
أدلة بصرية تقلب رواية إسرائيل الرسمية حول هجوم مميت على مستشفى بغزة

من معيان لوبيل وديفيد جوتييه-فيلار ولينا مصري ونضال المغربي وريد ليفينسون وإم.بي بيل وميلان بافيتشيتش
(رويترز) – يتعارض تحليل أدلة بصرية أجرته رويترز ومعلومات أخرى تتعلق بهجوم شنته إسرائيل على مستشفى في غزة الشهر الماضي مع التفسير الإسرائيلي لما حدث في الغارة التي سقط فيها قتلى.
فقد أسفر الهجوم على مستشفى ناصر في 25 أغسطس آب عن مقتل 22 شخصا، بينهم خمسة صحفيين. وقال مسؤول عسكري إن القوات الإسرائيلية خططت للهجوم باستخدام مقاطع التقطتها طائرة مسيرة أظهرت وجود كاميرا تابعة لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) كانت هي الهدف من الغارة. لكن الأدلة البصرية وغيرها من التقارير الخاصة برويترز تثبت أن الكاميرا الظاهرة في اللقطات تعود في الواقع إلى وكالة الأنباء وكان يستخدمها أحد صحفييها منذ فترة طويلة.
ويقول المسؤول العسكري الإسرائيلي الآن إن القوات تصرفت دون الحصول على موافقة القائد الكبير المسؤول عن العمليات في غزة. وأبلغ المسؤول رويترز عن هذا التجاوز بعد أن قدمت وكالة الأنباء نتائج تحقيقها إلى الجيش الإسرائيلي.
وبعد يوم واحد من قصف الدبابات الإسرائيلية لمستشفى ناصر، قال المسؤول إن المراجعة الأولية التي أجراها الجيش خلصت إلى أن القوات استهدفت كاميرا تابعة لحماس لأنها كانت تصورهم من المستشفى. وأضاف أن القوات انتابتها الريبة حيال الكاميرا لأنها كانت مغطاة بمنشفة، حينها اتخذ قرار بتدميرها.
وتظهر لقطة شاشة مأخوذة من لقطات تم تصويرها بطائرة مسيرة تابعة للجيش الإسرائيلي الكاميرا المغطاة بقطعة قماش ذات لونين على درج المستشفى. وأكد المسؤول العسكري لرويترز الأسبوع الماضي أن الكاميرا المغطاة بقطعة قماش كانت هي الهدف.
وخلص تحقيق رويترز إلى أن قطعة القماش التي تظهر في اللقطة لم تضعها حماس هناك. لقد كانت سجادة صلاة صحفي رويترز حسام المصري، الذي قتل في الهجوم. وكان المصري قد وضع كاميرته 35 مرة على الأقل منذ مايو أيار على نفس الدرج في مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لنقل البث الحي لعملاء رويترز الإعلاميين في جميع أنحاء العالم. ولطالما غطى كاميرته بسجادة الصلاة ذات اللونين الأخضر والأبيض لحمايتها من الحرارة والغبار.
ويقدم تحقيق رويترز الرواية الأشمل حتى الآن لتطورات الهجوم بما في ذلك تجاوز القوات الإسرائيلية لتسلسل القيادة، وأكدت رويترز بشكل قاطع أن الكاميرا المستهدفة كانت تابعة لها.
وفي وقت سابق ذكرت وكالة أسوشيتد برس، التي فقدت أحد صحفييها في هجوم المستشفى، أنها وجدت أدلة قوية على أن الكاميرا التي وصفتها القوات الإسرائيلية بأنها هدف الهجوم كانت لرويترز.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوم المستشفى بأنه “حادث مأساوي”. وقال مسؤول عسكري لرويترز إن المصري والصحفيين الآخرين الموجودين لم يكونوا هدف الهجوم ولم يشتبه في صلتهم بحماس.
وقال إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة والذي تديره حماس إن ما قاله الجيش الإسرائيلي عن أن الحركة كانت تصور القوات الإسرائيلية من مستشفى ناصر “ادعاء باطل يفتقر إلى أي دليل، ويهدف للتملص من المسؤولية القانونية والأخلاقية عن مجزرة مكتملة الأركان”.
ورغم هذه الأمور التي تم الكشف عنها، ومرور شهر على الهجوم، لم يقدم الجيش الإسرائيلي شرحا وافيا لكيفية تطور الأمر ليصل إلى استهداف كاميرا رويترز ومقتل حسام المصري. كما لم يوضح الجيش الإسرائيلي بعد:
* لماذا لم يحذر طاقم المستشفى أو رويترز من نيته قصفالمستشفى؟ * ولماذا بعد إصابة الكاميرا في هجومه الأول، قصف الجيش الدرجمرة أخرى بعد تسع دقائق، مما أسفر عن مقتل صحفيين آخرين ومسعفينهرعوا إلى الموقع؟ * وما إذا كان قد أخذ في الاعتبار أن درج المستشفى الذي كانالمصري يصور منه وقت مقتله كان مكانا يستخدمه العديد من الصحفيينبانتظام لتسجيل اللقطات وإعداد التقارير خلال الحرب؟ * ومن وافق على الضربة؟ لم يفصح المسؤول العسكري عن الجهة التيأصدرت الأمر بالهجوم، على الرغم من عدم موافقة قائد المنطقة. إن غياب أي تفسير كامل لما حدث في مستشفى ناصر يمثل نمطا متبعا في الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي أودت بحياة صحفيين منذ أن شنت إسرائيل هجومها المستمر منذ قرابة العامين بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
وتقول لجنة حماية الصحفيين إنها وثقت مقتل 201 صحفي وعامل في مجال الإعلام في غزة وإسرائيل ولبنان، حيث امتدت الحرب بعد وقت قصير من الهجوم الأولي. ويشمل هذا العدد 193 فلسطينيا قتلوا بنيران إسرائيلية في غزة، وستة قتلوا على يد إسرائيل في لبنان، وإسرائيليين اثنين قتلا في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وأفادت لجنة حماية الصحفيين بأن إسرائيل لم تنشر مطلقا نتائج أي تحقيق رسمي ولم تحاسب أي أحد على مقتل الصحفيين بنيران الجيش الإسرائيلي. وقالت سارة القضاة المديرة الإقليمية للجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنه بالإضافة إلى ذلك، لم تدفع أي من هذه الوقائع إلى مراجعة جادة لقواعد الاشتباك الإسرائيلية ولم يؤد التنديد الدولي إلى أي تغيير في نمط الهجمات على الصحفيين خلال العامين الماضيين.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي “يعمل الجيش الإسرائيلي على الحد قدر الإمكان من تعرض المدنيين للأذى، بمن فيهم الصحفيون”. وأضاف “نظرا لاستمرار تبادل إطلاق النار، فإن البقاء في منطقة قتال نشط ينطوي على مخاطر بطبيعة الحال. يوجه الجيش الإسرائيلي ضرباته فقط نحو الأهداف العسكرية والعناصر العسكرية ولا يستهدف المدنيين أو الأهداف المدنية، بمن فيهم المؤسسات الإعلامية والصحفيون”.
(شارك في التغطية أنتوني دويتش ومايا الجبيلي وأندريا بوبيسكو وتمار أوريئيل بيري ورمضان عبد وجوليا بارافيتشيني وهانا كونفينو وإميلي روز – إعداد حاتم علي وبدور السعودي للنشرة العربية – تحرير دعاء محمد)