولعل إحدى العوامل المهمة التي ساهمت في إنشاء مؤسسة تعزيز الحوار المتوسطي والأوروبي- العربي، هي عمل رئيسها المؤسس آلان كليركرابط خارجي كمستشار ومفاوض في القضايا الدولية في الاتحاد السويسري. وكان كليرك بعد عودته من زيارة إلى تونس وبعض دول المنطقة في عام 2010 قد نقل انشغاله بالوضع والمشاكل السياسية والإجتماعية الناشئة هناك لوزارة الخارجية السويسرية.

وكما يستذكر :”حينها، طَلَبَت مني الوزارة تقديم مقترحات بهذا الشأن، فأجبتهم أن بإمكان سويسرا إطلاق مبادرة بخصوص الوضع في تونس. ومع تعمُقي بالموضوع، وحيث كنت وقتها مُستشاراً في منظمة ‘الاتحاد من أجل المتوسط’، فقد رأيت أن إطلاق أي مبادرة يجب أن لا يرتكز على تونس فحسب ولكن على العالم العربي برمته، لمحاولة استعادة الثقة بينه وبين أوروبا التي وصلت إلى طريق مسدود، نتيجة فشل ‘الشراكة الأورومتوسطية’ ومبادرة ‘الإتحاد من أجل المتوسط’”.

السيد ألان كليرك، مستشار ومفاوض سويسري في الشؤون الدولية في الكنفدرالية السويسرية. Alberto Campi WeReport © 2016

ومن خلال رعايته للجنة المستقلة المعنية بالبيئة والتنمية، وكذلك اتفاقية المناخ العالمية ومؤتمر قمة الأرض (أو قمة ريو في 1992)، وعمله مع مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا الذي نجم عنه إتفاق هلسنكي (في عام 1975)، بات كليرك على قناعة بأن طريقة إدارة هذه القضايا حينها، يمكن أن تكون نموذجاً جيداً لإعادة إطلاق الحوار بين أوروبا والعالم العربي.

ولم ينس كليرك إضافة عامل آخر، هو قلقه الشديد من الخطاب السياسي الشعبوي المتنامي بشدة في أوروبا. “هذه الشعبوية خطيرة جداً، وقد تدمر ما نسميه بالنموذج الأوروبي. ومع أن هذا النموذج ليس الأفضل بالتأكيد، ولكنه مثال جيد للتعايش معاً. وأنا واثق أن على الحكومات الأوروبية أن تكون أكثر نشاطاً في محاولة التصدي لهذا الوضع المتنامي المقلق جداً”، كما يقول.

“لا يمكن أن يستمر”

وبالرغم من أن حجم الهوة القائمة اليوم بين العالم العربي وأوروبا هي أكبر مما كانت عليه عند إطلاق المبادرات السابقة، والتشتت غير المسبوق الذي يعيشه العالم العربي وما يعانيه من حروب وإضطرابات إجتماعيّة وسياسيّة وأمنية منذ بداية 2011، لكن كليرك يرى أن الوقت مناسب الآن لإطلاق مثل هذه المبادرة لسببين: “أولاً، لا يمكن للوضع القائم في العالم العربي أن يستمر للأبد. وأعتقد – ومع كل المشاكل غير المُنتهية إلى حد الآن – أننا أمام نهاية عملية في العالم العربي، وعلينا أن نأخذ بنظر الإعتبار ضرورة إعادة بناء هذا العالم. والسبب الثاني، هو حاجة هذه الدول إلى النمو الإقتصادي.

بدوره، يرى عبيدي في النزعة الإنعزالية الحالية في أوروبا بعد العمليات الإرهابية في فرنسا وبلجيكا، وما تشهده من متاعب اقتصادية وهزات أمنية وتنامي التطرّف، عوامل تُحَتِّم العمل والتنسيق الجماعي لإيجاد مقاربة شاملة لمواجهة هذه التحديات. وكما كتب لـ swissinfo.ch :”تونس تقاوم لأن مجتمعها المدني قوي وبالمرصاد؛ ارهاصات المجتمع المدني في ليبيا تتجاور البعد المناطقي والقبلي وتريد بناء دولة مدنية حديثة؛ الشباب والمرأة في بعض دول الخليج ينتزعون هوامش للحركة والتعبير يومياً، ومن المُجحف التغاضي عن هذه الدينامية المجتمعية وعدم مواكبتها لتنضج وتستمر”.

المجتمع المدني: دوره أساسي

من غير المجدي وفقا لكليرك أن تدعو المؤسسة الآن إلى إجراء مفاوضات مباشرة بين الحكومات لو أنها أرادت البدء بعملية حوار جدية. “مثل هذه المفاوضات لن تنجح لسببين: أولها، عدم نضوج الواقع الحالي للمفاوضات بَعد – وهذا ما نراه في مفاوضات جنيف 1 و2 و3 مع سوريا – والثاني هو معارضة جميع الحكومات العربية – ولربما الأوروبية أيضاً – لبدء مفاوضات مالم تكن واثقة من نجاح هذه العملية. ولمُساعدة الحكومات على المشاركة في هذه العملية، فإننا بحاجة لإهتمام إيجابي بهذه المسألة في صفوف الشعب وعلى مستوى المجتمع المدني. وبرأيي، ينبغي أن تكون مثل هذه المفاوضات على مرحلتين؛ تشمل الأولى التشاور المُسبق مع كلّ شعوب الدول المُلتَزِمة في المفاوضات وصياغة الكتاب الأبيضرابط خارجي والتي يلعب المجتمع المدني دوراً أساسياً فيها، تليها المرحلة الثانية حيث المفاوضات الحكومية الدولية الأوروبية-العربية لاعتماد اتفاق أوروبي-عربي للتّعاون والأمن”.

مشاورات بقيادة جامعة جنيف

لكن اختيار مؤسسات المجتمع المدني المناسبة لهذه العملية لم يكن سهلاً. “لو أطلعنا بعض الدول العربية مثلاً على رغبتنا بالتشاور مع المجتمع المدني، فقد يبدون ترددهم إزاء مثل هذا النهج. لذا قررنا إشراك الجامعات بهذه العملية – في الدول العربية والأوروبية على حد سواء”، وفقاً لـ كليرك، الذي يرى أن هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على تأييد الحكومات لهذا النهج وانفتاحهم على مثل هذه العملية. “وهذا ما لاحظناه من مناقشاتنا الكثيرة مع الحكومات”، كما يقول: “عندما نحصل على دعم الجامعات لن تكون الحكومات في موقع يؤهلها للرفض، بسبب إهتمام هذه المؤسسات بالتجاوب مع المشاكل الحقيقية. وعندما تؤيد الجامعات تطلعات المواطنين، فإنها إنما تأتي بهذه الشواغل إلى مستوى يمكن أن تقره الحكومات. ومع أن التوصل لهذا الحل كان صعباً، لكني سعيد به للغاية. ومع إتباعنا لهذا النهج، سوف تكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ التفاوض في العالم التي تشارك فيها المؤسسات الأكاديمية في عملية للسلام”. 

لكن كليرك يرى أن الحكومة الأولى لن تأتي للمشاركة في المفاوضات ما لم تثبت المؤسسة قدرتها على تطوير الكتاب الأبيض. وهكذا أنشأت المؤسسة ‘شراكة أكاديمية’رابط خارجي وأجرت إتصالات ثنائية مع أكاديميين ومجموعة من الجامعات والمراكز البحثية من جانبي المتوسط، وقامت بدعوتهم إلى جنيف، التي تقود جامعتها عملية التشاور. وفي إجتماعهم الأول الذي عقد يومى 17 و18 نوفمبر، ناقشت هذه الأطراف كيفية تطوير الكتاب الأبيض عملياً، وقامت بإعداد قائمة بالمشاكل التي يتعين تغطيتها. 

وتتوفر المؤسسة اليوم على شراكة مع نحو 40 مؤسسة أكاديمية أوروبية وعربية، أبدت استعدادها لتقديم الدعم والمشاركة في العملية، و”نتمنى أن يصل عددها إلى 60 في المستقبل”، مثلما أضاف كليرك.

النجاح حيث فشل البقية

هل يمكن الإستنتاج إذن بأن لجوء المؤسسة إلى هذا النهج الجديد سيضمن نجاحها في مهمة فشلت فيها ‘عملية برشلونة’ و‘الاتحاد من أجل المتوسط’؟

“لا بد لنا أن ننجح، لأن فشلنا سيكون خطراً على الدول العربية والأوروبية على حدٍ سواء، مع تنامي الشعبوية في العديد من دول أوروبا والتعصب والأصولية في العالم العربي. عملنا يتنزّل في لحظة ملائمة ونوفر للحكومات الفرصة لتطوير حل منطقي. وخلال لقاءاتي الكثيرة مع العديد من الشخصيات خلال السنوات الثلاثة المنصرمة، كان الجميع يؤيدني بمنطقية هذا الطريق وضروة فعل شيء بهذا الخصوص”، يجيب كليرك. “نحن ناتي باقتراح مطول – في مرحلتين – لا يشكل خطراً على الحكومات أو الساسة، و نتوجه بداية خارج نطاق رادار المراقبة، حيث سيعمل المجتمع المدني، ولن تبدأ الحكومات بالتفاوض إلا بعد نشر الكتاب الأبيض. ولو فشلنا في هذه المرحلة، لن تكون هناك عواقب سياسية لأي من الحكومات. نحن نبدأ ببطء، لكننا نوفر جميع العناصر للتأكد من إحتمالات نجاح العملية”، وفقاً للسياسي السويسري المخضرم. 

الدور السويسري

دعمت وزارة الخارجية السويسرية عمل مؤسسة تعزيز الحوار المتوسطي الأوروبي العربي منذ بداية تأسيسها. لكنها بحسب كليرك “كانت ترغب بالتحقق في بادئ الأمر، واقترحت تنظيم حلقات دراسية – بدعم من الحكومة السويسرية – دُعيَت إليها نحو 40 شخصية أوروبية وعربية من مسؤولين وأكاديميين وباحثين ومؤسسات المجتمع المدني إلى السفارة السويسرية في جنيف. كما أجرينا مشاورات كثيرة في برلين وباريس، وأقمنا العديد من ورش عمل مختلفة في تونس ومصر وغيرها. وهكذا حصلنا على ما نحتاجه من معلومات، وقمنا بتطوير ورقة مفاهيمية تمت المصادقة عليها من خلال دراسة أجرتها جامعة جنيف. ومع إطلاعنا وزارة الخارجية السويسرية على عملنا باستمرار، أبدت استعدادها لدعم الموضوع، ولكنها طلبت إشراك دول أخرى أيضاً”.

ومع أن سويسرا لا تتمتع بنفس علاقات ونفوذ الإتحاد الأوروبي الذي كان طرفاً رئيسياً في المبادرات السابقة، كما وليست لديها نفس المصالح، لكن كليرك يرى أن الكنفدرالية وجنيف بالذات هي البلد المناسب لهذه العملية. “لقد فشلت مبادرات الاتحاد الأوروبي ومن الصعب عليهم البدء ثانية. الحل الأفضل إذن هو وجود دولة أخرى مستعدة لدفع مثل هذه القضية. الدور السويسري سيكون تنظيمياً من خلال إستضافتها للعملية ومساعدتها في بناء عملية تبدو معقولة تماماً”.

بدوره يرى عبيدي أن خروج المبادرة من سويسرا هو “مؤشر يطمئن الجميع على عدم وجود أجندة خفية أو برنامج سياسي يتحكم في مسارها. كما أن من شأن إعداد الكتاب الأبيض والشروع في مفاوضات بعد سنتين في سويسرا إعطاء توافق وقبول لدى جميع الأعضاء، بالإضافة لما تتمتع به سويسرا من خبرة كبيرة في هكذا مبادرات سواء السرّية منها أو العلنية”.

وكما يضيف عبيدي، تبدأ هذه المبادرة من حيث وصلت المبادرات السابقة، وهي لا تنفيها أو تحاول محاكاتها، بل تعمل على الاستفادة من ثغرات وهفوات جميع المشاريع السابقة. وهي تنطلق من مبدأ ضرورة البدء بالاستماع إلى المكون الرئيسي في أي دولة، ألا وهو مواطنيها من خلال عينات حقيقية تمثلها أو تعبر عن انشغالاتها. “مثل هذه المقاربة لن تُعتَمَد منذ البداية بسبب توجس دول الجنوب من إشراك مواطنيها في شراكة جهوية أو دولية. المبادرة الجديدة تأتي في سياق جديد هو تحديات الإنتقال السياسي السلمي في بعض الدول العربية، وخطر التفكك وغياب الدولة في دول أخرى. من الصعب على الدولة أن تحافظ على مقومات البقاء أمام انهيار المؤسسات الأمنية والقضائية والخدمية. من هنا نقول إن الشراكة مع المجتمع المدني من شانها أن تحافظ على التماسك وتعمل على الإبقاء على روابط المواطنة”، كما كتب لـ swissinfo.ch. 

دعم عربي وأوروبي

حتى الآن، تحظى مؤسسة تعزيز الحوار المتوسطي والأوروبي- العربي بدعم أطراف أوروبية مهمة على رأسها الحكومة الألمانية، كما عبَّر كليرك عن ثقتة بإلتحاق فرنسا بالركب. وتتوفر المؤسسة أيضاً على لجنة سياسيةرابط خارجي مستقلة لها ثقلها تدعم هذه العملية. وتتكون هذه اللجنة من 15 عضواً بينهم أنريكو ليتا، (رئيس الوزراء الإيطالي السابق)، والعديد من وزراء الخارجية السابقين مثل بينيتا فيريرو – فالدنر، هوبير فيدرين، عمرو موسى وغيرهم. كما يرتبط ميغيل أنخيل موراتينوس رئيس اللجنة (ووزير الخارجية الإسباني السابق) بعلاقة صداقة مع الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، بالإضافة إلى علاقاته الجيدة جداً مع الإتحاد الأوروبي. كذلك تلقت المؤسسة دعوة لتطوير مقترحاتها أمام البرلمان الأوروبي، وأمام السيدة فيديريكا موغيريني (مسؤولة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي) في نهاية شهر نوفمبر.

بدوره، أكد عبيدي حرص المؤسسة على إقامة تعاون بناء وإيجابي مع كل حكومات دول جنوب المتوسط وبقية الدول العربية. “لقد بدأنا اتصالاتنا مع بعض الدول العربية منذ سنتين، ونعمل الآن مع اللجنة السياسية التي تشكل الشق الثاني للمبادرة على لقاء كل المسؤولين في المنطقة العربية”.

وبِحَسب كليرك، أكدت حكومات المغرب وتونس ومصر مشاركتها في العملية، كما ثَبَتَت مشاركة لبنان والأردن، ومن المُحتمل مشاركة بعض دول الخليج أيضاً، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.

الصراع العربي الإسرائيلي

لعل أحد أهم العوامل التي أوصلت المبادرات السابقة إلى طريق مسدود هي الصراع العربي الإسرائيلي. ووفقاً لـكليرك، جاء اقتراح المؤسسة البدء بالعملية على مستوى المجتمع المدني لهذا السبب أيضاً. “علي مستوى المجتمع المدني والعالم الأكاديمي لا وجود لمشكلة فلسطينية – إسرائيلية. بإمكاننا أن نقابل أشخاصاً من فلسطين وإسرائيل أيضاً. نحن لا نطلب من المجتمع المدني في البلدين التعاون مع بعضهم البعض، بل نحاول التعرف على مشاكل المجتمع المدني. سوف نحدد المشاكل الجنسانية، وتلك المتعلقة بالطاقة، والمياه والعديد غيرها. لا يمكننا القول بأن هذه المشاكل إسرائيلية أو مصرية مثلاً، لكنها تخص المنطقة برمتها. نحن نمنح الحكومات سنتين عليهم أثناءها دَعم عمل الكتاب الأبيض وإعداد أنفسهم لاجراء المفاوضات وإيجاد إجابات على أسئلة مثل ‘هل سنناقش الموضوع حول طاولة مستديرة أو مربعة؟ مَن سيشارك؟ مَن سيكون المراقب؟’ وغير ذلك. وأعتقد أننا بمنحنا هذه الفترة للإجابة على هذه الأسئلة الجوهرية، فإننا إنما نعطي الفرصة للتغلب على هذه الصعوبات”.

إلى الآن، يجري كل شيء وفقاً لـ الجدول الزمنيرابط خارجي الذي وضعته المؤسسة لتطوير هذا الحوار العربي – الأوروبي الجديد، لكن ذلك لا يمنع من وجود العديد من العقبات، منها ما يتعلق بخارطة المجتمع المدني وصعوبة إيجاد من تحقق فيه مواصفات المجتمع المدني. “هذا أمر كنّا نتوقعه. ما نأمله هو العمل مع المجتمع المدني الذي هو قيد الإنشاء، ومع الحكومات لأن القطيعة بينهما قاتلة. لا قوام لدولة دون مجتمعها المدني ولا حياة لمجتمع مدني في ظل غياب الدولة. المجتمع المدني أصبح مكوناً أساسياً للدولة الحديثة، ونحن نسعى لدعمه وتطويره لكي نضمن بقاء الدولة وتحسين أدائها”، كما جاء في رد عبيدي على أسئلة swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية