مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السينما الأفغانية ضيف مفاجئ في لوكارنو

ساحة "بياتزا غراندي" في لوكارنو حيث تعرض كل مساء أشرطة مختارة لالاف المشاهدين في الهواء الطلق Keystone

يؤكد البرنامج الضخم للدورة الخامسة والخمسين لمهرجان لوكارنو الدولي للسينما أن "أكبر المهرجانات الصغيرة" خرج نهائيا من حالة التواضع ليدخل ساحة الكبار عن جدارة.

تقول لغة الأرقام إن ميزانية الدورة المقبلة لأكبر مهرجان ثقافي تشهده سويسرا ستكون قياسية بعد أن بلغت تسعة ملايين وست مائة ألف فرنك! كما أنها ستشهد من فاتح أغسطس إلى الحادي عشر منه عرض أربع مائة شريط سينمائي أي بمعدل أربعين شريطا من مختلف الأنواع ولكل الأذواق في كل يوم!

هذه المعطيات تعني أن المهرجان الذي يحول كل صيف لوكارنو، المنسية طيلة العام، إلى قاعة سينما ضخمة بحجم مدينة يقدر عدد متفرجيها بمئات الالاف، قد دخل مرحلة جديدة من مسيرته.

ففي الخريف الماضي اتخذت فيدرالية التظاهرات السينمائية الدولية قرارا مهمّا حـرّر المشرفين على مهرجان لوكارنو من ضغوط لازمته منذ النشأة تفرض عليه الإقتصار على اختيار الأعمال الأولى أو الثانية أو الثالثة للمخرجين الذين يشاركون في المسابقة الرسمية.

ومع تصنيف المهرجان ضمن قائمة “المهرجانات غير المتخصصة المصحوبة بمسابقة”، يخشى النقاد والجمهور أن يستسلم المشرفون عليه إلى السهولة وأن يبتعدوا شيئا فشيئا عما تميز به طيلة العشريات الفائتة من طرافة وابتكار في البحث عن الجواهر النادرة وتشجيع للمواهب الجديدة من شتى أنحاء العالم التي عادة ما توصد في وجوهها أبواب التظاهرات السينمائية الكبرى في كان والبندقية وبرلين ومثيلاتها.

مراعاة التوازنات

في المقابل حاولت إيرين بينياردي، المديرة الفنية للمهرجان منذ عام 2001 أن تبدد هذه المخاوف وأعدت برمجة بدت “متوازنة” للدورة الخامسة والخمسين من خلال اختيارات مزجت بين مشاهير السينما العالمية من أمثال الأمريكي غوس فان سانت والفرنسي الان كافاليير ومخرجين مبتدئين في مجال الأفلام الروائية وبعض المواهب الصاعدة مثل الثنائي السويسري رولاندو كولا وجاكوب بيرجير الذي يشارك في المسابقة الرسمية بشريط “أحبّ أباك” والثنائي الفرنسي دوكاستيل – مارتينو الذين اكتشفهم الجمهور من خلال شريط “جان والشاب الرائع”.

من جهة أخرى احتفظ المهرجان بخاصية المزج بين كونه “مرآة للمواهب الشابة ومختبرا للأفكار” على حد قول السيدة بينياردي. فقد اشتملت المسابقة الرسمية على اثنين وعشرين شريطا لمخرجين ينتمون إلى خمسة عشر بلدا، أما بقية التظاهرات القارة للمهرجان مثل “مسابقة أشرطة الفيديو” (20 شريطا) و”سينمائيو الحاضر” (55 شريطا) و”فهود الغد” (97 شريطا) فمن المنتظر أن تثير كالعادة اهتمام النقاد والمختصين وهواة الفن السابع نظرا لما تعرضه من إبداعات نادرة أو غير عادية لمخرجين سويسريين مغمورين أو لسينمائيين من شتى أنحاء العالم.

هذا الصيف اختار مهرجان لوكارنو، بالإضافة إلى عرض استثنائي لأهم أعمال المخرج الأمريكي ألاّن دوان (47 شريطا) الذي تمكن من إنجاز أربع مائة وعشرين شريط سينمائي في النصف الأول من القرن العشرين، لفت الأنظار سينما وسط وجنوب آسيا.

ففي إطار إطلالته السنوية على دول الجنوب، يكرم المهرجان “بوليوود” أي صناعة السينما الهندية من خلال عرض اثنين وثلاثين شريطا تلخص تطور الإنتاج السينمائي في الهند وتقدم صورة شبه شاملة عن أهم المخرجين والأشرطة في البلد الذي تحول إلى أهم منافس لهيمنة هوليوود على السينما في العالم.

أفغانستان ضيف استثنائي

أما اليوم الأخير من التظاهرة أي الحادي عشر من أغسطس فسيخصص لمفاجأة غير متوقعة. إذ تمكن المشرفون على مهرجان لوكارنو بالتعاون مع مراسل وكالة الأنباء الإيطالية في نيودلهي من جلب أربعة وخمسين شريطا أفغانيا – معظمهم في حالة سيئة – تمكن العاملون في مؤسسة السينما الأفغانية من إخفائها إثر وصول ميليشيات طالبان إلى السلطة في كابول في خريف عام ستة وتسعين.

ومن المنتظر أن يشاهد رواد المهرجان عددا من الأشرطة الروائية والوثائقية – المتفاوتة القيمة والجودة – التي تقدم صورة عن أوضاع أفغانستان لما قبل عام أربعة وتسعين الذي أُنتج فيه آخر شريط طويل من طرف مؤسسة “أفغان فيلم” مغايرة عن “تلك الصورة التي يقدمها رامبو” على حد قول المخرج الأفغاني تيمور حاكميار.

في الأخير لا مفر من الإشارة إلى أن الغياب العربي عن مهرجان لوكارنو يتواصل للعام الثاني على التوالي. فبعد حقبة التسعينات التي عرفت حضورا عربيا متواصلا ومتميزا في بعض الأحيان، لم نعثر في قائمة الأشرطة الحاضرة في لوكارنو إلا على فيلم “الأجنبية” وهو من إخراج دانيال أربد وإنتاج لبناني – فرنسي الذي سيعرض في إطار تظاهرة “سينمائيي الحاضر” يضاف إليه شريط فيديو قصير بعنوان “معبر قلندية” للمخرج الفلسطيني صبحي الزبيدي عن يوميات المخرج الذي يقطن في رام الله أمام مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المحاصر.

ومع استمرار أزمة الثقافة والحرية والإنتاج في البلدان العربية، يتواصل هذا العام حضور السينما الإيرانية وتتعزز مشاركة السينما الأمريكية بشكل ملحوظ ويستمر تشجيع الإنتاج السويسري في دورة جديدة من مهرجان يظل واعدا رغم بعض النقائص.

كمال الضيف – سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية