مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دبلوماسية الغد عبر الإنترنت

أحد الطلبة العرب في دورة تدريبية في مقر مؤسسة ديبلو فاونديشن بمدينة جنيف (مصدر الصورة : ديبلوفونديشن) swissinfo.ch

تحتضن جنيف مؤسسة "ديبلو فاونديشن" المتخصصة في إعداد ديبلوماسيي المستقبل. وتتميز بتقديم معظم دروسها عبر شبكة الإنترنت لفائدة طلبة من شتى بقاع العالم.

هذه المؤسسة، التي تساهم سويسرا في تمويلها، ساعدت على تكوين 400 طالب من المهتمين بقضايا الشرق الأوسط والمتوسط، يقدم أغلبهم من البلدان العربية.

عندما تدور نقاشات حول أساليب التعليم والتحصيل المستقبلية، يتكهن كثيرون بأن يلعب الإنترنت دورا كبيرا في مجال التدريس عن بعد. في المقابل، لا يتردد يوفان كورباليا، مؤسس “ديبلو فاونديشن”، المؤسسة التعليمية التي تسهر على تكوين الدبلوماسيين عبر الإنترنت، في القول بأن تعليم فن الدبلوماسية يعتبر من المواد الأكثر ملاءمة مع هذا النوع من التعليم المستقبلي.

تسهر المؤسسة، التي تأسست عام 1992، وتعتبر فرعا للأكاديمية المتوسطية للدراسات الدبلوماسية التي يُوجد مقرها في مالطا، على تكوين طلبة في فن المفاوضات الدبلوماسية من مختلف بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط.

وقد تم في الآونة الأخيرة توسيع النطاق لكي يشمل طلبة مهتمين بقضايا حوض البحر الأبيض المتوسط، ولكن ينحدرون من باقي أنحاء العالم مثل اليابان والصين والولايات المتحدة.

التعليم عبر الإنترنت

إذا كان فن الدبلوماسية، خاصة في منطقة مثل حوض البحر الأبيض المتوسط، يعتمد بالدرجة الأولى على التواصل المباشر بين الأفراد (وهو الأسلوب الذي تحرص عليه أكاديمية مالطا حيث يقضي الطالب كامل الفترة التدريبية التي تستغرق 9 أشهر على عين المكان)، فإن مدير “ديبلو فاونديشن” يعتبر أن طريقة التدريس بمؤسسته، تراعي هذا الجانب من خلال تمكين الطلبة من فترة دراسية بمقر المؤسسة، إما في مالطا أو في جنيف لمدة أسبوعين فقط للسماح للمشاركين بالتعارف فيما بينهم على أن تتم مواصلة فترة التدريب عبر شبكة الإنترنت، بل يعتبر أن وظيفة الدبلوماسي لا تسمح بمواصلة الدراسة إلا عبر الإنترنت بسبب التنقل المستمر.

ولا يقتصر الساهرون على مؤسسة “ديبلو فاونديشن” على قبول ترشحات الطلبة المبعوثين من قبل الحكومات، بل يراهنون على مشاركة ممثلي المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص وممثلي المنظمات الدولية والصحفيين الراغبين في تعميق معرفتهم بمشاكل المنطقة المتوسطية.

وتهتم كل دورة تدريبية، إضافة الى العلاقات الدبلوماسية الثنائية، بملفات مثل اللغة والدبلوماسية، والدبلوماسية التجارية، وفن المفاوضات في العلاقات الدبلوماسية المتعددة الأطراف.

ومن خصوصيات هذه المؤسسة، بحكم أن أغلب دروسها تتم عبر شبكة الإنترنت، تمكين الدبلوماسي من التحكم في وسائل الاتصال الحديثة واستخدامها بشكل مكثف مثل الإنترنت والمراسلات الإلكترونية والمحاضرات عبر الفيديو.

ويقول يوفان كورباليا، مدير المؤسسة إن الطلبة الذين تابعوا مثل هذه الدورات التدريبية يتحصلون على شهادة عليا في الدبلوماسية معترف بها من طرف جامعة مالطا والاتحاد الأوروبي. كما أوضح السيد كورباليا لسويس إنفو بأن المؤسسة “تعتزم الشروع في تكوين الطلبة لنيل شهادة الإجازة في فن الدبلوماسية الحديثة ابتداء من العام القادم”.

اهتمام مكثف بالعالم العربي

على صعيد آخر، يتمثل اهتمام المؤسسة بمنطقة حوض البحر الابيض المتوسط، في التركيز بالدرجة الأولى على قضايا العالم العربي والمسائل المتعلقة بالشرق الأوسط عموما.

وبما أن مؤسسة “ديبلو فاونديشن” وُلـدت من رحـم الأكاديمية الدبلوماسية في مالطا، يُـذكـر يوفان كورباليا بأن “أكاديمية مالطا للدراسات الدبلوماسية أسست في بداية التسعينات، أي في أعقاب نهاية الحرب الباردة، بهدف خلق حلقة وصل بين دبلوماسيي منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، خاصة من البلدان العربية، ولمساعدتهم على إتقان فن المفاوضات وحل النزعات”.

وفيما قامت أكاديمية مالطا بتكوين أكثر من 200 طالب إلى حد الآن، نجحت مؤسسة “ديبلو فاونديشن” في تأهيل أكثر من 400 طالب.

وعن الاهتمام بالعالم العربي في مواد التدريس، يقول يوفان كورباليا إن ذلك يأتي “انطلاقا من أن العالم العربي هو اليوم محط اهتمام الإعلام العالمي. يضاف الى ذلك أن بعض الدروس قد تفيد أبناء المنطقة قبل غيرهم مثل قضايا حسن الجوار، وتفادي نشوب النزاعات وقضية الجوار مع الاتحاد الأوروبي”.

وعن الدول العربية التي ساهم طلاب منها في دروس “ديبلو فاونديشن”، يقول يوفان كورباليا: “إن أغلب الدول العربية كان لها حضور في الفترات التدريبية بالمؤسسة، وبالاخص من المغرب والجزائر وتونس ومصر وسوريا والأردن ولبنان”. ويتذكر بالخصوص مشاركة فلسطين بأكثر من عشرين متربصا في أحلك مراحل الانتفاضة، “وجدوا في شبكة الإنترنت أحسن وسيلة للاتصال، بحكم انقطاعهم عن العالم الخارجي”.

كما تعتزم مؤسسة ديبلو فاونديشن تنظيم دروس حول كيفية إدارة الإنترنت لفائدة دبلوماسيي العالم العربي في الفترة المقبلة تحضيرا لمرحلة تونس من القمة العالمية لمجتمع المعلومات.

وفي سياق آخر، نظمت المؤسسة في الآونة الأخيرة دورة تدريبية لفائدة دبلوماسيين من دولة الإمارات العربية المتحدة تابعها كل واحد منهم من مكان عمله في مختلف العواصم العالمية.

من جهة أخرى، تفكر “ديبلو فاونديشن”، بحكم اهتمام مؤسسها ومديرها بتاريخ فن الدبلوماسية عند العرب، في إنجاز مشروع جديد يتمثل في إطلاق موقع على الإنترنت يهتم “بالإرث الذي تركه ابن خلدون عن فن الدبلوماسية، ليس فقط من الناحية النظرية بل العملية أيضا”، مثلما يقول السيد كورباليا، الذي يأمل في أن يسهم بعض الدبلوماسيين العرب في “إثراء ذلك الموقع بتجاربهم وخبراتهم”.

تمويل سويسري

أخيرا يمكن القول أن فكرة مؤسسة “ديبلو فاونديشن”، كتب لها النجاح بفضل التزام الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية التابعة لوزارة الخارجية بتمويل المشروع بحدود 500 ألف فرنك سنويا.

ويأتي هذا الاهتمام السويسري في سياق تعزيز الدعم الذي تقدمه الكنفدرالية منذ عدة أعوام في مجال تمويل أكاديمية الدراسات الدبلوماسية في مالطا. كما تسهم الحكومة السويسرية من خلال الوكالة في تحمل نفقات بعض الطلبة الوافدين من البلدان الأقل نموا، ومن بينهم بعض الطلبة العرب.

أسست “ديبلو فاونديشن” في عام 1992
تهتم بتدريس فن الدبلوماسية بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط
تخرج منها لحد الآن حوالي 400 طالب حاصلين على شهادة عليا في الدبلوماسية
ابتداء من عام 2006، تشرع المؤسسة في التحضير لامتحان الحصول على “إجازة في علوم الدبلوماسية”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية