The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

مافيا ياكوزا اليابانية تتراجع أمام جيل جديد من العصابات

afp_tickers

عندما انخرط تاكانوري كوزوكا في عالم الجريمة المنظمة، لم يتخيّل قط انضمامه إلى “ياكوزا”، المافيا اليابانية التاريخية التي يُعرف أعضاؤها من الوشوم التي تغطي أجسادهم، وتشتهر بهيكلها الهرمي الصارم وقواعد الشرف الخاصة بها.

فضّل كوزوكا الانضمام إلى “توكوريو”، وهي شبكة أحدث وأكثر دراية بالتكنولوجيا وأكثر غموضا، إذ يجنّد زعماؤها المجهولون عناصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتنفيذ أعمال ضارة في مهمة واحدة، تتراوح بين الاحتيال والسطو المسلح.

وبات هذا الشكل الجديد من الجريمة الذي يجعل مهمة القبض على زعمائها أكثر صعوبة، ويتيح لهم الاختباء وراء رسائل مشفرة، يطغى على عصابات الجريمة التقليدية.

على مدار خمسة أشهر من المراسلات من زنزانته، أطلع كوزوكا وكالة فرانس برس على خبايا “توكوريو”، وهو عالم عنيف يجني قسما كبيرا من أمواله من خلال الاحتيال على كبار السن في اليابان، مع العلم أنّ إمبراطورية الجريمة التي تُقدر بمليارات الدولارات تتقلص بفعل القوانين الصارمة لمكافحة العصابات.

يقول رجل عصابة بارز متحالفة مع إحدى عصابات “ياكوزا” لوكالة فرانس برس، إنّ ياكوزا “فقدت جاذبيتها لدى الشباب”.

ويضيف في مقابلة هاتفية مع وكالة فرانس برس “أولئك الذين يأتون إلينا منبهرين ببريق عالمنا وسحره، يكتشفون سريعا أنّ واقعه ليس كما تخيّلوه”.

ويوضح أنّ الجيل زد وجيل الألفية ليسوا مستعدين للبدء من أسفل السلم، فهم “لا يحبون أن يكونوا مقيّدين” بقواعد “ياكوزا” التي تستند إلى قانون صارم، لذلك “يختارون بدلا من ذلك الانضمام إلى توكوريو”، وهي منظمة مرنة وغير مركزية ولا تتبع قواعد.

– “وظائف ذات رواتب مرتفعة جدا” –

يقول كوزوكا “كان عدد لا يحصى من الأشخاص يقعون يوميا ضحية إعلانات كاذبة أنشرها عبر منصة اكس لوظائف ذات رواتب عالية جدا، بينهم مثلا لاعب قمار، وعاملة جنس، وعضو في فرقة غنائية”.

يشبه هذا الأسلوب طريقة عمل عصابات الجريمة المنظمة في الصين التي تدير عمليات احتيال واسعة النطاق في كمبوديا وبورما.

تشير السلطات اليابانية إلى أنّ الاحتيال المنظم، وهو النشاط الأساسي لعصابة “توكوريو”، كلّف المجتمع الياباني 72,2 مليار ين (470 مليون دولار) بين كانون الثاني/يناير وتموز/يوليو 2025، متجاوزا بذلك الرقم القياسي المسجل العام الفائت.

وأصبحت مكافحة هذه الشبكة الإجرامية الجديدة أولوية قصوى لشرطة طوكيو التي أنشأت في تشرين الأول/أكتوبر وحدة جديدة تضم مئة عنصر للقضاء عليها.

– الاحتيال على كبار السنّ –

يوضح المحقق المتقاعد في مكافحة المافيا يويتشي ساكوراي لوكالة فرانس برس، أن أعضاء “توكوريو” ينتظمون وفق هيكلية مرنة ومتحرّكة تمنع “الوصول إلى العقول المدبرة أثناء عمليات الاعتقال”.

ويشير إلى أنّ “فرقا مخصصة لتنفيذ مشروع” تُشكَّل بهدف ارتكاب جريمة معيّنة لمرة واحدة.

ويوضح أنّ أعضاء “توكوريو” متخصصون في الاحتيال على كبار السن، إذ يتّصلون بهم متظاهرين بأنهم أبناؤهم أو أحفادهم ويتوسّلون إليهم إرسال أموال لهم لإصلاح خطأ قد يجلب العار للعائلة.

وهم بارعون أيضا في الاحتيال المقنّع، إذ يرتدون بدلات أنيقة، وينتحلون صفة عناصر شرطة أو مصرفيين أو مسؤولين حكوميين للاحتيال على ضحاياهم. ولا يترددون أيضا في ارتكاب عمليات سطو عنيفة.

وقد أودت هذه الأعمال بكوزوكا إلى السجن، بعد إدانته بالسرقة وخطف أطفال.

– مكانة خاصة –

لطالما احتلت “ياكوزا” مكانة خاصة في المجتمع الياباني حيث يمكن التعرف على أعضائها من وشومهم وأصابعهم المبتورة لمخالفة الأوامر، ويأتي معظمهم من مجتمع “باكوتو”، وهم مُنظمو ألعاب القمار غير القانونية كانو ناشطين قبل قرنين.

ظهرت “ياكوزا” خلال الفوضى التي سادت بعد الحرب في اليابان، ولطالما سيطر أعضاؤها على عالم الجريمة المنظمة من خلال تجارة المخدرات، والملاهي السرية، وقطاع الجنس، والابتزاز أو الفدية، وصولا إلى التوسع في قطاعات قانونية مثل العقارات، والترفيه، وإدارة النفايات.

وتقول “ياكوزا” إنّها تقوم بدور اجتماعي فاعل وتحافظ على النظام في المناطق المهمشة.

كان أعضاؤها فئة مميزة من الرجال ذوي الشعر المصفف والبدلات الانيقة، وكانوا حاضرين في الثقافة الشعبية، من شرائط المانغا المصوّرة إلى المسلسلات التلفزيونية.

لطالما تم التسامح معهم باعتبارهم شرّا لا بد منه، لكنّ مكانتهم بدأت تتراجع مع ارتفاع مستويات العنف وانخفاض تسامح المجتمع معهم.

في العام الفائت، انخفض عددهم إلى أدنى مستوى تاريخي له ليصل إلى 18800 عضو، أي بنحو 80% منذ العام 1992.

– تعاون –

خلال السنوات العشر الفائتة، ملأت الفراغ عصاباتُ “هانغوري”، وهم مجرمون شباب مستقلّون وأقل تنظيما من “ياكوزا”، تصفهم الشرطة بأنهم “شبه ياكوزا”.

ويوضح كوزوكا الذي كان عضوا في “هانغوري” أنّ “أعضاء هذه العصابات يستطيعون بسهولة الاندماج في المجتمع كمواطنين عاديين”. وعلى عكس ياكوزا، “بإمكانهم ممارسة أعمال تجارية مشروعة، مثل تنظيم مباريات فنون قتالية، أو فتح صالونات تجميل، أو إطلاق ماركات للأزياء”.

وتعتقد السلطات أنّ معظم عصابات “توكوريو” يقودها أعضاء “هانغوري”.

لا يشارك أعضاء “ياكوزا” دائما بشكل مباشر في عمليات الاحتيال أو السرقة التي تقوم بها “هانغوري”، لكنهم يحصلون على نصيب من الأرباح، بحسب المحقق السابق يويتشي ساكوراي.

وقد يتجاوز التعاون ذلك. ففي بعض الأحيان، يساعد أعضاء “ياكوزا” قادة “هانغوري” في التجنيد أو حتى ارتكاب جرائم، بحسب يوكيو يامانوتشي، المحامي السابق لعصابة ياماغوتشي-غومي التي تضم 6900 عضو ومنتسب.

داخل زنزانته حيث يقضي عقوبة بالسجن تسع سنوات، أتيحت لكوزوكا فرصة للتأمل في ما فعله “بدم بارد” وفي طفولته القاسية التي أوصلته إلى هنا.

ويقول لوكالة فرانس برس إنّ الحياة في عالم الجريمة “شوّهتني” وجعلتني “شبه مجرّد من المشاعر… أدرك الآن مدى قسوة ووحشية ولا إنسانية ما فعلناه، سأحمل ذنوبي طوال حياتي”.

تمو/رك/ص ك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية