مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في شوارع صنعاء المنهكة بالحرب مقاه جديدة تقدّم القهوة اليمينة للذواقة

عامل في مقهى في صنعاء يقدّم قهوة يمنية في 23 تموز/يوليو 2023 afp_tickers

بين المباني الشاهدة على المعارك وصور المقاتلين الذي قتلوا في الحرب والمعلّقة على الجدران، تنتشر في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين، مقاه حديثة تقدّم لروّادها القهوة اليمنية الأصلية التي كادت

وللبلد الأكثر فقرا في شبه الجزيرة العربية والذي يشهد صراعا منذ أكثر من ثماني سنوات بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الموالية للحكومة، جذور عميقة مع القهوة.

وتقول روايات أن الساحل الغربي لليمن، وخصوصا منطقة المخا، شهد أول صناعة لحبوب البن في القرن الخامس عشر. ومع ذلك، ركّز رواد الأعمال اليمنيون حتى وقت قريب على تصدير أفضل منتجاتهم إلى الأسواق الخارجية.

من بين هؤلاء مختار الخنشلي الذي تحدّى مخاطر الحرب لشحن حاوية مليئة بحبوب البن خلال المراحل الأولى من النزاع، كما ورد في كتاب لديف إيدغارز في 2018 بعنوان “راهب المخا”.

لكن القيود التي فرضت على عمليات الاستيراد والتصدير خلال الحرب دفعت بيمنيين آخرين إلى التركيز على الداخل، ما أدّى إلى ظهور مقاه في شوارع صنعاء تحمل بعض ملامح مقاهي بروكلين وباريس.

ويقول صاحب مقهى “درر” راشد أحمد شاجع “كان الناس بدأوا يشعرون بأن القهوة اليمنية مكلفة وفقدوا الاهتمام بشرائها”، متذكّرا كيف انهارت سوق التصدير لا سيما بعد تصاعد الحرب مع تدخّل تحالف عسكري بقيادة السعودية لمساندة الحكومة في 2015.

فقرّر فتح مقهاه في وسط صنعاء حيث يمكن للزبائن تذوّق القهوة من جميع أنحاء البلاد، محاطين بالفن اليمني والأثاث الخشبي المحلي الصنع.

ويضيف شاجع لوكالة فرانس برس التي قامت بمهمة صحافية نادرة الحدوث في صنعاء “كان علينا التفكير في طريقة أخرى لدعم مزارعينا”، مضيفا “قال الجميع إنه من المستحيل العمل في اليمن، وإن الناس ليست لديهم قدرة شرائية، لكننا أصرينا على الاستمرار”.

– “موجة” –

في حدة في جنوب صنعاء، قام حسين أحمد بمغامرة مماثلة في 2018 حين افتتح مقهى “موكا هانترز” في أحد الشوارع الراقية، تتويجا لرحلة شخصية طويلة مع القهوة بدأت عندما أسّس مع زوجته اليابانية مقهى في طوكيو قبل أكثر من عقد.

بعد انتهاء زواجه، حوّل أحمد انتباهه إلى التصدير، لكن الحرب وحظر سفر اليمنيين دفعاه إلى التفكير في الفرص المتاحة داخل اليمن.

في الأيام الأولى للمقهى، كانت أعداد الزبائن قليلة جدا، لكن فناء المقهى أصبح الآن ممتلئا في معظم فترات بعد الظهر بمحبي القهوة اليمنية.

ويقول أحمد لفرانس برس “إنها أشبه بموجة”، معتبرا ذلك أمرا طبيعيا بالنسبة لبلد حوّل “رواد” القهوة فيه البنّ “إلى مشروب سحري”.

ويشدّد على أنّ القهوة التي يقدّمها مقهاه بعيدة كل البعد عن القهوة التجارية التي غالبا ما تكون ممزوجة بالحليب والسكر، مضيفا أن هذه الموجة تعيد الى الواجهة “القهوة ذات المذاق الطيب”.

ولا يزال كل من “درر” و”موكا هانترز” يعتمدان بشكل كبير على أعمال التصدير الخاصة بهما والتي أصبحت أسهل بعض الشيء بعد إعلان هدنة في نيسان/أبريل من العام الماضي نجحت في وقف القتال إلى حدّ كبير. ويشتري المتغتربون اليمنيون في العالم الذين يحنّون الى وطنهم، القهوة اليمنية.

ويقول أحمد “أعتقد أن مغتربينا (…) وبسبب صعوبة السفر، يصبحون أكثر عاطفة بشأن وطنهم. لذلك يشترون المنتجات المحلية”.

وتابع “القهوة الخاصة أشبه بحركة عالمية، لكنّها في اليمن مسألة عاطفية”.

ويأمل أصحاب المقاهي في ازدهار الحركة أكثر.

ويقول غالب يحيي الحرازي، مدير مقهى حراز الذي فتح العام الماضي ويتسّع لحوالى ألف شخص، “هذا المكان سيصبح في المستقبل أكبر مقهى في الشرق الأوسط”، مضيفا “لدينا هدف، العودة الى مجد وثقافة وأصل القهوة اليمنية”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية