الجدل يتصاعد في إسرائيل بعد تسريب فيديو يظهر تعذيب معتقل فلسطيني
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع تطورات قضيتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بتسريب فيديو يُظهر انتهاكات ضد معتقلين فلسطينيين، والثانية تركز على التداعيات الإنسانية لسقوط مدينة الفاشر، بالإضافة إلى الاتهامات المتعلقة بتحويل الذهب السوداني المهرب عبر الإمارات إلى مصدر تمويل للحرب، مع إمكانية وصوله إلى سويسرا.
تسريب يهزّ إسرائيل: بين كشف التعذيب والاستثمار السياسي
شهدت إسرائيل الأسبوع الماضي فضيحة غير مسبوقة فجرتها يِفعات تومر–يروشالمي، المدّعية العسكرية العامة السابقة في الجيش الإسرائيلي، بعد اعترافها بتسريب مقطع مصوّر من سجن سديه تيمان، يُظهر، وفق تقارير إعلامية، اغتصاباً جماعياً لأحد المعتقلين الفلسطينيين من قِبل جنود إسرائيليين.
وذكرت الصحيفة أن هذه الفضيحة هزّت أهم مؤسسات الدولة – من الجيش إلى القضاء والسياسة. وأوضحت أن تومر–يروشالمي اعترفت بأنها سمحت بتسريب الفيديو إلى الإعلام لأنها اعتبرت أن “القضاء العسكري يفتقر إلى الإرادة” للتحقيق في الحادثة. وكتبت في رسالة استقالتها أنها أرادت “فضح الدعاية الكاذبة ضد سلطات الادعاء العسكري”، مؤكدة أن “من واجب السلطات، عند كل شبهة معقولة بوقوع عنف ضد المعتقلين، أن تفتح تحقيقًا”. وأضافت: “للأسف، لم يعد هذا المبدأ الأساسي مقنعًا للجميع، بأن هناك أفعالًا لا يجوز ارتكابها بحق السجناء “.
لم يعد النقاش العام يدور حول تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، بل حول احتمال أن المدّعية العسكرية أتلفت الأدلة حول علاقتها بالقضية.
صحيفة تاغيس أنتسايغير
وأشارت الصحيفة إلى أن تومر–يروشالمي أٌُبٌلغ عن فقدانها يوم الأحد، بعدما عثرت ابنتها على رسالة يُحتمل أنها رسالة وداع. وعُثر عليها لاحقًا عند شاطئ شمال تل أبيب بملابس مبلّلة، لكن من دون هاتفها المحمول. وتشتبه الشرطة في أن محاولة الانتحار كانت خدعة لإخفاء الجهاز، الذي قد يحتوي على أدلة تُستخدم ضدها في سياق تحقيقات جنائية.
وتُواجه تومر–يروشالمي تهماً تتعلق بالاحتيال وسوء استخدام المنصب، وعرقلة سير العدالة وتسريب معلومات سرية، وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية.
ورأت الصحيفة أن القضية كانت بمثابة “هدية سياسية” لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه، إذ نقلت عن الباحث الإسرائيلي شمولي روزنر إن نتنياهو “يمكنه استغلال القضية لكشف نفاق النظام القضائي برمّته، وهو أمر مهم جدًا لحكومته”، كما يمكنه “إلقاء اللوم بشأن تدهور صورة إسرائيل عالميًا على المدّعية العسكرية وحدها”، واصفًا إياها بأنها “كبش فداء مفيد”.
وفي المقابل، ركّزت صحيفة تاغيس أنتسايغير على مضمون الفيديو المسرّب، الذي يُظهر، وفق الصحيفة، أكثر من عشرين معتقلاً فلسطينيًا ممددين على الأرض، وجوههم للأسفل، قبل اقتياد أحدهم خلف حاجز يُشتبه أنه استخدم لحجب الاعتداء الجنسي عليه من قِبل الجنود. وبحسب تقارير إعلامية، نُقل الضحية إلى المستشفى في حالة حرجة. وأُوقف خمسة جنود على خلفية الحادثة.
وأشارت الصحيفة إلى أن خمسة منظمات حقوقية إسرائيلية، منها أطباء من أجل حقوق الإنسان واللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، قدّمت تقريرًا إلى لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، يفيد بأن “التعذيب تحوّل إلى أداة واعية ومنتشرة في سياسة الدولة”، ويُمارَس “على مدار عملية الاعتقال بأكملها – من التوقيف إلى الاستجواب وحتى الاحتجاز – ويستهدف الفلسطينيين”.
وجاء في التقرير أيضًا أن “العنف يشمل الضرب، الحرمان من النوم، إجبار المعتقلين على الجلوس في أوضاع تعذيب، وتعريضهم لبرودة شديدة أو إضاءة قوية دائمة، والتهديد بأذى لأفراد عائلاتهم، وكذلك التحرش والاغتصاب باستخدام أدوات”. وأفاد أن “كل هذه الانتهاكات تحصل في ظل إفلات تام من العقاب”. كما أورد أن أكثر من 40 فلسطينيًا توفوا في السجون الإسرائيلية بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2025، بينهم قاصر.
وذكّرت الصحيفة بأن سجناً في سديه تيمان تعرّض لهجوم من قبل مجموعة يمينية متطرفة في صيف 2024، سعت لمنع فتح تحقيق في الانتهاكات، وأن أحد نواب حزب الليكود اقتحم القاعدة العسكرية التي تحوّلت إلى مركز احتجاز.
واختتمت الصحيفة بالقول “لم يعد النقاش العام يدور حول تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، بل حول احتمال أن المدّعية العسكرية أتلفت الأدلة حول علاقتها بالقضية”.
(المصادر: صحيفة نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 3 نوفمبر 2025؛ صحيفة تاغيس أنتسايغيررابط خارجي، 4 نوفمبر 2025 – بالألمانية)
السودان: سقوط مدينة الفاشر ومخاوف من تدفق الذهب السوداني إلى سويسرا
قدمت تغطيتا صحيفتي بازل أونلاين ولوتون زاويتين مختلفتين لمأساة السودان المتفاقمة: الأولى ترصد أبعاد الكارثة الإنسانية الميدانية في مدينة الفاشر، بعد سقوطها بيد قوات الدعم السريع. والثانية تكشف الدوافع الاقتصادية الخفية للحرب، حيث أصبح الذهب السوداني وقودًا لصراعٍ إقليمي تصل آثاره إلى سويسرا.
ففي تقريرها حول الوضع الميداني في السودان، توضح صحيفة بازل أونلاين أن الحرب اندلعت بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في أبريل 2023. ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 40 ألف شخص، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
الذهب يُستخدم كمورد أساسي لتمويل الحرب في السودان.
صحيفة لوتون
وتشير الصحيفة إلى أن مدينة الفاشر في دارفور سقطت أواخر أكتوبر 2025 بيد قوات الدعم السريع، بعد حصار دام نحو 18 شهرًا، ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في المنطقة. ووفقًا لمنظمات إغاثية، وجد آلاف المدنيين أنفسهم عالقين في ظروف بالغة الصعوبة، مع تعذّر الوصول إلى “مخيم طويلة” الذي يبعد نحو 65 كيلومترًا. وبحسب المجلس النرويجي للاجئين، لم يتمكن من الوصول إلى المخيم سوى أقل من ستة آلاف نازح، رغم توقعات سابقة بوصول مئات الآلاف. وأكد المجلس :
“إن بقي أشخاص في الفاشر، فسيكون من الصعب جدًا عليهم البقاء على قيد الحياة.”
ووفقًا لشهادات لاجئين، تعرّض بعض الفارين لإطلاق نار من قبل مسلحين أثناء الهروب، ووصل العديد منهم.نّ مصابين.ات أو في حالة من الجفاف والانهيار. كما أُفيد بوصول نحو 170 طفلًا دون مرافقة، بعضهم بعمر ثلاث سنوات فقط.
ونقلت الصحيفة عن عماد الدين عدوي، السفير السوداني في القاهرة، اتهامه قوات الدعم السريع بارتكاب فظائع في الفاشر، وطالب المجتمع الدولي بتصنيفها منظمة إرهابية. كما كرّر اتهام الحكومة السودانية للإمارات بأنها قدّمت أسلحة لقوات الدعم السريع، وهو ما نفته الإمارات.
أما صحيفة لوتون، فقد تناولت المسار المالي الخفي للنزاع، مركّزة على دور الذهب السوداني كأداة تمويل رئيسية للحرب، يٌشتبه في تهريبها إلى الإمارات قبل أن تصل إلى دول مثل سويسرا. وأفادت الصحيفة أن الذهب يُستخدم كمورد أساسي لتمويل الحرب، وأن دولة الإمارات استوردت 29 طنًا من الذهب السوداني في 2024، مقارنة بـ17 طنًا في 2023، وفقًا لبيانات جمركية رصدتها منظمة سويس إيد السويسرية. وقالت الصحيفة إن الإمارات تُعيد تصدير هذا الذهب إلى أسواق عالمية. وأشار التقرير أن سويسرا، استوردت خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025 نحو 316 طنًا من الذهب الإماراتي، بقيمة 27 مليار فرنك سويسري، أي ضعف المعدل السنوي المعتاد.
قال مارك أوميل، مسؤول المواد الأولية في المنظمة:”مخاطر وصول الذهب السوداني أو القادم من دول تشهد نزاعات إلى سويسرا مرتفعة للغاية.”
رغم ذلك، أقرّ أوميل بأنه لا توجد أدلة قطعية على أن الذهب السوداني وصل إلى سويسرا، مشيرًا إلى أن الذهب غالبًا ما يُصهر أو يُكرّر في دبي، ما يجعل تحديد مصدره الأصلي أمرًا صعبًا.
من جانبها، أكدت أمانة الدولة للاقتصاد أنها لا تستطيع ضمان تحديد المصدر الفعلي للذهب المستورد، إذ يُعتمد بلد الصهر أو التكرير كبلد منشأ جمركيًا.
وأفادت الصحيفة أن منظمة سويس أيد طالبت السلطات السويسرية بتتبع سلسلة التوريد بشكل أفضل. وأشارت إلى شركة فالكامبي، أكبر مصفاة ذهب في سويسرا، والتي تستورد الذهب من دولة الإمارات. وقالت الشركة إنها لا تتعامل إلا مع مصافي إماراتية محددة ومعتمدة.
أما شركة فالكامبي ، فقالت إنها لا تستورد الذهب من أفريقيا أو من دول خاضعة لعقوبات، وإنها تطلب شهادات منشأ من مورّديها. وانتقد مدير عملياتها، سيمونه كنوبلاوخ، ما وصفه بـ”الهوس” بالإمارات.
(المصادر: بازل أونلاينرابط خارجي، 2 نوفمبر 2025، بالألمانية،صحيفة لوتونرابط خارجي، 5 نوفمبر 2025، بالفرنسية)
مقالاتنا الأكثر قراءة هذا الأسبوع:
رهائن إسرائيليون يكشفون تفاصيل احتجازهم 737 يومًا في أنفاق غزة
كيف أصبح الهالوين جزءًا من الثقافة السويسرية؟
كيف ترتسم العلاقة بين الديمقراطية ونظام تعددية الأطراف عام 2025؟
موعدنا يوم الجمعة 14 نوفمبر مع عرض صحفي جديد.
يمكنك الكتابة لنا على العنوان الإلكتروني إذا كان لديك رأي أو انتقاد أو اقتراح لموضوع ما.
مراجعة: فريق سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.