مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صناديق البيتكوين في البورصة… كيف تنعكس على قطاع العملات المشفّرة السويسرية؟

البيتكوين تحتل عناوين الصحف
صناديق العملات الرقمية المشفَّرة تحتل عناوين الصحف في مختلف أنحاء العالم. © Keystone / Christian Beutler

بعد موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على إنشاء أوّل صندوق بيتكوين متداول في البورصة، ما هي الانعكاسات المتوقّعة على قطاع العملات الرقمية المشفَّرة السويسري الآخذ بالنموّ؟

منحت الهيئة المنظمة للقطاع المالي الأمريكي، وهي هيئة الأوراق المالية والتداولات الأمريكية، الضوء الأخضر، في شهر يناير الماضي، للمؤسسات المالية الرئيسية القائمة، مثل بلاكروك، لطرح الخدمات الاستثمارية المدعومة بالعملات الرقمية المشفَّرة إلى الأفراد، نساءً ورجالا.

وكان من غير المستغرب أن يؤدّي الخبر إلى زيادة الإقبال على العملات الرقمية المشفَّرة ورفع أسعارها. وفي هذه المقالة، يمعن موقع سويس إنفو (SWI Swissinfo.ch) النظر في النقاط الرئيسية الناجمة عن هذه التطوَّرات على الساحة المالية.

ما هي صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين؟

ظهرت صناديق الاستثمار المتداولة في بدايات تسعينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت وهي تلاقي رواجًا كبيرًا، حتى أضحت واحدة من أوسع منتجات الاستثمارات انتشارًا، وبات لها سوق تعادل قيمته بمليارات الدولارات.

وتتيح صناديق الاستثمار المتداولة للأفراد الاستثمار في طيف متنوع من الأصول، مثل أسهم الشركات والمعادن الثمينة، دون تكبُّد عناء شراء هذه الأصول وتخزينها.

+ سويسرا في مواجهة تحدي تحسين العُملة المشفّرة

تقوم الشركة التي تُدير الصندوق بهذه المهمة الصعبة (لقاء أجر مُحدَّد) بينما يقتصر دور المستثمرين والمستثمرات على شراء حصّة قد تُثمر عن ربح أو خسارة. ويمكن بيع هذه الحصة أو شراؤها بكلُّ يُسر في أسواق التداول (البورصات).

أمَّا العملات الرقمية المشفَّرة، فتتطلَّب دراية تقنية ووسائل مأمونة للحصول على كلمات مرور مشفَّرة، تعادل مفتاح الخزنة للأصول المادية، وحمايتها من السرقة أو الضياع. واليوم، باتت صناديق الاستثمار المتداولة، تملك الحلَّ لهذه المشكلة وتتيح للمستثمرات والمستثمرين فرصة التعامل بالبيتكوين بكل يُسر.

لماذا شهدت أسعار البيتكوين ارتفاعًا حادًّا؟

جاءت موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وهي أكبر سوق مالية في العالم، لتفتح الأبواب أمام أفواج جديدة من المستثمرات والمستثمرين، وتعزّز موثوقية العملات الرقمية المشفَّرة.

محتويات خارجية

وفي حديث أجرته سويس إنفو مع ديرك كلي، الرئيس التنفيذي لشركة سويس بيتكوين، وهي شركة سويسرية تتعامل بالعملات الرقمية المشفَّرة، أعرب ديرك عن رأيه بهذه التطورات. حيث قال إنّ “وجود منتج مالي يحظى بالشفافية ويخضع للتنظيم هو إنجاز هائل في قطاع العملات الرقمية المشفَّرة. فقد باتت البيتكوين الآن متاحة في الأسواق الضخمة، وأصبحت تُدار في شركات إدارة الأصول الممتازة مثل بلاكروك وفيدلتي. ويبرهن اعتماد هذه الشركات المؤثرة للبيتكوين على أن العملات الرقيمة المشفَّرة باتت منتجًا رئيسيًّا ولا يمكن التغافل عنه”.

وترى سينا ماير، رئيسة شركة “توينتي ون شيرز” (21Shares) في سويسرا، أنَّ قرار هيئة الأوراق المالية والتداولات الأمريكية أدّى إلى تهدئة المخاوف من البيتكوين التي كانت سائدة في عالم الأصول المالية التقليدية. فقد اعتمدت الهيئة صندوقًا استثماريًّا يتداول بالبيتكون أنشأته شركة “توينتي ون شيرز”، بالتعاون مع شركة آرك إنفست (ARK Inves)، وهي شركة أمريكية تستثمر في التكنولوجيا.

وأوضحت ماير في حديث مع سويس إنفو أنه “من الطبيعي أن يترقّب الجميع تقديم الولايات المتحدة الأمريكية توضيحات. وستشعر الجهات التي تقدّم الاستشارات المالية بأمان أكبر عند التعامل مع صناديق الاستثمار التي تتداول في البيتكوين ضمن إطار تنظيمي واضح تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية. وهي تعرف الآن أنها لن تواجه مشاكل إذا أشارت على العميلات والعملاء بشراء هذه المنتجات”.

هل أصبح البيتكوين الآن رهانًا مضمونًا؟

على غرار سائر الأصول الأخرى، من المُحتمل أن يفضي الاستثمار في البيتكوين إلى الخسارة. كما أنَّ سمعة العملات الرقمية المشفَّرة تشوبها كثرة تقلّب أسعارها؛ فلا تكاد أن ترتفع حتى تعاود الهبوط في وقت قصير.

ولم تأت موافقة هيئة الأوراق المالية والتداولات الأمريكية دون ترّدد. فقد سبق لها أن رفضت طلبات مشابهة على مدى السنوات القليلة الماضية. ولم تمنح الهيئة موافقتها إلَّا بعد أن أصدرت محكمة أمريكية حكمًا في أكتوبر الماضي قضت فيه أنَّ الهيئة تصرّفت على نحو غير عادل عندما رفضت أحد هذه الطلبات، مجبرة الهيئة على إظهار بعض المرونة في موقفها.

وحتَّى عندما أصدرت الهيئة موافقتها في 10 يناير، جاء في بيان الموافقة الصادر عن رئيسها غاري جينسلررابط خارجي أنّ” البيتكوين هو في المقام الأول أصل من أصول المضاربة ومتقلب، ويُستخدم أيضًا في الأنشطة غير المشروعة مثل الفيروسات الإلكترونية للمُطالبة بفدية، وغسيل الأموال، والتهرب من الجزاءات، وتمويل الجماعات الإرهابية”.

وبعد أن اشترطت الهيئة على شركات إدارة صناديق الاستثمار المتداول أن تُحسِن التصرُّف وأن تلتزم بالقواعد التي وضعتها الهيئة التنظيمية، أصبحت الآن مستعدة للسماح للأفراد، من الجنسين، باختبار الحظ والاستثمار في أصل لا تزال تعتقد بأن ضرره أكثر من نفعه.

كيف ستؤثّر الموافقة على سويسرا؟

 تُتاح خدمات التداول في البيتكوين التي أقرَّتها هيئة الأسواق المالية والتداولات فقط في السوق الأمريكية. وترى سينا ماير أن الإطار التنظيمي المختلف في الاتحاد الأوروبي يجعل طرح نفس المنتج الاستثماري في أوروبا أمرًا صعبًا.

إلَّا أنَّ منتجات مالية أخرى للعملات الرقمية المشفَّرة، مثل سندات الاستثمار المتداولة (ETNs)، مطروحة في سويسرا وأوروبا منذ عدة سنوات. وتتيح هذه المنتجات للأفراد الاستثمار في العملات الرقمية المشفَّرة دون الحاجة إلى امتلاكها.

وعلى المدى الطويل، يُحتمل أن يُحدث قرار هيئة الأوراق المالية والتداولات الأمريكية تأثيرًا غير مباشر على قطاع العملات الرقمية المشفَّرة في سويسرا بفضل زيادة الإقبال على هذه العملات واعتمادها. وفي تلك الأثناء، تعمل سويسرا على تطوير قطاع العملات الرقمية والبلوكشين المحلي، ويُسوِّق هذا القطاع خدماته تحت شعار “الأمة الرقمية”، ويضم أكثر من 1000 شركة، ويوفّر نحو 6000 وظيفة.

في سويسرا أيضًا يتزايد عدد البنوك التقليدية التي تقدّم للعملاء والعميلات خدمات التداول والاستثمار في العملات الرقمية، ومنها البنوك المحلية في تسوغ ولوتسيرن وسانت- غالن، بالإضافة إلى الذراع المالي للبريد السويسري.

مَن يستثمر في البيتكوين في سويسرا؟

شهد تطبيق “ريلاي” (Relai) للتداول بالبيتكوين نمواً في أعماله خلال الأشهر الأربعة الماضية، فقد ظلَّت أسعار العملات المشفرة تتعافى دون انقطاع خلال هذه الفترة.

+ ثورة البيتكوين تدفع الفرنك السويسري نحو العملة الرقمية

ويبلغ حجم التداول في هذا التطبيق نحو 30 مليون فرنك سويسري شهريًّا، فيما يبلغ عدد المشتركات والمشتركين نحو 300  ألف نسمة. ووفقًا للرئيس التنفيذي جوليان لينيغر، فإن مبلغ الاستثمار الفردي يتراوح بين 200 و250 فرنكًا سويسريًا، بينما يستثمر البعض مبلغًا أكبر بكثير يفوق في بعض الحالات 10 آلاف فرنك سويسري.

وصرَّح السيد لينيغر، في مقابلة أجرتها معه سويس إنفو، بأنَّ غالبية العملاء هم من الذكور من الفئة العمرية بين 25 و35 عامًا، وأنّ هدفهم هو الاستثمار لمدّة عام واحد على الأقل.

وتبعث العملات الرقمية المشفَّرة على الإعجاب والقلق على حد سواء. وكان هذا الشكل الرقمي المتمرّد من النقود قد انبثق كتحدٍ صارخ للنظام المالي التقليدي، وغالبًا ما ترتبط هذه العملة الجديدة بغسل الأموال وأعمال الاحتيال. وتعتقد سينا ماير، رئيسة شركة “تونتي ون شيرز” في سويسرا، أنَّ موافقة هيئة الأوراق المالية، والتداولات الأمريكية التي تسمح لصناديق الاستثمار بالتداول في البيتكوين من شأنها أن تعزِّز مصداقية القطاع.

ترجمة: ريم حسونة

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي/أم

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية