مقتل 176 شخصا على الأقل في يومين من القصف في السودان

قُتل 176 شخصا على الأقل خلال يومين من الضربات التي نفذها الجيش وقوات الدعم السريع في أنحاء مختلفة من السودان، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس بناء على معطيات قدّمها مسؤولون ونشطاء ومحامون الثلاثاء.
وفي أم درمان الواقعة بشمال العاصمة الخرطوم، قُتل 65 شخصا على الأقل في عمليات قصف نفذتها قوات الدعم السريع، حسبما أعلن والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة.
وقال المسؤول التابع للحكومة السودانية المرتبطة بالجيش، أحد طرفي الحرب في السودان، إنّ قذيفة “أصابت حافلة ركاب أدّت إلى استشهاد جميع من بداخلها وعددهم 22 فردا تحوّلوا إلى أشلاء”.
وندد حمزة بارتكاب “المليشيا الإرهابية… أكبر مجزرة بشرية عن طريق القصف المدفعي وسط المواطنين”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش منذ العام 2023.
ووقع الهجوم غداة تنفيذ الجيش ضربة جوية على سوق في بلدة كبكابية في شمال دارفور بغرب البلاد، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، حسبما أفادت مجموعة “محامو الطوارئ” الثلاثاء.
وقالت المجموعة التي توثّق انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهرا، على صفحتها في فيسبوك “وقع القصف في يوم السوق الأسبوعي، حيث تجمّع الأهالي من قرى مختلفة للتبضع، مما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات، بينهم نساء وأطفال”.
وفي حادث منفصل، قالت المجموعة إن طائرة مسيّرة سقطت في ولاية شمال كردفان في وسط السودان في 26 تشرين الثاني/نوفمبر انفجرت مساء الاثنين، “ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم أطفال، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة”.
وفي مخيم زمزم للنازحين الذي يشهد مجاعة في شمال دارفور، أدى قصف نفذته قوات الدعم السريع الثلاثاء، إلى مقتل خمسة أشخاص، بحسب التنسيقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور وهي إحدى منظمات المجتمع المدني.
وفي تموز/يوليو، أصدرت هيئة تدعمها الأمم المتحدة تقريرا يفيد بأن المخيم الواقع قرب مدينة الفاشر المحاصرة، وعاصمة ولاية شمال دارفور، يشهد مجاعة.
– أعنف المعارك منذ أشهر –
وأودت الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع بحياة عشرات الآلاف وشردت 12 مليون شخص وتسبّبت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.
كما أدت إلى دمار كبير في الخرطوم، التي لم يتمكّن أي من الجانبين من تثبيت سيطرته عليها.
وفي آخر هجوم كبير في شباط/فبراير، استعاد الجيش معظم مدينة أم درمان الواقعة على الضفة المقابلة للخرطوم، وجزء من الخرطوم الكبرى.
وغالبا ما يشير السكان الى عمليات قصف عبر ضفتي النهر، وسقوط قذائف وشظايا على المنازل والمدنيين.
والثلاثاء، أشار شهود عيان إلى قصف مدفعي طال أم درمان من عدّة جبهات.
وقال أحد الذين شهدوا قصف حافلة الركاب لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته، “منذ ستة أشهر لم نشهد قصفا بهذه الكثافة والقوة”.
وتحدث شاهد آخر عن قصف من قاعدة وادي سيّدنا العسكرية في شمال أم درمان، في اتجاه مواقع تابعة لقوات الدعم السريع في غرب أم درمان والخرطوم بحري.
ويسيطر الجيش حاليا على أجزاء من العاصمة، بالإضافة إلى شمال وشرق البلاد، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على كامل إقليم دارفور تقريبا، ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان.
– “حملة تصعيد” –
ويعيش في إقليم دارفور الذي توازي مساحته تقريبا ربع مساحة السودان، نحو 10 ملايين نسمة يشكّلون حوالى ربع عدد سكان البلاد. لكن أكثر من نصفهم نزحوا من مناطق أخرى في السودان.
وشهد الإقليم بعض أعمال العنف الأكثر فظاعة في الحرب.
وفي لقطات أرسلت لوكالة فرانس برس يُفترض أنها لتبعات غارة الاثنين على سوق بلدة كبكابية، شوهد أشخاص وهم يبحثون بين الأنقاض بينما كانت أشلاء أطفال متفحمة على أرض محروقة.
ولم تتمكن فرانس برس من التحقّق من صحة اللقطات بشكل مستقل، بعدما حصلت عليها من التنسيقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور.
وفي حين أنّ بعض الهجمات بطائرات بدون طيار نُسبت إلى قوات الدعم السريع، إلا أنّ الجيش السوداني هو الطرف الوحيد الذي يملك طائرات مقاتلة.
واتهم الجيش في بيان الثلاثاء مجموعات سياسية تابعة لقوات الدعم السريع بـ”نشر أكاذيب”، وقال إنّ قواته “استهدفت قواعد نشاط المتمرّدين”.
وجاء ذلك بعدما قالت مجموعة “محامو الطوارئ” في بيانها “ندين بأشد العبارات المجزرة المروعة التي ارتكبها الطيران الحربي التابع للجيش اليوم في سوق مدينة كبكابية، شمال دارفور”.
وأشارت إلى أن هذه الهجمات “ليست سوى جزء من حملة تصعيد مستمرة، تدحض الادعاءات بأن القصف يركز فقط على الأهداف العسكرية، حيث تتركز الغارات بشكل متعمد على المناطق السكنية المأهولة”.
ويتّهم كل من الجيش وقوات الدعم السريع باستهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية عمدا.
والثلاثاء، اتّهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين في ولاية جنوب كردفان في الفترة من كانون الاول/ديسمبر 2023 إلى آذار/مارس 2024.
واتهمت المنظمة الجماعات بارتكاب “جرائم حرب” بما فيها “القتل والاغتصاب والاختطاف لسكان النوبة، فضلا عن نهب منازل وتدميرها” وحضّت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي على نشر بعثة لحماية المدنيين في السودان.
ماف/الح-ناش/كام