The Swiss voice in the world since 1935
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
الديمقراطية السويسرية
النشرة الإخبارية
أهم الأخبار
نقاشات
أهم الأخبار
النشرة الإخبارية

سويسرا تتحرّك لمنع صراع علمي في القطب الشمالي وسط تصاعد توتر عالمي

بول دزياتكوفيك وجولي ألارد

لم يعد القطب الشمالي منطقة حدودية نائية، بل أصبح بؤرة جيوسياسية وبيئية، وسيكون للتغيّرات الطارئة عليه أثرٌ ملموسٌ حول العالم. وتساهم سويسرا بفعالية في مجال الحوكمة والحوار متعدد الأطراف بهذه المنطقة، باعتبارها دولة تتمتع بصفة مراقب في مجلس القطب الشمالي.

بفعل تغيّر المناخ المتزايد، تتسارع وتيرة ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بأربعة أضعاف باقي الكوكب. والنتيجة، ذوبانُ التربة الصقيعية، وتقلّصُ الغطاء الجليدي في غرينلاند، وتشكيلُ ضغطٍ على الأنظمة البيئية.

ولا يقتصر هذا الأثر على المناطق القطبية، بل يتعداها إلى العالم بأسره، إذ يؤدي إلى تغيّرات في الطقس حول العالم، وانخفاض مستوى سطح البحار، وتراجع التنوع البيولوجي. وبذلك، يصبح القطب الشمالي نظام إنذار مبكر للعالمرابط خارجي بشأن حالة كوكبنا.

في ذات الوقت، يتحول القطب الشمالي إلى بؤرة ملتهبة ذات أهمية استراتيجية. حيث يفتح الجليد الذائب طرقًا ملاحية جديدة، ويكشف النقاب عن ثروات هائلة من النفط والغاز والمعادن النادرة. وهو ما قد يؤدي إلى احتدام المنافسة بين الدول القطبية وغيرها من الدول. وتجدر الإشارة إلى تغير المشهد الجيوسياسي في المنطقة، لا سيما تزايد التسليح والتوترات الدولية، خاصةً بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا، وهو ما دمَّر علاقات علمية ودبلوماسية طويلة الأمد.

في هذا السياق، أثبتت الدبلوماسية العلميةرابط خارجي نجاحها كأداة هامة لتعزيز التعاون الدولي، ووضع السياسات. وبالنسبة إلى سويسرا، تعتبر هذه الأداة شديدة الأهمية. إذ يحظى بلد جبال الألب بصفة مراقب في مجلس القطب الشماليرابط خارجي، الهيئة الدولية المنظِّمة للعلاقة بين الدول المطلة على القطب الشمالي، وسكانه المحليين. فتؤدي سويسرا دورًا محوريًّا بسبب خبرتها العلمية، وحيادها، ومكانة جنيف الدولية. ويسمح هذا الدور للكونفدرالية، بتقديم إسهام مهم في حوكمة القطب الشمالي، والأبحاث المتعلقة بالمناخ، والحوار متعدد الأطراف.

الدبلوماسية العلمية .. جسر في الأوقات العصيبة

 تشمل الدبلوماسية العلمية رابط خارجيثلاثة أبعاد، وفقًا لتعريف معهد ألفريد فيغنر الألماني للبحوث القطبية والبحرية: العلم في الدبلوماسية (بوصفه أساسًا معرفيًّا للسياسة)، والعلم لأجل الدبلوماسية (كوسيلة لبناء العلاقات)، والدبلوماسية لأجل العلم (بوصفها سبيلًا إلى دعم الأبحاث العلمية).

وتركز الدبلوماسية العلمية على التغيرات في الطبيعة، وتأثيراتها المحتملة في البشرية. وعلى وجه الخصوص، تتناول المصالح المشتركة للدول، أو المخاطر المهدِدة لكل منها.

المزيد

ولا يزال مفهوم الدبلوماسية العلمية حديثًا نسبيًا؛ فقد نشأ في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. غير أنّ الظاهرة الموصوفة بهذا المفهوم أقدم بكثير. ويزخر التاريخ بأمثلة عديدة لكيفية مساهمة الدبلوماسية العلمية في إعادة بناء الثقة، وكيفية نشأة بعض المزايا من التعاون العلمي بين الدول المتناحرة.

فأثناء الحرب الباردة، أدّت الدبلوماسية العلمية، رغم العداء المرير بين القوتين العظمتين، إلى القضاء على مرض الجدري، واتخاذ الخطوات الأولى لإغلاق ثقب الأوزون.

أما العامل الحاسم في هذا النهج، فهو إدراك طرفي النزاع إمكانية وجود سبل للتعاون، رغمَ الاختلافات الشديدة بينهما. إذ ينبغي، بل يتحتم عليهما إدراك مزايا التعاون عندما يتعلق الأمر بالتهديدات المشتركة، خاصة تلك المهدِّمة لوجودهما.

وتعتبر منطقة القطب الشمالي نموذجًا للدبلوماسية الدولية والتعاون العلمي. وتمتد الأمثلة على ذلك من البعثات الدولية المشتركة في المنطقة، وتأسيس مجلس القطب الشمالي. وهو منتدى حكومي دولي مذكور آنفًا، ومتيح المبادرات لحماية البيئة، وبرامج التنمية المستدامة، وتنسيق الأبحاث العلمية.

وكمثال آخر، نذكر اللجنة الدولية لعلوم القطب الشمالي (IASC)رابط خارجي، معزِّزة التعاون العلمي الدولي في القطب الشمالي، وتضم باحثين وباحثات من عشرين دولة.

+ كيف يؤثر تغير المناخ على التوازن الدقيق للتربة الصقيعية

وبسبب زيادة سرعة ذوبان الجليد المطَّردة، أصبح الحوار المثمر، والتعاون البنَّاء اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. وبفضل مركزها الفريد، يمكن لسويسرا، وبخاصة جنيف الدولية، الاضطلاع بتعزيز هذا الحوار ومعالجة مشاكل القطب الشمالي الأكثر إلحاحًا.

صوت محايد .. في عالم منقسم

في خضمّ انقسام جيوسياسي، تأتي الجهود السويسرية في إطار الدبلوماسية العلمية. إذ لم تُغير الحرب الروسية في أوكرانيا، الديناميكية الأمنية في أوروبا وحسب، بل أثَّرت كذلك في العمل المشترك في القطب الشمالي. إذ تم استبعاد روسيا عمليًّا من المنصات العلمية والدبلوماسية الهامة، مثل مجلس القطب الشمالي.

وقد أدى هذا الاستبعاد إلى إنهاء عقود من التعاون في مجال الأبحاث المتعلقة بالمناخ. كما قوّض الجهود العالمية المبذولة لرصد المشاكل البيئية والحد منها.

المزيد
كاسحة الجليد rompighiaccio

المزيد

حلول مناخية

لسويسرا دور يُمكن أن تلعبه في القطب الشمالي

تم نشر هذا المحتوى على تشرح آنا شتونزي، رئيسة مؤسسة “فورآوس” الفكرية للسياسة الخارجية، كيف يمكن لسويسرا المساهمة في التنمية المستدامة والسلمية في القطب الشمالي.

طالع المزيدلسويسرا دور يُمكن أن تلعبه في القطب الشمالي

وعلى نطاقٍ يتجاوز القطب الشمالي، أدى انتهاك روسيا للمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية، لا سيما سيادة الدول، إلى زعزعة الثقة في الغرب. وتسبب في اضطراب منهجي للنظام متعدد الأطراف برمته.

وعلى الجانب الآخر، جلبت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مزيدًا من عدم اليقين. إذ تهدد هذه التغييرات الإطار متعدد الأطراف، القائمة عليه الدبلوماسية العلمية. كما تعرّض للخطر بصفة خاصة المنظمات المؤهلَة على الوجه الأمثل لمساعدة البشرية في فهم التحديات المُلحة، والتعامل معها.

سويسرا في موقع الريادة

إزاء المخاوف الأمنية الوطنية، تخلت الكثير من الدول عن التعاون الدولي عبر الحدود الجيوسياسية، خصوصًا في مجالات البحث الحسّاسة. كما تم تخفيض تمويل المشروعات والملتقيات العلمية من الجانبين. كذلك، انعكست الرقابة المتزايدة سلبًا على الحرية الأكاديمية. وكانت النتيجة تفسخ الشبكات العلمية العالمية، ما يزيد من صعوبة مواجهة التحديات المشتركة، مثل تغير المناخ أو الجائحات الوبائية المحتملة. وفي الوقت نفسه، جاءت استراتيجية السياسة الخارجية للأعوام 2024-2027رابط خارجي التي تبنتها الحكومة السويسرية، لتشدد على اتباع نهج قائم على المعرفة. فتقر بتشكيل مكانة سويسرا الرائدة في مجالات “التعليم والبحث العلمي والابتكار”، “أساسًا جيدًا لدبلوماسية علمية رفيعة المستوى”.

وعلاوة على ذلك، تشدد هذه الاستراتيجية على إمكانية إسهام العلم في الجهود الدبلوماسية في مجالات تعزيز السلام، والحوكمة العالمية.

وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية السويسري، إنياتسيو كاسيس، عام 2019، في وجهة نظر على موقع سويس إنفو (Swissinfo.ch)، حيث كتب: “تعد الدبلوماسية العلمية أداة هامة لتعزيز التعاون بين الدول”.

كما وصف الدبلوماسية العلمية بأنّها “فرصة لسويسرا لتعرض جودة أبحاثها العلمية المتميّزة، من أجل دعم الحوار العالمي”.

حان وقت الحوار

في هذا السياق، يعد القطب الشمالي، كما أشرنا، نقطة التقاء استراتيجية، تتشابك فيها الجغرافيا السياسية مع الأولويات الأمنية المتنافسة، وحقوق الشعوب الأصلية، والفرص الاقتصادية، وحماية البيئة.

وتعتبر منصة “محادثات الشمال الأقصى” (High North Talks)، إحدى أهم المنصات لمناقشة هذه القضايا. وهي مبادرة غير رسمية تجمع بين جهات اتخاذ القرارات السياسية، والبحث العلمي، والخبراء والخبيرات من الدول المعنية، بهدف مناقشة القضايا الأكثر إلحاحًا، المتعلقة بالقطب الشمالي.

وتُجرى هذه المحادثات برعاية مركز جنيف للسياسة الأمنية (GCSP)رابط خارجي. وهو أحد المراكز القليلة المتبقية، الممكن فيها لممثلي.ات الدول المعنية بالقطب الشمالي، مناقشة مستقبل المنطقة في جو آمن ومتعقل.

وتدور “محادثات الشمال الأقصى” حول ثلاث موضوعات أساسية، البيئة والعلوم (حيث تُطرح أفكار لاستئناف التبادل بشأن المسائل العلمية الأكثر إلحاحًا)، والأمن، والحوكمة.

وتهدف هذه الموضوعات إلى تعزيز الحوار، وتحديد مجالات التعاون بين الأطراف الفاعلة في القطب الشمالي، حتى في خضم التوترات الجيوسياسية. ويُؤمل من هذه النقاشات أيضًا تطوير أفكار إبداعية، من أجل الحد من تداعيات الفجوة الجيوسياسية الآخذة في الاتساع، والافتقار إلى الحوار الرسمي حول القطب الشمالي. إضافة إلى ذلك، من شأن تلك النقاشات تعزيز التفاهم والتعاون، واتخاذ إجراءات بشأن المسائل العاجلة.

وفي إطار “محادثات الشمال الأقصى” منذ عام 2022، ظهرت أفكار سياسية إبداعية، للتغلب على التحديات الهامة المواجهة للقطب الشمالي.

ورغم أنّه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، أسفر الحوار عن مناهج، من شأنها تحقيق مزيد من التعاون في البحث العلمي وإجراءات الرصد. وذلك من أجل تحسين التفاهم المتبادل بشأن البيئة سريعة التغير في منطقة القطب الشمالي، وتأثيراتها المحتملة في العالم بأسره.

أما المحادثات المتناولة لموضوع الأمن، فقد راهنت على إعادة بناء الثقة وتخفيف التوترات بين الدول المطلة على القطب الشمالي. وفي هذا المجال، من المزمع اتخاذ إجراءات مطمئنة لتجنب سوء الفهم، وإزالة أي التباس، وفهم مصالح الطرف الآخر الأساسية، ومن ثمّ الحيلولة دون وقوع أية حوادث خطيرة.

كما ساهمت النقاشات حول التنمية المستدامة في لفت الانتباه إلى أهمية النمو الشامل والعادل، المراعي لاحتياجات جميع الأطراف، خاصةً السكان الفعليين للقطب الشمالي، بما فيهم الشعوب الأصلية.

ويؤكد الدور الذي يقوم به مجلس جنيف للسياسة الأمنية في تعزيز هذه المحادثات، على القوة الناعمة لجنيف الدولية وسويسرا، كنقطة التقاء عالمية للدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية.

المزيد
النشرة الإخبارية للشؤون الخارجية

المزيد

شؤون خارجية

نشرتنا الإخبارية المتخصصة في الشؤون الخارجية

سويسرا في عالم متغير. راقب معنا السياسة الخارجية السويسرية وتطوراتها. نقدم لكم حزمة من المقالات الدسمة لتتكون لديكم خلفية جيّدة حول المواضيع المتداولة.

طالع المزيدنشرتنا الإخبارية المتخصصة في الشؤون الخارجية

تحرير: بنيامين فون فيل

ترجمة: هالة فرّاج

مراجعة: أحمد محمّد

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية