شركات تكنولوجيا تراهن على إنشاء مراكز بيانات في الفضاء
تهدف شركات تكنولوجيا عملاقة وأخرى ناشئة إلى وضع خوادم وإنشاء مراكز بيانات في الفضاء وترى في ذلك حلا لقيود إمدادات الطاقة الحالية.
في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، قال رئيس شركة ستاركلاود الناشئة فيليب جونستون إن “الفكرة هي أنه سيكون من المنطقي قريبا بناء مراكز بيانات في الفضاء أكثر من الأرض”.
خلال الأشهر القليلة الماضية، توالت الإعلانات بسرعة كبيرة، وكان آخرها الثلاثاء مع كشف غوغل عن مشروع “صنكاتشر” الذي يهدف إلى إطلاق أول قمرين اصطناعيين تجريبيين بحلول مطلع عام 2027.
بدوره، أكد إيلون ماسك الجمعة أن شركته سبhيس إكس ستتمكن من وضع “مراكز بيانات” محسّنة خاصة بها في الفضاء بفضل النسخة الثالثة من قمرها الاصطناعي ستارلينك المتوقع إطلاقه عام 2026.
وكان صاروخ الإطلاق التابع لشركة سبhيس إكس هو الذي وضع القمر الاصطناعي الأول لستاركلاود في المدار الأحد.
تتشابه بنية معظم هذه البرامج: مجموعة من الأقمار الاصطناعية في مدار أرضي منخفض قريبة من بعضها البعض (بمسافة 100 إلى 200 متر فقط بالنسبة لشركة غوغل) لضمان اتصال موثوق بينها، فيما سيتم إقامة اتصال بالأرض عبر أشعة الليزر.
يقول أستاذ الهندسة في جامعة أريزونا كريشنا موراليداران الذي يعمل على هذا الموضوع، “لدينا بالفعل دليل على أن الأمر ممكن”.
ويعتقد أن هذه التقنية قد تصبح مجدية تجاريا بحلول عام 2023 إلى 2025. أما بالنسبة لجيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون والمساهم الأكبر في شركة بلو أوريجين للفضاء، فيتراوح الإطار الزمني بين عشرة وعشرين عاما.
ولم يتم حل جميع الجوانب الفنية للعملية حتى الآن، ومن بينها مقاومة المعالجات للمستويات العالية من الإشعاع في هذه البيئة.
ويشير المتشككون أيضا إلى درجات الحرارة القصوى، وصعوبة صيانة الأقمار الاصطناعية، ووجود حطام ونيازك دقيقة يمكن أن تلحق بها ضررا.
يقر الأستاذ المساعد للهندسة في جامعة ميشيغان كريستوفر ليمباش بأنه “ستكون هناك حاجة إلى هندسة” مبتكرة، لكن “هذا سيؤثر فقط على الميزانية، وليس على الجدوى الفنية”.
ويوفر الفضاء مزايا متعددة مقارنة بالأرض، أولها وأهمها الإمداد بالطاقة، حيث يمكن وضع القمر الاصطناعي في مدار متزامن مع الشمس، ما يضمن تزويد الألواح الشمسية الخاصة به بأشعة مستمرة.
علاوة على ذلك، تستقبل الألواح في ظل هذه الظروف طاقة شمسية تعادل ثمانية أضعاف ما تستقبله نظيرتها على الأرض.
والوصول إلى مصدر طاقة غير محدود ومتاح بالفعل يسيل لعاب صناعة التكنولوجيا في ظل احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء، خصوصا لتطوير الذكاء الاصطناعي المقيد حاليا بعدم كفاية البنية التحتية في الولايات المتحدة.
هناك ميزة رئيسية أخرى وهي أن إنشاء مركز بيانات في الفضاء لا يتطلب شراء الأراضي ولا الحصول على التصاريح التنظيمية، ولا يشكل إزعاجا لأحد.
– ناجعة اقتصاديا –
في ما يتعلق بالمناخ، يقدر فيليب جونستون انبعاثات مركز بيانات فضائي بنحو 10% فقط من نظيره على الأرض، لكن هذا التقدير لا يأخذ في الاعتبار إطلاق الأقمار الاصطناعية.
أما بالنسبة للمياه التي يثير استهلاكها الهائل في مراكز البيانات قلق المدافعين عن البيئة، فلن تكون هناك حاجة لها في الفضاء.
وسيكون النظام مماثلا لنظام محطات الفضاء الذي يحتاج فقط سائل تبريد في دائرة مغلقة (وبالتالي بدون تبخر) ومبردات تهوية.
ويقول كريستوفر ليمباش “السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت الفكرة ناجعة اقتصاديا”.
حتى الآن، كانت العقبة الرئيسية أمام وضع الخوادم في الفضاء تتمثل في تكلفة النقل، ولكن تطوير صاروخ ستارشيب العملاق التابع لشركة سبhيس إكس، في تاريخ لم يتم تحديده بعد، من شأنه أن يغير قواعد اللعبة.
من المتوقع أن يساهم الصاروخ الجديد في خفض الفاتورة بما لا يقل عن 30 مرة.
وكتب رئيس مشروع “صنكاتشر” ترافيس بيلز الثلاثاء “بهذا السعر، قد تصبح تكلفة إطلاق وتشغيل مركز بيانات في الفضاء قابلة للمقارنة” بتكلفة موقع بنفس القدرة على الأرض.
ووفق كريستوفر ليمباش فإنه “للمرة الأولى، أصبح بوسعنا أن نتخيل نماذج اقتصادية جديدة للفضاء أو أن نعيد اختراع النماذج القديمة”.
تو/ح س/لين