شقيقان إسرائيليان ترعرعا في الضفة الغربية يختلفان بشأن الاحتلال
في مصنع بساغوت للنبيذ في الضفة الغربية المحتلة، يجلس الشقيقان يعقوب ويوناتان بيرغ على مقعدين خشبيين ليناقشا مواقفهما المتباينة تماما بشأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
ترعرع الشقيقان بيرغ في مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية المحتلة، لكن ذلك لم يمنع يوناتان ذو الشعر الأشقر الطويل المجعد من الدفاع عن السلام مع الفلسطينيين وانتقاد الاحتلال، لا بل أمسى يجادل شقيقه يعقوب الذي يتمسك بحقوق الإسرائيليين في “يهودا والسامرة”، وهو الاسم التوراتي للضفة الغربية.
تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ويعيش في الضفة الغربية دون القدس الشرقية نحو 450 ألف مستوطن على أراضي الفلسطينيين البالغ تعدادهم 2,8 مليون نسمة.
وتحدث الشقيقان في مقابلة أجرتها معهما وكالة فرانس برس عن نشأتهما على أرض متنازع عليها، جعلتهما على طرفي نقيض.
ويوناتان كاتب وناشط سياسي أهدى سيرته الذاتية التي رأت النور مؤخرا وحملت عنوان “مغادرة بساغوت” إلى شقيقه.
وجاء في الإهداء “إلى أخي الذي أشاركه الرأي ذاته، لكن لا وجهة النظر نفسها”.
– نبيذ بومبيو –
ينظر إلى يعقوب الذي يمتلك مصنع “بساغوت” للنبيذ في الضفة الغربية، على أنه مدافع شرس عن المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، حتى أنه استضاف مؤخرا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وتقول الجماعات المناهضة للاحتلال إن مصنع نبيذ بساغوت بالقرب من رام الله ذو الإطلالة الخلابة على قرية مخماس الفلسطينية، بُني على أرض سرقت من الفلسطينيين على مراحل.
وتصدرت زيارة بومبيو المثيرة للجدل للمصنع عناوين الصحف إذ كانت هي الأولى التي يقوم بها دبلوماسي اميركي رفيع المستوى لمستوطنة في الضفة الغربية.
ويصر يعقوب المؤيد بشدة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أن اليهود لم يسرقوا أراضي الضفة الغربية، ويقول “لسنا محتلين غير شرعيين”.
ويرى صاحب مصنع النبيذ أن “بومبيو قال الحقيقة عندما جاء إلى هنا، لدى الشعب اليهودي صلة قديمة مع هذه الأرض، والقول إنها محتلة بشكل غير قانوني لا معنى له”.
والعام الماضي أعلن بومبيو أن إدارة ترامب لم تعد تعتبر المستوطنات غير قانونية، فما كان من يعقوب إلا أن أطلق اسم بومبيو على أحد خطوط إنتاج مصنع النبيذ.
– “تصورات مختلفة” –
وفي المصنع ذاته، احتفل يوناتان بعد فترة قصيرة من زيارة بومبيو بإصدار سيرته الذاتية برفقة شقيقه.
انتقل الكاتب البالغ من العمر (39 عاما)، إلى الضفة الغربية في الرابعة من عمره، وغادرها بعدما أنهى الخدمة العسكرية الإلزامية.
في روايته “مغادرة بساغوت” يتحدث يوناتان عن سلوكه مسارا في حياته بعيد عن تدين عائلته وأيديولوجيتها، بينما ينتقد الاحتلال.
ولا يطعن يوناتان في قناعة أخيه أن لليهود صلات بالأرض تعود لآلاف السنين.
ويخاطب شقيقه قائلا “أتفق معك عندما تتحدث عن العلاقة العميقة بين الشعب اليهودي وهذه الأرض”.
لكنه يرى أنه وبالرغم من المطالبات القديمة بالأراضي، يجب معاملة سكان الضفة الغربية بشكل متساو. ويقول “هذا ليس هو الحال”.
وفي إصداره، يتناول يوناتان الحديث عن شبان فلسطينيين ألقوا الحجارة على حافلة مدرسية كانت في طريقها إلى القدس.
ويروي كيف أنه قرر يوما ما وزملاؤه إلقاء الحجارة، لكنهم تخيلوا أن الحجر قد يطير فوق رام الله ومن ثم يصل إلى سماء الأرض المحتلة حيث تعيش عائلته “كمذنّب يبحث عن مكان يهبط فيه”.
يقول يعقوب إنه لا يتذكر الأحداث كما وصفها شقيقه، لكنه يقر بأن “مغادرة بساغوت” ولّدت لديه سببا للتأمل.
ويتحدث صاحب مصنع النبيذ عن “علاقات ممتازة” تجمعه مع بعض جيرانه الفلسطينيين، الذين يوظف الكثيرين منهم في مصنعه، خاصة وأنه يدفع أجورا أعلى من تلك التي تدفع في الضفة الغربية.
مع ذلك، يتهم يعقوب نشطاء السلام بسعيهم لتقسيم الفلسطينيين والإسرائيليين، لا توحيدهم.
ويرد يوناتان “لدينا تصورات مختلفة للواقع”.