
الناشط علاء عبد الفتاح يحتفل مع عائلته بخروجه من السجن

وصل الناشط السياسي المصري البارز علاء عبد الفتاح إلى منزل عائلته بالقاهرة في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء بعد صدور عفو بحقه من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لينتهي عقد قضاه الناشط المصري – البريطاني داخل السجون.
ولقى عبد الفتاح استقبالا مؤثرا من عائلته وأصدقائه، وأظهرته صور التقطتها وكالة فرانس برس وهو يقفز فرحا في منزله، وسط التصفيق والزغاريد.
وأطلقت السلطات المصرية سراح عبد الفتاح بعد مناشدات دولية ومحلية مكثفة، لا سيما من الحكومة البريطانية التي يحمل جنسيتها.
ونشر أقارب عبد الفتاح (43 عاما) على وسائل التواصل الاجتماعي فجر الثلاثاء صورا له محاطا بأفراد أسرته، بينما بدت الفرحة ظاهرة على الوجوه.
وقالت شقيقته سناء سيف، وهي ناشطة معروفة وسجينة سياسية سابقة، لصحافيين تجمّعوا في منزل عبد الفتاح بعد الإفراج عنه، “الحمدالله”، مضيفة “أنا أتمنى هذه اللحظة لكل أهالي المعتقلين”، آملة بأن تكون هذه “نهاية المأساة في عائلتنا وأن يُسمح لعلاء أن يسافر ليصبح مع ابنه” الذي يعيش في بريطانيا.
وأضافت سيف “ما زلت لا أصدق أن علاء معنا وأعتقد أنني سأكون في حاجة إلى الوقت لاستيعاب ذلك (…). لقد عادت حياتنا إلينا”.
وعبد الفتاح هو أحد أبرز وجوه ثورة عام 2011 في مصر، وينشط سياسيا منذ حكم الرئيس السابق حسني مبارك وقام بمعارضة الأنظمة المتعاقبة في مصر خلال العقدين الماضيين.
وأوقف عبد الفتاح عام 2019 وحُكِم عليه بالسجن لخمس سنوات بتهمة “نشر أخبار كاذبة” على خلفية منشور على مواقع التواصل الاجتماعي حول عنف الشرطة. ورغم انقضاء مدة السجن القانونية عام 2024، لم تطلق السلطات سراحه.
وقبل ذلك، قضى عبد الفتاح حكما بالحبس لمدة خمس سنوات انتهى عام 2019 لإدانته بتهمة “التظاهر بدون تصريح”.
وأصدرت الرئاسة المصرية الاثنين مرسوما ينص على “العفو عن باقي مدة العقوبة المقضي بها على عدد من المحكوم عليهم بعد اتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية في هذا الشأن، استجابة لمُناشدة المجلس القومي لحقوق الإنسان”.
وشمل قرار العفو ستة أشخاص بينهم عبد الفتاح.
وأعربت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر عن سعادتها بنبأ العفو عن عبد الفتاح.
وكتبت على حسابها على منصة إكس للتواصل الاجتماعي، “أنا ممتنّة للرئيس السيسي لاتخاذه هذا القرار”، مضيفة أنها تأمل في “أن يتمكن علاء قريبا من العودة إلى المملكة المتحدة”.
قبيل إطلاق سراحه، كان عبد الفتاح استأنف إضرابا عن الطعام في بداية أيلول/سبتمبر الجاري، بحسب عائلته، احتجاجا على استمرار حبسه رغم انقضاء المدة القانونية.
وأنهت والدة عبد الفتاح ليلى سويف في تموز/يوليو إضرابا عن الطعام استمر عشرة أشهر للمطالبة بالإفراج عن ابنها.
– مطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين –
ولاقى قرار إطلاق سراح عبد الفتاح ترحيبا محليا ودوليا، بعد مطالبات بالإفراج عنه استمرت لسنوات.
وقالت مديرة منظمة مراسلون بلا حدود في بريطانيا فيونا أوبراين تعليقا على قرار العفو “نحن نشعر بارتياح شديد لرؤية علاء عبد الفتاح حرا أخيرا”.
وأضافت بعد كل هذه السنوات الضائعة، يجب أن يُسمح له بالسفر بحرية إلى المملكة المتحدة ليلتقي بابنه خالد”.
وتابعت “بينما نحتفل بحرية علاء نتذكر أيضا الصحافيين التسعة عشر الآخرين الذين ما زالوا داخل السجون المصرية ونأمل أن يمثل الانتهاء المتأخر لقضية (عبد الفتاح) نقطة تحول في تاريخ مصر المظلم في قمع الأصوات المستقلة”.
ورحّبت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان بقرار العفو عن الناشط السياسي.
ووصف الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة عمرو مجدي، قرار العفو بأنه “أخبار جيدة متأخرة جدا”.
وأضاف “بينما نحتفل بالعفو عن (عبد الفتاح)، فإن آلاف الأشخاص مثل علاء يذبلون في السجون المصرية فقط لممارستهم حقهم في التعبير عن الرأي”.
وأتى القرار الرئاسي بالعفو عن عبد الفتاح وآخرين ردا على طلب قدّمه المجلس الأعلى لحقوق الإنسان مطلع الشهر الجاري بالعفو عن عدد من السجناء على خلفية معاناة عائلاتهم ظروفا “إنسانية وصحية تستدعي وجود ذويهم”. وطلب المجلس من السيسي استخدام “حق العفو الرئاسي”.
وكانت الحكومة البريطانية طالبت السلطات المصرية مرارا بإطلاق سراح عبد الفتاح. ووصفت الأمم المتحدة استمرار حبسه بأنه تعسفي، وطالبت بالإفراج عنه.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك مصر في آب/أغسطس إلى وقف ممارسات الاحتجاز التعسفي بحق منتقدي الحكومة ووضع حد لسياسة “التدوير”.
وتعمد السلطات المصرية لإدراج أسماء من انتهت مدة حبسهم في قضايا جديدة تحمل تهما مطابقة للقضايا السابقة، ما يسمح ببدء فترات جديدة من الحبس الاحتياطي، في سياسة يطلق عليها المنتقدون “التدوير”.
وقال تورك “ينبغي إطلاق سراح كل المحتجزين تعسفيا بسبب ممارسة حقوقهم الأصيلة أو لدفاعهم عن حقوق الإنسان بشكل فوري”.
وأمرت محكمة جنايات القاهرة في تموز/يوليو بشطب اسم عبد الفتاح من قائمة الكيانات الإرهابية “استنادا إلى التحريات التي أفادت بعدم استمرارية عبد الفتاح بأي نشاط لصالح جماعة الإخوان (المسلمين) الإرهابية”.
ورفع القرار قيودا عدة بما فيها تجميد الأصول والمنع من السفر.
وتتعرّض القاهرة منذ فترة طويلة لانتقادات بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وتقدّر منظمات حقوقية أن هناك عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، من بينهم ناشطون وصحافيون وشخصيات معارضة، وهو ما تنفيه السلطات.
بور/لم-الح/رض