The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

رجل في الأخبار -مسعود بارزاني يسعى عبر الانتخابات لتعزيز موقف إقليم كردستان في المفاوضات مع بغداد

reuters_tickers

بغداد (رويترز) – لا يزال مسعود بارزاني الزعيم الكردي العراقي الذي حمل السلاح لأول مرة ضد صدام حسين عندما كان شابا صغيرا شخصية بارزة على الساحة السياسة الكردية، مع اقتراب العراق من الانتخابات المقررة في 11 نوفمبر تشرين الثاني.

ورغم أنه لم يعد يشغل منصبا رسميا، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامته يحث الأكراد على المشاركة بقوة في الانتخابات من أجل حماية مصالح الإقليم وتعزيز موقفه في المفاوضات الشائكة مع بغداد.

وتأثرت مسيرة بارزاني السياسية بعقود من التمرد والخيانة والتفاهمات الهشة مع الحكومات العراقية المتعاقبة. والآن، وهو في أواخر السبعينيات من عمره، لا يزال يتمتع بنفوذ من خلف الكواليس وكثيرا ما يشار إليه “بالرئيس” في الإعلام والأوساط الدبلوماسية الكردية.

ويبدو أن إرثه حاضر غائب في الأفق في السباق على مقاعد البرلمان الوطني في بغداد، وهو سباق قد يؤدي إما إلى تعزيز الحكم الذاتي الكردي أو الكشف عن ندوب عميقة داخل المشهد السياسي الكردي.

ومن شأن الأداء القوي للحزب الديمقراطي الكردستاني أن يمنح معسكر بارزاني موقفا أقوى في الخلافات مع الحكومة المركزية بشأن عائدات النفط ومخصصات الموازنة، وهي أمور أدت إلى تصاعد التوتر بين أربيل وبغداد بشكل حاد في عام 2025.

أما الأداء الضعيف فمن شأنه أن يعطي نفوذا لأطراف كردية منافسة ويعزز موقف الحكومة المركزية.

* من مقاتل وسط الجبال إلى مفاوض سياسي

تميزت مسيرة بارزاني الطويلة بالدهاء والصبر، وهي صفات ساعدت الأكراد في شمال العراق على النجاة من الوحشية في عهد صدام.

وفي أعقاب حرب الخليج عام 1991، انتفض الأكراد ضد دكتاتورية صدام ونزل بارزاني ومقاتلو البشمركة التابعون له من الجبال وسيطروا على عدة مدن.

لكن الحلفاء المنتصرين بقيادة الولايات المتحدة بدوا غير متقبلين لإمكانية انفصال الأكراد عن بغداد وتركوا في البداية لقوات صدام حرية التصرف لقمع الانتفاضة.

ومن أجل التعامل مع الهزيمة الاستراتيجية، اضطر بارزاني المعروف بهدوئه إلى اتخاذ خطوة غير متوقعة والتفاوض مع صدام، الذي استخدم قبل سنوات الغاز السام ضد الأكراد ودفنهم في مقابر جماعية.

وصمد بارزاني بفضل منطقة حظر جوي فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا على شمال العراق، مما سمح له ولمنافسه الكردي جلال طالباني باستعادة السيطرة على المنطقة. وكان هذا بمثابة إيذان ببدء أطول فترة حكم ذاتي كردي في التاريخ الحديث. إلا أن هذه التجربة لطختها نيران الحرب بين بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني.

وفي عام 1996، دعا بارزاني دبابات الحكومة العراقية إلى دخول المنطقة للسيطرة على أربيل عاصمة الإقليم، الأمر الذي أدى ليس فقط إلى فرار طالباني وإنما أيضا عناصر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمتعاونين المحليين.

* مقامرة من أجل الاستقلال تنتهي بالفشل

بعد عقود من النضال وسقوط صدام في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003، فعل بارزاني ما وصفه منتقدون بأنه أحد أكبر أخطائه وهو إجراء استفتاء على استقلال الأكراد في عام 2017.

رفضت حكومة بغداد هذا الاستفتاء واعتبرته غير قانوني، ونشرت قواتها للسيطرة على مدينة كركوك النفطية التي يعتبرها الأكراد قلب أي وطن مستقبلي لهم. وتحت وطأة الخسارة المريرة، تنحى بارزاني عن رئاسة حكومة الإقليم.

وقال بارزاني في خطاب بثه التلفزيون “أنا نفس مسعود بارزاني، أنا بشمركة وسأواصل دعم شعبي في نضاله من أجل الاستقلال”.

وأضاف “لم يقف أحد معنا سوى جبالنا”.

وُلد بارزاني عام 1946، بعد وقت قصير من تأسيس والده القائد الملا مصطفى بارزاني، الذي عُرف بأسد كردستان، حزبا للقتال من أجل حقوق أكراد العراق.

التحق مسعود بارزاني بصفوف المقاتلين وهو في سن صغيرة، وسرعان ما أدرك أحد الثوابت في التاريخ الكردي: خيانة القوى الإقليمية والغربية لهم.

وقد عبر الملا مصطفى عن أسفه لأنه وثق في الولايات المتحدة يوما. وعاش القائد صاحب الكاريزما في المنفى ومات بسبب السرطان في أحد مستشفيات الولايات المتحدة عام 1976.

وقبل ذلك، كان الملا مصطفى يخوض حرب عصابات ضد بغداد بدعم من شاه إيران الموالي للغرب، لكن الدعم انقطع عندما توسط وزير الخارجية الأمريكي آنذاك هنري كيسنجر في صفقة سمحت لصدام بسحق الأكراد.

وخلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، تحالف الحزب الديمقراطي الكردستاني مع طهران مرة أخرى. ونتيجة لذلك، اعتُقل نحو 8000 من أبناء عشيرة بارزاني وجرى التنكيل بهم في شوارع بغداد قبل إعدامهم. وعلى حد تعبير صدام “ذهبوا إلى الجحيم”.

وفي مارس آذار 1988 قصفت طائرات صدام الحربية مدينة حلبجة الكردية بالغاز السام مما أدى إلى مقتل ما يصل إلى 5000 شخص.

ورغم المجازر، ظلت لدى بارزاني قوة قتالية كافية لتلبية نداء الرئيس جورج بوش للقيام بانتفاضة خلال حرب الخليج عام 1991، عندما هزمت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة جيش صدام في الكويت.

وبعد سقوط صدام، أصبح بارزاني شخصية محورية في المساعي الرامية إلى إنشاء دولة كردية مستقلة في شمال العراق. وحافظ القادة الأكراد على منطقتهم بمنأى نسبيا عن العنف الطائفي الذي طال معظم أنحاء العراق. وتوافد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات النفط الغربية إلى المنطقة سعيا لإبرام صفقات.

* عودة التوترات مع بغداد بشأن النفط

ظهرت القدرات العسكرية للأكراد جلية خلال انضمامهم لقوات الحكومة العراقية والقوات شبه العسكرية المدعومة من إيران لطرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية من الموصل.

ومضى بارزاني في إجراء الاستفتاء الكارثي، تحركه ثقته في أن الوقت قد حان لإقامة وطن مستقل. وفي اليوم التالي للتصويت، استحضر بارزاني معاناة الأكراد التي تبدو بلا نهاية.

وقال لوكالة رووداو الكردية للأنباء “أنا أناضل منذ نصف قرن. عانيت مع شعبي من مجازر جماعية، وترحيل، وإبادة بالغاز. أتذكر أوقاتا ظننا فيها أننا انتهينا، وأنه سيتم محونا”.

ومضى يقول “أتذكر أوقاتا، كما في عام 1991 بعد الحرب الأولى ضد صدام، عندما جاءت الديمقراطيات لإنقاذنا ولكنها تركت الدكتاتورية في مكانها، مما أعادنا إلى الظل”.

وجرى إعدام صدام حسين، عدو بارزاني اللدود، في عام 2007. لكن التوترات لا تزال قائمة بين الأكراد والسلطات في بغداد.

وتوترت العلاقات مرة أخرى في فبراير شباط 2022 عندما اعتبرت المحكمة الاتحادية العراقية قانون النفط والغاز الذي ينظم قطاع النفط في كردستان العراق غير دستوري وطالبت السلطات الكردية بتسليم إمداداتها من النفط الخام.

وانتقد بارزاني هذه الخطوة ووصفها بأنها “قرار سياسي محض” يهدف إلى النيل من الإقليم.

ويحافظ بارزاني على حضوره السياسي من خلال حزبه الديمقراطي الكردستاني الذي اكتسح أصوات الأكراد في انتخابات عام 2021 بعد تحالفه مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

(إعداد مروة غريب للنشرة العربية – تحرير سها جادو)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية