سويسرا – أفغانستان: “الانسحاب قانوني وليس سياسيا”
أكد وزير الدفاع سامويل شميد أن قرار إنهاء المشاركة العسكرية المتواضعة للجيش السويسري في أفغانستان هو "تطبيق حرفي للقانون وليس خضوعا لضغوط حزبه"، حزب الشعب السويسري، بهدف كسب الأصوات خلال إعادة انتخاب أعضاء الحكومة الفدرالية يوم 12 ديسمبر القادم.
حزب الشعب اليميني المتشدد، الذي كان الفائز الأكبر في الانخابات الفدرالية الأخيرة في أكتوبر الماضي، يـَعتبر المشاركة السويسرية ضمن قوة المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (إيساف)، متعارضة مع مبدأ الحياد.
أبلغ وزير الدفاع وحماية السكان والرياضة سامويل شميد، الحكومة الفدرالية يوم الأربعاء 21 نوفمبر الجاري في برن، بأن سويسرا ستضع حدا لالتزامها العسكري في أفغانستان اعتبارا من 1 مارس 2008.
ويشارك ضابطان أو أربعة، كأقصى عدد، من أركان الجيش السويسري ضمن قوة المساعدة الدولية على إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) منذ فبراير 2004. وكان البرلمان الفدرالي قد صادق على هذه المشاركة على أساس قرار أممي، وفي إطار برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف شمال الأطلسي “ناتو”.
غير أن سويسرا كانت قد أشارت في الربيع الماضي إلى أنها لا تعتزم إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان حيث يتوفر الناتو على 35000 رجل، من بينهم 23000 أمريكيا وبريطانيا. أما الجيش السويسري، فلا يمثله حاليا في أفغانستان سوى ضابطين يعملان ضمن كتيبة ألمانية في إقليم قندوز شمالي أفغانستان.
“مهمةٌ أصبحت شبه مستحيلة”
وجاء في البيان الصادر عن وزارة الدفاع السويسرية يوم الأربعاء “يعود السبب في اتخاذ هذا القرار إلى تغييرات وضع وطبيعة التزام قوة المساعدة الدولية على إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف) منذ اتخاذ القرار (بالمشاركة السويسرية في هذه القوة) قبل أربعة أعوام”.
وشدد البيان على أن “عملية دعم حفظ السلام تحولت تدريجيا في جنوب أفغانستان إلى عملية لمحاربة المتمدرين”، مؤكدا أن المهمة أصبحت تقريبا غير قابلة للتنفيذ حتى في المناطق التي ينشط فيها المتمردون بشكل متفرق، وذلك بسبب إجراءات الدفاع عن النفس التي أصبحت ضرورية بالنسبة للوحدات (الدولية).
كما أشار إلى أن عمل إعادة البناء في المناطق التي استعادت فيها حركة طالبان قوتها، أصبح “مستحيلا إلى حد كبير”، منوها إلى أن قوة إيساف تركز عموما وبشكل متزايد على تكوين الجيش الأفغاني.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الأربعاء في برن، ذكّر السيد شميد أنه كان قد أثار في الصيف الماضي انسحابا محتملا للضباط السويسريين من أفغانستان خلال لقاء مع نظيره الألماني الذي قال له “إنه يأسف للقرار لكنه يحترمه”.
وأشار وزير الدفاع السويسري إلى أنه من المُحتمل أن يثير قرار الحكومة الفدرالية ردود فعل سلبية في الخارج، في الوقت الذي يطالب فيه حلف شمال الأطلسي بتعزيز الوحدات في أفغانستان. لكنه أوضح في هذا الصدد بأن “هذه الإرادة الدولة ليست حاسمة بالنسبة لنا”.
وحرص الوزير على التنويه إلى أن الحكومة الفدرالية تطبق القانون حول الجيش وتقوم بتحليل التطورات في مجال الأمن، وأن المجتمع الدولي يعلم جيدا أن سويسرا لا تشارك في مهمات فرض السلام. كما لم يغفل الإشارة إلى أن “المشاكل التي تطرحها هذه المهمات باتت تثير الانتباه بشكل متزايد في بلدان أخرى”.
“المبررات قانونية وليست سياسية”
وقد لقي قرار انسحاب الضابطين السويسريين من أفغانستان ترحيبا كبيرا من قبل حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد، الذي ينمتي إليه وزير الدفاع. ويعتبر هذا الحزب – الذي حقق فوزا كاسحا خلال الانتخابات الفدرالية الأخيرة (21 أكتوبر 2007) – مشاركة سويسرا في قوة إيساف متعارضا مع مبدأ الحياد السويسري، وأحكام القانون المتعلقة بالتزامات الجنود المسلحين في الخارج. وأعرب الحزب عن سعادته بخطوة الحكومة الفدرالية التي “قررت أخيرا التوقف عن المخاطرة بلا داع بحياة ضباطنا من أجل حرب حلف شمال الأطلسي”.
وقد دافع الوزير سامويل شميد عن نفسه يوم الأربعاء أمام الصحافة، مؤكدا أن قرار إنهاء المشاركة العسكرية السويسرية في أفغانستان لم ينجم عن تعرضه لضغوط من حزبه المعارض لأي التزام للجيش السويسري في الخارج (خاصة وأن هذا القرار جاء قبل أسابيع قليلة إعادة انتخاب أعضاء الحكومة الفدرالية يوم 12 ديسمبر). وشدد الوزير على أن الأمر بالنسبة لا يتعلق سوى باحترام القانون بالحرف.
ويظل وزير الدفاع السويسري على قناعة بأن انسحاب الضابطين السويسريين العاملين حاليا كرائدين في قندوز لن يسيء للشرف السويسري، ولن يعطي مثالا سيئا للمجتمع الدولي. وشدد في هذا السياق على أن الالتزام “الرمزي” أساسا لضابطين أو أربعة ليس هو الذي سيغير الوضع في أفغانستان.
وأكد السيد شميد بأن قراره لم يُتخذ بين عشية وضحاها بل هو “ثمرة تحليل دائم للوضع”. كما أُثار الانتباه إلى أن الانسحاب السويسري من أفغانستان لا يؤثر على المشاركة السويسرية في بعثات دولية أخرى، كما هو الحال في نيبال.
سويس انفو مع الوكالات
صادق البرلمان الفدرالي خلال دورته الصيفية لعام 2003 على التزام أربعة ضباط من أركان الجيش السويسري، كأقصى عدد، ضمن قوة المساعدة الدولية على إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف).
وقامت الأسس القانونية لهذه المصادقة على القرار 1386 للأمم المتحدة بتاريخ 20 ديسمبر 2001، ثم استُكملت في وقت لاحق بالقرار 1510 الصادر يوم 13 أكتوبر 2003، المتعلق بتوسيع الانتداب إلى الأقاليم الواقعة خارج العاصمة الأفغانية كابول. وقد مدد القرار 1776 بتاريخ 19 سبتمبر 2007 انتداب إيساف إلى 13 أكتوبر 2008.
ومنذ فبراير 2004، يتواجد ما بين اثنين إلى اربعة ضباط سويسريين ضمن قوات إيساف. ويعمل حاليا ضابطان من أركان الجيش السويسري في قندوز ضمن الفريق الألماني لإعادة الإعمار في الأقاليم. ويتمتع نشاط الضباط السويسريين وفرقة الاستطلاع السويسرية بتقـدير عميق لدى مجموع المشاركين وخاصة لدى الشركاء الألمان.
وتستفيد سويسرا أيضا من تبادل المعلومات والخبرات مع منظمة حلف شمال الأطلسي، المُخصص للدول المُشاركة فقط.
(المصدر: بيان وزارة الدفاع وحماية السكان والرياضة حول إنهاء المشاركة السويسرية في أفغانستان، بتاريخ 21 نوفمبر 2007 في برن)
يدخل الحضور السويسري في أفغانستان في إطار الشراكة من أجل السلام، وهو برنامج حلف شمال الأطلسي الذي يضم، فضلا عن البلدان الأعضاء في الميثاق الأطلسي، حوالي عشرين بلدا أوروبيا. وقد التحقت سويسرا بهذا البرنامج في عام 1996.
يتمثل الهدف الرئيسي لهذه الشراكة في البحث عن حلول للمشاكل الأمنية الراهنة.
في عام 2003، سمحت الحكومة السويسرية لوزارة الدفاع بإرسال أربعة ضباط، كأقصى عدد، للانضمام إلى قوة المساعدة الدولية على إرساء الأمن في أفغانستان “إيساف”. وتنحصر مهمة الضباط السويسريين في معالجة العلاقات مع السلطات المحلية وملاحظة الوضع في منطقة عملهم.
وفي إطار برنامج الشراكة من أجل السلام، يتواجد في إقليم كوسوفو في جمهورية صربيا حوالي 220 من الجنود السويسريين.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.