مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السويسريون يُجازفون بخسارة منجم ذهب إسلامي

في مجال الصيرفة الإسلامية، لايزال الغرب متأخرا خلف مراكز مالية مثل سنغافورة وكوالالمبور ودبي والبحرين Keystone

ألقت خـُُطط عدد من الشركاء العرب لإنشاء مصرف إسلامي خاص في سويسرا الضوء على أهمية سوق غير مُستغلة إلى حد كبير؛ وهي سوق ثروات المُسلمين المودعة في البلدان الغربية.

ولئن كانت العديد من المصارف السويسرية تُقدم جملة من المُنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، فإنها لا تفعل سوى القليل للاستفادة من الأموال العربية التي تُدار في جنيف والتي تُقدر بـ 200 بليون دولار (199 بليون فرنك سويسري)، حسب متخصص في إدارة الأصول في جنيف.

أُفيد بأن بنك الكويت الوطني يتعاون مع شريك سعودي للسـّير على خـُطى بنك فيصل الخاص الذي أصبح في عام 2006 أول مؤسسة مالية إسلامية تُقام في سويسرا.

ويوضح جون سانويك، مدير إدارة الشركة السويسرية “أونكور” لإدارة الأصول في جنيف، أنه لا يوجد ببساطة ما يكفي من المنتجات المالية في الغرب التي تُخلق من أجل العملاء المسلمين.

ويضيف في تصريحاته لسويس انفو: “يبدو أن هناك شللا في المؤسسات على مستوى تطوير صناعة إدارة الأصول الإسلامية هنا. ولا يبدو أن هناك حماسا لتحويل الإدارة التقليدية للأصول إلى إدارة الثروات الإسلامية، والتي لا تتطلب سوى إدخال منتجات إسلامية”.

ويعتقد السيد سانويك أنه يتعين على السلطات السويسرية أن تحذو حذو بريطانيا والولايات المتحدة عن طريق توفير مبادئ توجيهية واضحة بشأن فرض الضرائب على المنتجات الإسلامية.

سوق متنامية

وتشير التقديرات إلى أن قيمة القطاع المصرفي الإسلامي، الذي شهد تضخما في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار النفط، تتراوح بين 500 و800 بليون دولار (497 و795 بليون فرنك سويسري). وتناهز نسبة نمو هذا القطاع 20% سنويا، وقد تبلغ قيمته آلاف المليارات في المستقبل القريب.

ومن المرجح أيضا أن تزدهر الثروات العربية المودعة في سويسرا والتي تقدر قيمتها 200 بليون دولار. ولئن لم تكن كل هذه الثروة تتطلب إدارة تتوافق مع أحكام الشريعة، إلا أن العديد من العملاء سيفضلون صندوقا إسلاميا إذا ما أتيح لهم الاختيار.

وقد حرصت كبريات المصارف السويسرية على التواجد في السوق المالية الإسلامية منذ سنوات عديدة تزامنا مع توسيع عملياتها في منطقة الشرق الأوسط.

وقد بدأ مصرف “كريدي سويس”، ثاني أكبر بنوك سويسرا، بتقديم حلول تتوافق مع الشريعة مُصممة على مقاس احتياجات العملاء. وعمل المصرف خلال العامين الماضيين على تركيز اهتمامه على هذا المجال إذ أنشأ مجلس خدمات تحترم الشريعة وفريق متخصصين في كل من زيورخ ونيويورك ولندن ودبي.

وفي توضيح لسويس انفو، قال مايكل فؤاد شاهين، الرئيس الدولي في كريدي سويس للتوزيع المصرفي الإسلامي: “بسبب التقييدات التي تفرضها تعاليم الشريعة في السوق الإسلامية، لم تكن جميع فئات الأصول متاحة بفعالية في السابق، وبالتالي فإنها لم تكن تنافسية مقارنة مع القطاع التقليدي”.

مخاوف من التأخر عن الركب

وسلط السيد شاهين الضوء على سوق سندات الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية كمثال على الكيفية التي تلحق بها المنتجات الإسلامية ركب السوق.

ويقول في هذا السياق: “إن تطوير الخدمات المصرفية الإسلامية اقتصر حتى الآن على البلدان التي تأوي نسبا أعلى من المسلمين، ولكن هذا الأمر يتغير بما أن عددا متزايدا من المُنظـِّمين الدوليين يقبلون أهمية الشريعة. كما أنها (الصيرفة الإٍسلامية) باتت مقبولة أيضا كصيرفة مسؤولة من الناحية الاجتماعية”.

من جهته، أعرب ساندويك عن قلقه لكون أن الغرب مازال متخلفا وراء مراكز مالية مثل سنغافورة وكوالالمبور ودبي والبحرين.

وقال في هذا الصدد: “إذا لم يـُبذل جهد على الإطلاق، أخشى أن يتجاوز العالم سويسرا في سباق السيطرة على الجائزة الثمينة: وهي تقدر اليوم بمئات المليارات، ولكنها ستصبح في المستقبل تريليونات من الدولارات من الثروة الإسلامية”.

سويس انفو – ماتيو آلن – زيورخ

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)

تحرِّم الشريعة الإسلامية الربا المتمثلة في دفع أو فرض الفائدة على الدين. ويلجأ التمويل الإٍسلامي، تفاديا للربا، إلى منتجات مثل سندات الصكوك التي تقوم على نظام تقاسم المكاسب الرأسمالية (الذي يعتمد مبدأ المشاركة والمرابحة).

تعترف كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بأن بعض المكاسب الرأسمالية من المنتجات الإسلامية معفاة من الضرائب، لكن معظم الدول الأوروبية لا تتبع هذا المبدأ.

تقتصر الاستثمارات على المنتجات التي تقرها الفتاوى. وتُحظر المنتجات المرتبطة بالقمار، والكحول والتبغ، والمواد الإباحية، وإنتاج لحم الخنزير.

لا يمكن تسمية المصارف السويسرية التي تقدم الخدمات المتوافقة والشريعة الإسلامية بـ “مصارف إسلامية”، إذ بإمكان المؤسسات المنحدرة من دول إسلامية فقط حمل ذلك الإٍسم.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية