مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عقبة سويسرية في طريق بي نظير بوتو

بي نظير بوتو، زعيمة حزب الشعب ورئيسة الوزراء السابقة في باكستان أمام قصر العدالة في جنيف يوم 19 سبتمبر 2005 Keystone Archive

حصلت بي نظير بوتو مؤخرا على عفو من السلطات الباكستانية بخصوص تهمة الفساد وتبييض الأموال ولكنها لا زالت محل تتبع من قبل القضاء السويسري في جنيف.

فالسياسية المخضرمة والمرشحة المحتملة لمنصب رئيس الوزراء المقبل في باكستان متهمة بـ “تعاطي الرشوة باحتراف” من قبل القضاء في جنيف الذي فرض حجزا على 12 مليون دولار من أموالها.

قد يجد النائب العام في دويلة جنيف دانيال زابيللي في غضون الأسابيع القليلة القادمة نفسه في مأزق جدي يتمثل في الآتي: هل يُعقل أن نعيد شخصية سياسية من هذا الطراز الرفيع للمثول أمام محكمة الجنايات في الوقت الذي حصلت فيه على عفو في بلدها الأصلي؟.

ولكن العدالة في جنيف لم تتحرك في شهر نوفمبر 1997 إلا بعد أن طلبت منها جمهورية باكستان الإسلامية فرض حجز على حسابات عائلة بوهوتو. وكانت الدوافع لهذا الحجز تتمثل في شكوك تتعلق باحتمال حصولها على مبالغ مالية معتبرة عن طريق تسليم صفقات عمومية أثناء فترة ترؤسها لحكومة بلادها (من 1993 إلى 1996) لشركات سويسرية مقابل تقاضي رشاوي.

وبالفعل حصلت اثنتان من كبريات الشركات السويسرية على صفقات كبرى في باكستان سنة 1994 وهما الشركة العامة للرقابة SGS وشركة كوتيكنا Cotecna.

ملف لدى النائب العام

يجد كل قضاة التحقيق الثلاثة الذين تعاقبوا على معالجة ملف ابنة رئيس الوزراء الأسبق ذوالفقار علي بوتو (الذي أعدمه الجنرال ضياء الحق في موفى الثمانينات) خلال أكثر من عقد من الزمن وهم: دانيال دو وفو، كريستين جونو، وفانسان فورنيي، بأن بي نظير بوتو وزوجها حصلا فعلا على 12 مليون دولار في حسابات سويسرية تابعة لشركات مسجلة في الجزر العذراء (Virgin Islands) وفي بنما.

وقد اقتنت رئيسة الوزراء السابقة في باكستان طاقم مجوهرات بلغ سعره 117 ألف جنيه استرليني (أي 280 الف فرنك سويسري) مستخدمة في ذلك حسابا تابعا لهذه الشركات المسجلة في الخارج.

وقد أكد القاضي فانسون فورنيي بأنه يعمل حاليا على إعداد الرسالة التي سيوجهها للمحكمة، ومن المتوقع ان يوضع ملف بي نظير بوتو قريبا على مكتب النائب العام في جنيف.

فالسيدة بوتو وزوجها اللذان صدر في حقهما حكم في البداية بتهمة “تبيض الأموال”، تعرضا لإدانة أخرى في عام 2004 بتهمة “تبييض الأموال باحتراف” وهو توصيف يحول دون إسقاط التهم الموجهة لهما بسبب التقادم.

وكان زوجها، عاصف زردري، الذي تولى لفترة من الزمن منصب وزير الاستثمارات الخارجية في الحكومة الباكستانية، قد سُمي “مستر 10%” بسب العمولات التي كان يتسلمها مقابل منح العقود العمومية للشركات.

عفو تم انتقاده في سويسرا

ويتساءل القاضي فانسون فورنيي بمرارة كيف أن الحكومة الباكستانية “ظلت وراءنا طوال عشرة أعوام لحث العدالة على الاقتصاص، واليوم وبسبب تغير التحالفات السياسية حصلت السيدة بوتو على العفو؟”.

وحتى بالنسبة للسيدة دومينيك مينشو، محامية الدفاع عن جمهورية باكستان الإسلامية في جنيف، لا يشكل هذا الإعلان عن العفو خبرا جيدا، إذ تتساءل عما إذا كانت باكستان “ستسحب طلبات المتابعة”؟، وتقول المحامية السويسرية “يجب أن ننتظر لمعرفة الصيغة التي استعملت في ميثاق المصالحة الوطنية، لأن الحديث عن عفو لا يعني بالضرورة أن عملية رشوة تمت بالفعل من قبل”.

وكانت بي نظير بوتو المقيمة في منفاها منذ عام 1999 في كل من دبي ولندن، قد ترددت على جنيف ثلاث مرات وتمسكت بنفي التهم الموجهة إليها بتاتا. ويتساءل كثيرون الآن عما إذا كانت ستقدم على طلب استعادة الـملايين المحتجزة وعما سيكون عليه الموقف السويسري حينها.

ويرى آليك ريموند، محامي السيدة بي نظير بوتو بأن الأمور أصبحت الآن واضحة نقية، حيث أنه لا وجود لجنحة في السابق ويقول “في حال عدم إقامة الدليل على حدوث عملية تبييض للأموال، فإن الأمور ستسير نحو إنهاء الإجراءات القضائية في جنيف”.

العدالة في سويسرا مستقلة

فالسفير السويسري الجديد ماركوس بيتر، المقيم في الحي الدبلوماسي الهادئ في العاصمة الباكستانية إسلام أباد لا يبدي أي قلق زائد بهذا الخصوص. إذ يقول “إننا نتوقع أن تطرح علينا بعض الأسئلة ولكن بإمكاني التوضيح بأن وزارة الخارجية السويسرية ليست معنية مباشرة بهذا الملف لأن العدالة في سويسرا مستقلة”.

ولكن من المحتمل ألا تخلو العملية من ضغوط، يُتوقع أن تأتي بالدرجة الأولى من الولايات المتحدة نظرا لأن واشنطن هي التي مارست ضغوطا على الجنرال برويز مشرف الحاكم العسكري للبلاد منذ عام 1999 والذي أعيد انتخابه يوم السبت 6 أكتوبر الماضي، لكي يسمح بعودة بي نظير بوتو للبلاد وللعمل السياسي.

إذ ترى واشنطن أنه بالنظر الى تدهور الأوضاع في البلد فقد يسهم وصول سيدة لمنصب رئاسة الوزراء الى تهدئة الأوضاع والتخفيف من الصورة المرعبة لهذا النظام الدكتاتوري العسكري.

وكانت السيدة بي نظير بوتو الملاحقة من قبل القضاء بتهمة تبييض الأموال، والتي يُتوقع أن تعود إلى باكستان يوم 18 أكتوبر، قد إشترطت إصدار قرار العفو عنها قبل قيامها بالتوقيع على ميثاق “صلح وطن ” مع الرئيس مشرف.

إيان هامل، العائد من باكستان

(نقله إلى العربية وعالجه محمد شريف)

1994 وقعت شركتا المراقبة العامة SGS وكوتيكنا السويسريتين على عقود مع حكومة باكستان
1997 طلبت باكستان تقديم المساعدة القضائية من سويسرا حول قضية رشاوى تعلقت بالشركتين
1998 وجهت تهم إلى بي نظير بوتو وزوجها في كل من باكستان وسويسرا
1999 صدر حكم بخمس سنوات بالسجن ضد الزوجين بوتو من محكمة لاهور بباكستان
2001 نقضت المحكمة العليا الباكستانية الحكم
2004 وجهت تهم للزوجين بوتو في جنيف “بتعاطي الرشوة باحتراف”.
2007 صدور قرار في باكستان بالعفو في حق بي نظير بوتو تمهيدا لعودتها للبلاد يوم 18 أكتوبر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية