
صحيفة سويسرية: نجل القذافي الذي تسبب في أزمة الرهائن السويسريين يطلب اللجوء إلى جنيف

سلطت الصحف السويسرية الضوء على ثلاث ملفات ساخنة في الشرق الأوسط: التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران وما ينطوي عليه من مخاطر اندلاع حرب نووية، المواقف الحذرة التي تتبناها الدول العربية تجاه هذا النزاع، بالإضافة إلى طلب هانيبال القذافي اللجوء إلى سويسرا، وهو الذي أحدث سابقا أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين سويسرا وليبيا.
نشرت صحيفة بليك السويسرية تقريرًا مفصلاً عن طلب هانيبال القذافي، نجل الدكتاتور الليبي السابق معمر القذافي، اللجوء إلى سويسرا بعد 15 عامًا من تسببه في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين.
يبدأ التقرير بالإشارة إلى المفارقة التاريخية بالقول: “من المستفز إلى المتوسل؟ بعد خمسة عشر عامًا من تسببه في أزمة دبلوماسية خطيرة بين سويسرا وليبيا، يطلب هانيبال القذافي (49 عامًا)، الذي لا يزال سجينًا في لبنان، المساعدة – من سويسرا.”
ويستعرض الكاتب سيد أحمد حموش تفاصيل الأزمة التي اندلعت عام 2008، عندما اُعتقل هانيبال في جنيف للاشتباه في إساءة معاملة اثنين من العاملين المنزليين. وقد أدى هذا الحادث إلى ردود فعل عنيفة من طرابلس، بما في ذلك التهديد بخفض إمدادات النفط، وإغلاق السفارة السويسرية.
+ اشترك.ي في نشرتنا الإخبارية حول التغطية السويسرية للشؤون العربية
ويشير التقرير إلى أن النظام الليبي آنذاك قام باحتجاز رجليْ أعمال سويسريين كرهائن لمدة تقارب العامين، مما اضطر الرئيس السويسري آنذاك هانز-رودولف ميرتس إلى السفر إلى ليبيا والاعتذار علنًا، في خطوة عُدّت إهانة لسويسرا.
وينتقل الكاتب إلى الوضع الحالي، موضحًا: “اليوم، لا تملك عشيرة القذافي دولة ولا جيشًا ولا سفارات. قُتل الأب معمر القذافي عام 2011 على يد حشد غاضب، وسقط نظامه على يد الثورات العربية، وحلف الناتو. وولي العهد السابق يقبع اليوم، شبه منسي، في السجن.”
ويوضح التقرير أن هانيبال القذافي محتجز في لبنان منذ عام 2015 دون محاكمة، في إطار التحقيقات المتعلقة باختفاء الإمام الشيعي موسى الصدر عام 1978، رغم أن القذافي كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط وقت الحادث.
وحول طلب اللجوء إلى سويسرا، يشير التقرير إلى أن أفراد عائلة القذافي، ومصادر لبنانية متعددة أكدوا رغبته في تقديم طلب لجوء إلى جنيف. ويضيف: “في المدينة التي عاش فيها حياة باذخة في مطلع الألفية: مع الفنادق الفاخرة، والسيارات الرياضية، وحرس شخصي.”
ويشير الكاتب إلى أن السلطات السويسرية ترفض التعليق على هذه المسألة، مؤكدة أنها تدرس كل طلب لجوء بشكل فردي وفقًا للأحكام القانونية السارية.
ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن مصير نجل القذافي لم يُحسم بعد: “الواضح أن قضية هانيبال القذافي لم تنته بعد. ما يزال مصيره مرتهن بالتحركات الجيوسياسية بين ليبيا ولبنان والقوى المؤثرة مثل الولايات المتحدة.”
(المصدر: صحيفة بليكرابط خارجي، 12 يونيو 2025، بالألمانية)
“الهجوم على إيران يعزز النزعة القومية ويقوّض القانون الدولي”
حذّرت صحيفة بليك من تصاعد خطير في المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، مستعرضة وجهة نظر السفير السويسري السابق في طهران، تيم غولديمان، الذي يرى في الهجوم الإسرائيلي انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي، إضافة إلى كونه خطوة مشكوكًا فيها من الناحية الاستراتيجية.
وتنقل الصحيفة عن غولديمان تحليله المفصل للوضع الراهن والتداعيات المحتملة للتصعيد العسكري بين البلدين. ويبدأ غولديمان بتوضيح رد الفعل الشعبي في إيران تجاه الهجمات الإسرائيلية، قائلاً: “إن الهجوم الخارجي على إيران لا يثير الفرح لدى كثير من الإيرانيين والإيرانيات – حتى لو كان النظام غير محبوب للغاية”.
ويرجع السفير السابق هذا الموقف إلى عوامل تاريخية ونفسية عميقة في الوعي الإيراني، حيث ما تزال ذكرى الهجوم العراقي بقيادة صدام حسين عام 1980 حاضرة في أذهان الكثيرين. ويضيف أن هذه الخلفية التاريخية تدفع السكان اليوم إلى تبني موقف قومي أكثر من كونه معارضًا للنظام عند مواجهة تهديد خارجي.
وينتقل غولديمان بعد ذلك إلى تحليل الموقف من منظور القانون الدولي، مؤكدًا أن الهجوم الإسرائيلي يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي. ويعبر عن قلقه العميق إزاء عدم وجود رد فعل حازم من قبل الدول الغربية تجاه هذا الانتهاك، معتبرًا ذلك أمرًا كارثيًا على المدى الطويل. ويقول في هذا السياق: “إذا لم نعلن أن القانون الدولي قد انتُهك هنا، فإننا نتخلى عنه فعليًا – ونقبل بحق الأقوى”. ويرى غولديمان أن ذلك يمهّد لمزيد من التجاوزات المستقبلية.
(المصدر: صحيفة بليكرابط خارجي، 17 يونيو 2025، بالألمانية)
خطر التصعيد النووي بين إيران وإسرائيل قائم لكن محدود
حذر ثلاثة خبراء سويسريين من مخاطر التصعيد في الصراع بين إيران وإسرائيل، رغم استبعاد اندلاع حرب نووية وشيكة. جاء ذلك في تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (SRF)، استنادًا إلى نقاش شارك فيه كل من راينهارد شولتسه، عالم الدراسات الإسلامية من جامعة برن، ورولاند بوب، خبير الأمن في أكاديمية زيورخ العسكرية، ودانا لانداو، باحثة السلام من مؤسسة “سويس بيس”.
شولتسه أشار إلى أن إيران لا تملك أسلحة نووية على الأرجح، لكن استعراضها للصواريخ الثقيلة قبل الضربة الإسرائيلية كان بمثابة محاولة لردع محتمل. من جانبه، أكد بوب أن الادعاءات حول سعي إيران لتطوير سلاح نووي تفتقر إلى أدلة قاطعة، وأن تدخل روسيا أو الصين إلى جانب طهران مستبعد.
أما لانداو، فلفتت إلى أن تردد الغرب في إدانة أفعال إسرائيل يُضعف مصداقيته، ويعزز اتهامات ازدواجية المعايير، لا سيما عند مقارنة الموقف من أوكرانيا بالملف الإيراني.
ورغم استبعاد نشوب مواجهة نووية، يرى الخبراء أن استمرار التصعيد قد يدفع إيران لتسريع برنامجها النووي، ما سيقلب موازين القوى الإقليمية.

العرب: بين الحذر والعجز
ناقشت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ وموقع الإذاعة والتلفزيون السويسري العمومي (RTS)، ردود فعل الدول العربية من الهجوم الإسرائيلي على إيران ، حيث تسود مواقف حذرة تتجنب الانخراط المباشر في صراع قد يجرّ المنطقة إلى حرب شاملة.
ففي بيروت، وصف دانيال بوم، مراسل صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ مشهدًا ليليًا في مطعم جبلي، حيث تابع الحضور سقوط الصواريخ الإيرانية ومحاولات اعتراضها من قبل إسرائيل كما لو كان عرضًا ناريًا، وسط قلق من احتمال انجرار حزب الله إلى المواجهة. وأشار إلى أنه رغم إعلان الحزب النأي بالنفس، تبقى المخاوف قائمة من ضغوط إيرانية لدفعه إلى التدخل.
وكما هو الحال في لبنان، تحاول القيادة العراقية إبقاء البلاد خارج الحرب. لكن الأمر ليس سهلًا، إذ تستخدم القوات الجوية الإسرائيلية المجال الجوي فوق بغداد في هجماتها على إيران. وقد قدمت القيادة العراقية بالفعل شكوى إلى الإدارة الأمريكية بهذا الشأن.
وفي الخليج، يُعد التصعيد كابوسًا استراتيجيًا، خصوصًا للسعودية، التي تراهن على الاستقرار لتنفيذ خططها الاقتصادية. و تخشى دول الخليج من أن تمتد تداعيات الصراع إليها، عبر إغلاق مضيق هرمز أو استهداف منشآت نفطية أو القواعد الأمريكية في قطر. ورغم التوتر القائم، فإن الرياض لن تندم على إضعاف إيران، إذ ترى في ذلك مصلحة غير معلنة رغم التقارب الظاهري، وفق الصحيفة.
وفي هذا السياق أوضحت الخبيرة السياسية ميريام بن رعد في حديث لموقع الإذاعة والتلفزيون السويسري العمومي أن هناك “إجماعًا ضمنيًا” بين عدد من الدول العربية لتفادي التصعيد. وترى أن طموحات نتنياهو بشأن تغيير النظام في طهران تذكّر بسياسات بوش الابن في العراق، التي لم تعد تحظى بقبول إقليمي أو دولي: “إن منظور نتنياهو يذكرنا بمنظور إدارة جورج دبليو بوش، عندما تحدث في عام 2003، عشية حرب العراق، عن ‘الشرق الأوسط الكبير’، بما يفيد إعادة تشكيل التوازنات في هذه المنطقة بشكل جذري لخلق الديمقراطية والسلام، أو بالأحرى السلام التجاري”.
وتشير إلى أن الدول الأكثر انتقادا لإيران، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، لا ترغب في تغيير النظام في طهران، خشية أن يؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات إقليمية مماثلة لتلك التي حدثت بعد غزو العراق في عام 2003.
وتشير ابن رعد إلى أن واشنطن لم تعد راغبة في قيادة التوازنات الإقليمية، ما يترك فراغًا يحاول العرب ملؤه بسياسة “الواقعية”: إدانة شكلية، دعم للفلسطينيين، ورفض لانهيار إيران خشية الفوضى، وفق الموقع.
(المصادر: صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ،رابط خارجي 15 يونيو 2025، بالألمانية؛ موقع الإذاعة والتلفزيون السويسري العموميرابط خارجي، 16 يونيو 2025، بالفرنسية)
يمكنك الكتابة لنا عبر هذا العنوان الإلكتروني إذا كان لديك رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
موعدنا الجمعة 27 يونيو مع عرض صحفي جديد.
مراجعة : فريق القسم العربي
للاشتراك في النشرة الإخبارية:

المزيد
للاشتراك في العرض الصحفي الأسبوعي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.