رجل في الأخبار-رحلة صعود الشرع من الجهاد العالمي إلى رئاسة سوريا وزيارة البيت الأبيض
من توم بري وتيمور أزهري
(رويترز) – يحل الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الاثنين ضيفا على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض في تتويج لصعود سياسي كبير تحول خلاله من مقاتل في تنظيم القاعدة إلى رئاسة سوريا.
وسيكون اللقاء محطة مفصلية لرجل انضم إلى تنظيم القاعدة في العراق إبان الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وقضى سنوات في سجن أمريكي هناك قبل أن يعود إلى سوريا للانضمام إلى المعارضة المسلحة ضد الرئيس بشار الأسد.
والشرع أول رئيس دولة سوري يزور البيت الأبيض منذ استقلال سوريا عن فرنسا عام 1946، وعُرف الشرع لفترة طويلة باسم أبو محمد الجولاني وهو اسمه الحركي حين كان قائدا لجبهة النصرة، وهي جماعة قاتلت قوات الأسد وظلت لسنوات جناحا رسميا لتنظيم القاعدة في الصراع بسوريا.
وقطع الشرع صلته بتنظيم القاعدة في عام 2016، وأعاد تدريجيا تقديم الجماعة التي يقودها على أنها جزء من المعارضة السورية وليست الحركة الجهادية العالمية.
وقبل الاجتماع يوم الاثنين، أزالت الولايات المتحدة اسم الشرع من قائمة “الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص”.
* ترامب: الشرع “قائد حقيقي”
تخلى الشرع عن زي القتال وبدأ في استخدام الملابس الرسمية وربطات العنق بعد دخوله دمشق كحاكم فعلي لسوريا في ديسمبر كانون الأول 2024، ووعد بإقامة نظام عادل يشمل الجميع بدلا من نظام الأسد الذي وصم بإجراءات شرطية وحشية.
وحدد الشرع أولويات تشمل إعادة توحيد سوريا وإنعاش الاقتصاد الذي تكبله العقوبات وإخضاع السلاح لسلطة الدولة. وحظيت إدارته بدعم كبير من تركيا والسعودية وقطر، ثم حصل على دعم من ترامب خلال لقاء غير متوقع جمعهما في الرياض في مايو أيار.
وقال ترامب للصحفيين في ذلك الوقت بعد لقائه بالشرع إن الرئيس السوري “لديه الإمكانات، إنه قائد حقيقي”. وأضاف أن الشرع، الذي وصفه بأنه شاب يتمتع بشخصية جذابة وله ماض حافل، “لديه فرصة حقيقية للسيطرة على الأمور”.
وزيارة واشنطن هي الثانية للشرع إلى الولايات المتحدة منذ توليه رئاسة سوريا، وذلك بعد زيارة في سبتمبر أيلول ألقى خلالها كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ليصبح أول زعيم سوري يُلقي مثل هذه الكلمة منذ عقود.
ومع ذلك لا يزال الشرع يكابد من أجل تحقيق أهدافه. فبينما أعلن ترامب إنهاء عقوبات أمريكية على سوريا في مايو أيار لم تُرفع العقوبات الأشد قسوة بعد، إذ يحتاج ذلك موافقة الكونجرس، مما يعيق الاستثمارات التي تمس الحاجة إليها.
وشهدت سوريا اندلاع موجتين كبيرتين من أعمال العنف في عهد الشرع بين مقاتلين سنة موالين للحكومة ومجموعات من الأقليات، مما شكل اختبارا لتعهد بحماية حقوق الأقليات وبناء نظام جديد يشمل الجميع.
وفي مارس آذار، قُتل أكثر من ألف علوي في هجمات شنها مسلحون سنة ردا على هجمات مزهقة للأرواح استهدفت قوات الأمن وشنها ضباط سابقون موالون للأسد المنتمي للطائفة العلوية.
وتحدث تقارير عن مقتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من الدروز، في يوليو تموز في أعمال عنف بين قوات حكومية ومقاتلين بدو متحالفين معها وبين مجموعات درزية في السويداء.
وتعهد الشرع بمحاسبة المسؤولين عن العنف.
وأعلنت إسرائيل، التي عبرت عن تشككها بسبب جذور الشرع الجهادية، مناطق محظورة على القوات الحكومية في جنوب سوريا. وقصفت إسرائيل سوريا متذرعة بحماية الدروز، واقترب القصف مرتين من القصر الرئاسي السوري.
واحتفظت قوات يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا بأسلحتها، سعيا للحفاظ على الحكم الذاتي الذي تأسس خلال الصراع السوري. واتهمت دمشق بالسعي لمركزية السلطة مرة أخرى، وهي مخاوف أججها الدستور المؤقت الذي ركز السلطة في يد الشرع.
*الشريعة الإسلامية
وصف الشرع هزيمة الأسد بأنها “نصر من الله”.
وتجنب أسئلة المحاورين حول ما إذا كان يعتقد أن سوريا يجب أن تطبق الشريعة الإسلامية، قائلا إن ذلك متروك للخبراء. وأبقت سوريا الفقه الإسلامي المصدر الأساسي للتشريع في الإعلان الدستوري الذي صدر في مارس آذار.
واستند الشرع إلى الشرعية الثورية لتنصيبه رئيسا مؤقتا. ووعد بإجراء انتخابات لكنه قال إن سوريا تحتاج إلى خمس سنوات لتنظيمها على النحو الصحيح.
وفي مقابلة أجرتها معه رويترز في القصر الرئاسي في مارس آذار، أكد الشرع عزمه على طي صفحة حكم الأسد.
وقال “يضيق قلبي في هذا القصر. في كل زاوية منه، استغرب كيف خرج كل هذا الشر منه تجاه هذا المجتمع”.
ووُلد الشرع في السعودية، حيث أمضى السنوات الأولى من حياته قبل أن ينتقل إلى سوريا. كان والده ينتمي للتيار القومي العربي، وهي أيديولوجية تتعارض مع الإسلام السياسي الذي يتبناه الشرع.
وفي حديث عام 2011 لبرنامج “فرونت لاين” بهيئة الإذاعة العامة الأمريكية، قال الشرع إنه تأثر بالانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي والتي بدأت عام 2000.
وعاد إلى سوريا من العراق فور اندلاع الانتفاضة في سوريا، مرسلا من طرف أبو عمر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق الذي كان يتبع تنظيم القاعدة آنذاك، لتعزيز وجود القاعدة.
* آراء حول أحداث 11 سبتمبر
أجرى الشرع أول مقابلة إعلامية له عام 2013 وقد تلثم بوشاح وأدار ظهره للكاميرا، وقال لقناة الجزيرة إنه يجب إدارة سوريا وفقا للشريعة الإسلامية.
وفي حديثه لبرنامج “فرونت لاين” عام 2021، واجه الكاميرا مرتديا قميصا وسترة. وقال إن تصنيفه إرهابيا غير منصف، وإنه يعارض قتل الأبرياء.
وعندما سُئل عن رأيه في هجمات 11 سبتمبر أيلول وقت وقوعها، قال الشرع إن أي شخص في العالم العربي أو الإسلامي يقول “إنه لم يكن سعيدا يكذب، لأن الناس شعروا بظلم الأمريكيين في دعمهم للصهاينة، وسياساتهم تجاه المسلمين عموما، ودعمهم الواضح والقوي للطغاة في المنطقة”.
وأضاف “لكن الناس يندمون على قتل الأبرياء، بالتأكيد”.
وأدرجت الولايات المتحدة الشرع على قوائم الإرهاب في 2013.
وأشار الشرع إلى أن جبهة النصرة لم تشكل يوما تهديدا للغرب.
(إعداد أميرة زهران للنشرة العربية – تحرير محمود رضا مراد)