حماس تسلّم جثث أربع رهائن وإسرائيل تفرج عن سجناء فلسطينيين

سلّمت حماس فجر الخميس في غزة جثث أربع رهائن إسرائيليين بينما أفرجت الدولة العبرية في الضفة الغربية المحتلّة عن معتقلين فلسطينيين، في آخر عملية تبادل بين الطرفين تجري بموجب المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ شهر ونيّف في القطاع الفلسطيني.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي لوكالة فرانس برس إنّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر تسلّمت من حماس في جنوب القطاع أربع جثث أكّدت الحركة الفلسطينية أنّها تعود لأربع رهائن إسرائيليين.
وقال مصدر في حماس لفرانس برس إنّه “تمّ تسليم الجثامين الأربعة للأسرى الإسرائيليين قبل قليل للصليب الأحمر في خان يونس”، مشيرا إلى أنّ الحركة تنتظر الآن أن تفرج الدولة العبرية “عن دفعة المعتقلين الفلسطينيين وفق الاتفاق” المبرم بين الجانبين.
وبالفعل، ما هي إلا لحظات حتى وصلت حافلة على متنها معتقلون فلسطينيون أفرجت عنهم إسرائيل إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة حيث كان بانتظارهم حشد من المحتفلين، بحسب ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وارتدى المعتقلون المحرّرون الكوفية الفلسطينية ومعاطف لتغطية زيّ السجن، وترجّلوا من الحافلة ليستقبلهم الحشد بالهتافات والزغاريد، قبل أن يتوجّهوا لإجراء فحص طبي سريع.
وكبّر المحتشدون وردّدوا هتافات من بينها “الشعب يريد كتائب عز الدين القسام”، بينما كانت محافظ رام الله ليلى غنام تستقبل المفرج عنهم لدى ترجّلهم من الحافلة.
ومن المفترض أن تفرج إسرائيل في إطار عملية التبادل هذه عن أكثر من 600 معتقل فلسطيني، لتختتم بذلك المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وخلافا للمرات السابقة جرت عملية تسليم جثث الرهائن من دون أي مراسم من جانب حماس، بعدما أثارت الاستعراضات العسكرية التي نظّمتها الحركة في السابق تنديدا من الدولة العبرية وأطراف دولية.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإنّ الجثث الأربع تعود إلى كل من أوهاد يهالومي، وتساحي عيدان، وإيتسيك إلغارات، وشلومو منصور. وتتطابق هذه الأسماء مع تلك التي كان أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أوردها في بيان مقتضب.
وما زال يتعيّن على السلطات الإسرائيلية ومنتدى عائلات الرهائن تأكيد هذه الأسماء رسميا.
وفجر الخميس، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ الدولة العبرية تسلّمت توابيت “أربع رهائن قتلى”، مشيرا إلى أنّ عملية التعرف على الجثث بدأت في الحال.
وقال مكتب نتانياهو في بيان إنّ “إسرائيل تسلّمت عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر توابيت أربع رهائن قتلى”، مشيرا إلى أنه “تمّ نقل التوابيت، عبر وساطة مصرية، إلى قوة من جيش الدفاع الإسرائيلي عند معبر كرم أبو سالم، وقد بدأت الآن عملية التعرّف الأولية على الأراضي الإسرائيلية”.
وكان مصدر قريب من حماس قال في وقت سابق إنّ “الوسطاء أبلغوا حماس أنهم يضمنون تنفيذ التبادل بالتزامن، ومواصلة العمل من أجل بدء مفاوضات المرحلة الثانية بأسرع وقت ممكن، وتنفيذ إسرائيل للبروتوكول الإنساني من دون مماطلة أو تعطيل”.
وكانت حماس سلّمت السبت ستة رهائن إسرائيليين أحياء وجثث أربع رهائن للصليب الأحمر الذي نقلهم إلى إسرائيل. لكنّ الدولة العبرية أرجأت إطلاق سراح الدفعة المقرّرة من المعتقلين الفلسطينيين وعددهم أكثر من 600 يومها، مندّدة بـ”مراسم مهينة” أحاطت بإطلاق سراح الرهائن في غزة.
ومنذ سريان وقف إطلاق النار، أطلقت حماس سراح 25 رهينة خلال مراسم جذبت حشودا كبيرة في أنحاء مختلفة من القطاع. ووسط الركام، رافق مقاتلون ملثمون مسلّحون الرهائن إلى منصات امتلأت بملصقات ورايات “المقاومة” التي تمثلها حماس وفصائل أخرى.
في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح أكثر من 1100 معتقل فلسطيني.
ويفترض أن تنتهي المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة المؤلف من ثلاثة مراحل، في الأول من آذار/مارس.
– رفض مصري لإدارة غزة –
وتترقّب الأطراف بدء المباحثات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق التي يفترض أن تضع حدّا للحرب بشكل نهائي، وهو ما يعارضه اليمين الإسرائيلي المتطرف المتحالف مع نتانياهو، ما يهدّد استمرارية حكومته.
وأعلنت حماس أنها مستعدة للإفراج “دفعة واحدة” عن جميع الرهائن المتبقّين خلال المرحلة الثانية، متهمة إسرائيل بأنها “تعرّض الاتفاق برمته للخطر الشديد”.
وغداة اقتراح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أن تتولى مصر إدارة قطاع غزة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تمام خلاف إنّ “أية أطروحات أو مقترحات تلتف حول ثوابت الموقف المصري والعربي، والأسس السليمة للتعامل مع جوهر الصراع المتعلقة بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، هي أطروحات مرفوضة، وغير مقبولة”.
وكان لابيد اقترح الثلاثاء أن تدير مصر القطاع لسنوات، لقاء سداد المجتمع الدولي الديون الخارجية للقاهرة.
وكانت حركة حماس تدير القطاع منذ العام 2007. وتبقى مسألة الإشراف عليه بعد الحرب إحدى النقاط الشائكة.
من جهته، نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقطع فيديو على مواقع التواصل يتخيّل غزة بعد تحويلها إلى منتجع سياحي ترويجا على ما يبدو لمشروع المقترح بتحويلها “ريفييرا الشرق الأوسط” ونقل سكان القطاع الى دول أخرى مثل مصر والأردن.
ولقي مقترح ترامب بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، رفضا عربيا ودوليا واسعا.
والأربعاء، ندّد المفوّض الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك بمقترحات “الضم والتهجير القسري” في الأراضي الفلسطينية، محذّرا من أنها تشكّل تهديدا للمنطقة برمتها.
الى ذلك، شيّعت إسرائيل الأربعاء أفراد عائلة بيباس الثلاثة الذين قضوا أثناء احتجازهم في قطاع غزة، وأعيدت جثامينهم الأسبوع الماضي.
وتقول حماس إن شيري بيباس وطفليها قتلوا في قصف إسرائيلي على غزة، بينما اتهمت إسرائيل الخاطفين بقتلهم.
وشارك آلاف في الجنازة التي أقيمت في مدينة ريشون لتسيون بوسط إسرائيل.
ودعت العائلة خلال الجنازة في مقبرة زوهار قرب تجمع نير عوز، جميع المسؤولين الإسرائيليين إلى تحمل مسؤولية مقتل أحبائهم أثناء احتجازهم في قطاع غزة، مؤكدة أنه كان من الممكن إنقاذهم.
وقالت عوفري بيباس، شقيقة زوج شيري، “لا معنى للمسامحة قبل التحقيق في الإخفاقات وتحمّل جميع المسؤولين المسؤولية… كان بإمكانهم إنقاذكم لكنهم فضلوا الانتقام”.
– “ساحة معركة” –
وأسفر الهجوم الذي نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على الأراضي الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات رسمية، ويشمل الرهائن الذين لقوا حتفهم أو قتلوا في الأسر.
وأشعل الهجوم فتيل الحرب، حيث أدى الهجوم الإسرائيلي المضاد في قطاع غزة إلى مقتل 48319 شخصا على الأقل، غالبيتهم مدنيون، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها. وتسبّبت الحرب بكارثة إنسانية في القطاع.
واعتبر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني أنّ الضفة الغربية المحتلّة صارت “ساحة معركة” مع مقتل أكثر من خمسين شخصا منذ كانون الثاني/يناير وفي ظل عملية واسعة النطاق يشنّها الجيش الإسرائيلي.
وقال في منشور على منصة إكس “الضفة الغربية تتحول الى ساحة معركة”، مشيرا الى أن “أكثر من 50 شخصا، بينهم أطفال، تم الإبلاغ عن مقتلهم منذ بدء عملية القوات الإسرائيلية”. وشدد على أن ذلك “يجب أن يتوقف”.
وبدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة في شمال الضفة الغربية قبل أكثر من شهر، عقب بدء تطبيق الهدنة بين الدولة العبرية وحركة حماس في قطاع غزة.
وقال لازاريني إن “الضفة الغربية تشهد امتدادا مثيرا للقلق للحرب في غزة”.
بور-جد-ها/الح-ص ك-ناش-بم