The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات

الأرض تضيق بالبدو مع انتشار المستوطنات الإسرائيلية بالقرب من القدس

reuters_tickers

من بيشا ماجد

جبل البابا (الضفة الغربية) (رويترز) – تقلصت تدريجيا مساحة الأراضي المتاحة لرعي الماشية أمام المجتمع البدوي الذي ينتمي له عبد الله الجهالين بالقرب من القدس، حيث أخذت المستوطنات اليهودية في الاتساع على الأراضي التي تحتلها إسرائيل لتطوق المدينة وتتوغل في عمق الضفة الغربية.

والآن، يواجه المجتمع البدوي المكون من حوالي 80 عائلة خطر الطرد من آخر بقع من الوادي والأحراش التي اتخذها موطنا له منذ عقود.

ويتعلق مأزقهم بمشروع استيطاني إسرائيلي من شأنه أن يشق الضفة الغربية، ويقطع اتصالها بالقدس الشرقية، و”يدفن” – وفقا لمسؤولين إسرائيليين – أي أمل متبق في إقامة دولة فلسطينية مستقبلية.

وبينما تتحرك المزيد من القوى الغربية للاعتراف بدولة فلسطينية وسط إحباط من الحرب في غزة، يقول الفلسطينيون حول القدس إنهم يشاهدون أراضيهم تتلاشى تحت زحف الرافعات والجرافات الإسرائيلية. وتشكل المستوطنات الآن حلقة شبه متصلة حول المدينة.

وقال الجهالين وهو جالس تحت شجرة كبيرة بالقرب من مستوطنة معاليه أدوميم، وهي مستوطنة نمت بالفعل لتصبح ضاحية يهودية في القدس على أرض فلسطينية تحتلها إسرائيل “إلى أين يمكن أن أذهب؟ لا يوجد شيء”.

وسيملأ ما يسمى بمشروع (إي1)، الذي أعطت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر له مؤخرا، آخر فجوة كبيرة في الحزام الاستيطاني – وهي منطقة ظلت حتى الآن بمنأى عن البناء.

وقالت هاجيت أوفران، من حركة السلام الآن، وهي جماعة إسرائيلية مناهضة للاستيطان “هذا في الواقع يقطع إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة”. وأضافت “سيتم قطع التواصل الإقليمي من الشمال إلى الجنوب بشكل كامل”.

وجمدت إسرائيل في السابق خطط البناء في معاليه أدوميم عام 2012 ومرة أخرى في عام 2020، بعد اعتراضات من الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين وقوى أخرى، والتي اعتبرت المشروع تهديدا لأي اتفاق سلام مستقبلي مع الفلسطينيين.

لكن في أغسطس آب، أعلن نتنياهو ووزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش أن العمل سيبدأ. وقال سموتريتش إن هذه الخطوة من شأنها “دفن” فكرة الدولة الفلسطينية.

وقال سموتريتش “كل من يحاول في العالم الاعتراف بدولة فلسطينية اليوم سيتلقى جوابنا على الأرض”. وأضاف “ليس بالوثائق ولا بالقرارات أو البيانات، بل بالحقائق. حقائق المنازل، حقائق الأحياء”.

* النمو الاستيطاني يتحدى الضغوط الدبلوماسية

نددت أستراليا وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان بهذه الخطوة واعتبرتها انتهاكا للقانون الدولي.

واستنكر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة هذا الإعلان، واصفا إياه بأنه انتهاك للقانون الدولي.

ولم يرد مكتبا نتنياهو وسموتريتش بعد على طلب من رويترز للتعليق.

ومما يسلط الضوء على الانتقادات المتزايدة للحرب على غزة، التي دمرت جزءا كبيرا من القطاع، اعترفت أستراليا وبريطانيا وكندا والبرتغال بدولة فلسطينية يوم الأحد لتنضم إلى نحو 140 دولة أخرى فعلت ذلك بالفعل.

لكن التوقيت يبرز التناقض الصارخ بين المواقف الدبلوماسية والواقع على الأرض، إذ تواصل المستوطنات الإسرائيلية التوسع بسرعة في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.

وتعتبر معظم القوى العالمية جميع المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن إسرائيل تقول إن لها روابط تاريخية وتوراتية بالضفة الغربية التي تسميها يهودا والسامرة.

ويقول تقرير للأمم المتحدة إن إسرائيل وسعت بشكل كبير المستوطنات في الضفة الغربية في انتهاك للقانون الدولي.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يعيش اليوم نحو 700 ألف مستوطن إسرائيلي وسط 3.4 مليون فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وفي الشهر الماضي، جرى تسليم مجتمع البدو الذي ينتمي له الجهالين أوامر هدم لمنازلهم وأُبلغوا أن أمامهم 60 يوما لهدمها بأنفسهم. وداهمت قوات الأمن الإسرائيلية مصحوبة بالكلاب مرارا منازلهم ليلا، وهي أعمال يعتبرها المجتمع المحلي ترهيبا.

وقال محمد الجهالين وهو شقيق عطا الله “عندما يستيقظ الطفل من نومه ويرى كلبا في وجهه، يصاب بالخوف، إنها كارثة”.

وأضاف أنهم اعتادوا الطعن على إخطارات الهدم أمام المحاكم، ولكن‭‭ ‬‬ الوضع اختلف ‭‭‬‬‬‬منذ اندلاع حرب غزة.

وتابع “الآن، إذا توجهت إلى المحكمة، فورا المحكمة تأمر بالإخلاء”.

ويشمل جزء من مشروع إي1 ما يسمى “طريق نسيج الحياة”، والذي من شأنه أن ينشئ طرقا منفصلة للإسرائيليين والفلسطينيين، مما سيقطع وصول الفلسطينيين إلى مساحات واسعة من الضفة الغربية. وسيقطع الطريق أيضا رابطا حيويا بين التجمعات البدوية، مثل 22 عائلة يعيشون في جبل البابا وبلدة العيزرية الفلسطينية القريبة.

* البدو يخشون دورة جديدة من التهجير

كان الشقيقان عطا الله ومحمد الجهالين في صغرهما يشقان طريقهما عبر تل صخري لارتياد المدرسة في بلدة العيزرية المزدحمة بالأسفل، ويسير الأحفاد على خطاهما اليوم.

وقال عطا الله إن المجتمع الذي يعيش فيه يعتمد على العيزرية في التعليم وفي الصحة وفي كل شيء، مضيفا أن الوضع الاقتصادي مرتبط بها أيضا.

وعلى بعد بضعة تلال عبر الطريق السريع، تتأهب مستوطنة معاليه أدوميم للتوسع بموجب مشروع (إي1) الاستيطاني.

وقالت شيلي برين، وهي مستوطنة تعيش في معاليه أدوميم “أتعاطف مع الفلسطينيين”، في إشارة إلى ما يلاقونه من معاناة في نقاط التفتيش وقلة فرص العمل. وأضافت “لكن للأسف، كمواطنة إسرائيلية، أشعر أن علي الاهتمام بأمني أولا”.

ولم يرد المتحدث باسم مستوطنة معاليه أدوميم بعد على طلب التعليق.

وجاء المجتمع البدوي إلى جبل البابا بعد ما يطلق عليه الفلسطينيون “النكبة”، حين تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين في خضم الحرب التي أعقبت إعلان قيام دولة إسرائيل.

وأضاف عطا الله “أجدادنا عاشوا النكبة، واحنا بنعيش اليوم كل المعاناة، احنا بنتمنى أن أطفالنا ما يعيشوا هاي المعاناة، ويعيشوا حياتهم الطبيعية كباقي أطفال العالم”.

وفي المساء، أعد أحد الرجال القهوة على شعلة، بينما استرخى بقية أفراد المجتمع على الوسائد وتبادلوا النكات بينما غابت الشمس خلف التلال.

وعلى الجانب الآخر من الطريق السريع، كانت تتلألأ أضواء المباني البيضاء الشاهقة في مستوطنة معاليه أدوميم.

وقال محمد وهو يرتشف قهوته “ما في أي محل نروحه… الخروج من الأرض اللي اتولدنا فيها وآباؤنا فيها وأجدادنا فيها، إذا بدنا نخرج منها، والله (هذا الأمر) عندنا يعادل الموت”.

(إعداد سامح الخطيب وشيرين عبد العزيز وحاتم علي للنشرة العربية – تحرير محمود رضا مراد)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية