طالبان تسيطر على قاعدة في شمال افغانستان والمعارك مستمرة في غزنة

سيطر مقاتلو حركة طالبان على قاعدة عسكرية في شمال أفغانستان، في هجوم أدى إلى مقتل 17 جندياً على الأقل وسط مخاوف من أسر عشرات آخرين، في ما يعد ضربة موجعة لقوات الأمن المنشغلة في محاربة المتمردين في غزنة في شرق البلاد.
وتأتي سيطرة طالبان على القاعدة في غورماش في ولاية فرياب بعد أيام من تنفيذها هجوما عنيفا على مدينة غزنة في جنوب شرق البلاد، على مسافة نحو ساعتين من العاصمة كابول.
وسقطت القاعدة بعد أيام من المعارك، بحسب ما أعلن الثلاثاء المتحدث باسم الجيش حنيف رضائي، مشيرا إلى أن مئة جندي كانوا في القاعدة لدى وقوع الهجوم الذي بدأ الأحد.
وقال رضائي لوكالة فرانس برس “إنها لمأساة أن تسقط القاعدة بيد العدو. لقد قُتل عدد من الجنود ووقع بعضهم في الأسر وفرّ آخرون إلى التلال القريبة”.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع غفور أحمد جويد إن 17 جندياً على الأقل قتلوا في الهجوم، في حين تحدث النائب عن فرياب هاشم عتاق عن أسر طالبان نحو 40 آخرين في القاعدة التي تُعرف باسم “شينايا”.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة أن “الاستعدادات جارية لتنفيذ عملية لاستعادة القاعدة”.
وأعلن رئيس المجلس المحلي في فرياب طاهر رحماني أن القاعدة وقعت بيد طالبان بعد أن توسّل الجنود من أجل إرسال تعزيزات ودعم جوي من كابول، لكن مطالبهم لم تلبَّ. وأضاف “كانوا منهمكين بغزنة”.
وتعاني القوات الأفغانية التي أنهكتها الهجمات الدامية وحالات الفرار من الخدمة، في التصدي للمتمردين منذ إنهاء قوات الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة مهمتها القتالية في البلاد نهاية 2014.
وأعلن مسؤولون أن مدينة غزنة الواقعة إلى الشرق من فرياب لا تزال تحت سيطرة الحكومة، لكن هناك خشية من ارتفاع عدد القتلى المدنيين فيها مع استمرار المعارك لليوم الخامس إذ تسعى القوات الافغانية مدعومة بالطيران الأميركي الى إخراج طالبان منها.
وقال متحدث باسم سلاح الجو الأميركي في أفغانستان اللفتنانت كولونيل مارتنل اودونيل إنه “لم يتم الابلاغ عن نشاط معادٍ” الثلاثاء، لكنه أضاف أن “بعض قوات طالبان لا تزال في المدينة”.
وأضاف أودونيل أن تقارير ترد بأن المقاتلين يختبئون بين السكان المدنيين، وأن السكان “يتعرضون للترهيب والتنكيل”.
وقال إن “الطالبان الذين يدَّعون كذبا بأنهم لا يستهدفون المدنيين، أعدموا أبرياء وهدموا منازل وأحرقوا سوقاً وخلقوا ظروف أزمة إنسانية من خلال هذا الهجوم”.
وأفاد تقرير من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المعارك أوقعت أكثر من مئة قتيل مدني، وفق تقارير لم يتم التحقق منها بعد. وحذرّ التقرير من أن الأنباء عن اختباء طالبان في منازل الأهالي والمتاجر عزز مخاطر سقوط ضحايا مدنيين في حال شن غارات جوية.
وقال أودونيل إنه لم يتم شن غارات جوية الثلاثاء.
وقال تقرير مكتب الأمم المتحدة إن القنابل المزروعة على الطرق المؤدية إلى شمال المدينة وجنوبها “حرمت المدنيين من طريق آمن للفرار من المعارك”.
ولا تزال الاتصالات مقطوعة إلى حد كبير في غزنة، ما يجعل التحقق من أي معلومات متعذرا.
ولكن سكاناً تم الاتصال به قالوا إن القتال مستمر وإن مقاتلي طالبان يشعلون النار في المباني ويقتلون المدنيين ويطلقون النار على قوات الأمن.
– “مدينة أشباح” –
وقال النائب عن غزنة شاه غول رضائي الثلاثاء إن قوات الأمن نجحت في تمشيط أجزاء من المدينة، ولكن في أحياء أخرى “تمركز مقاتلو طالبان في مبان مرتفعة يطلقون منها النار على قوات الأمن”.
وقال سيد ضيا من سكان المدينة إن “غزنة أصبحت الآن مدينة أشباح. عناصر طالبان ينتقلون من منزل إلى منزل بحثاً عن مسؤولين حكوميين أو أقربائهم لقتلهم. كل من يستطيع الفرار يهرب”.
وقال آخر في المدينة إن عناصر طالبان يقتلون المدنيين الذين يرفضون مساعدتهم. وقال الشاهد الذي طلب التعريف عنه باسم عبدالله، “رأيت شاحنتين محملتين بالنعوش تتجهان إلى مقبرة المدينة. بدا أنهم جميعهم مدنيون”.
وأضاف أن “الدخان يلف المدينة. إنهم يشعلون النار في كل مكان يصلونه”، في حين تعرضت المتاجر للنهب ويتعذر توفير مياه الشرب والطعام.
وقال وزير الدفاع الأفغاني الاثنين إن 100 على الأقل من قوات الأمن قتلوا في المعارك، في حين قدر عدد القتلى المدنيين بما بين 20 و30 شخصا.
– مئات عالقون –
والهجوم على غزنة هو أعنف هجوم تكتيكي تنفذه طالبان منذ هدنة غير مسبوقة شهدها شهر حزيران/يونيو، وتم بموجبها تعليق القتال بين طالبان والقوات الأفغانية، وسط ترحيب السكان الذين أنهكتهم المعارك.
وقال أودونيل الثلاثاء “واضح أن طالبان لا يعيرون أي اهتمام لنداء الشعب الافغاني لهم بالمصالحة والانضمام الى الى عملية السلام”.
ويقول محللون إن المتمردين يعرضون قواهم مع تعرضهم لمزيد من الضغوط لإجراء مفاوضات مع الحكومة.
وقال المحلل عبد الحميد سفوف إن سقوط القاعدة والهجوم على غزنة يدلان على المصاعب التي تواجهها القوات الأفغانية في حربها مع المقاتلين في كل أنحاء البلاد. وأضاف أن “طالبان يعرفون هذا ويفتحون جبهات عدة مع القوات الأفغانية بهدف إنهاكها وإضعافها أمام هجماتهم المتنقلة”.
وتقع غزنة على الطريق السريع بين كابول وقندهار وتعد بوابة تؤدي إلى معاقل طالبان في الجنوب.
وأدت المعارك إلى احتجاز المئات الثلاثاء في محطة للحافلات في جنوب قندهار حيث لم يتمكنوا من التوجه إلى كابول قادمين من ايران وولايات أخرى، وفق مراسل لفرانس برس.
وقال البعض إنهم ينتظرون منذ أيام، ولم يعد لديهم لا مال ولا طعام.
وقال رجل لفرانس برس “بحق الله. ليوقفوا القتال ويدعونا نعود إلى منازلنا”.