مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية على سويسرا؟

رجال مسلحون على مقربة من توريفيل
فرنسا في حالة تأهب قصوى تحسبا لوقوع هجمات إرهابية. KEYSTONE

أعلنت عدّة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، حالةَ التأهب القصوى بعد الهجوم الإرهابي المميت على قاعة حفلات موسيقية بالقرب من موسكو. وتُعدّ سويسرا أيضًا هدفًا محتملًا لتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، الذي أعلن مسؤوليته عن قتل العديد من الأشخاص في روسيا.

تسلّط سويس إنفو (SWI Swissinfo.ch) في هذا التقرير الضوءَ على التداعيات المحتملة لهجوم موسكو على سويسرا، والتدابير التي يمكن اتخاذها لتعزيز الأمن في البلاد.

هل تعدّ سويسرا هدفًا محتملًا للتنظيم؟

يقترب تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان (IS-K)* أكثر فأكثر من أوروبا، بعد أن قتل أربعة مسلّحين حوالي 140 شخصًا في قاعة مدينة كروكوس، على مشارف موسكو، يوم الجمعة 22 مارس الجاري. وتتمركز الجماعة الإرهابية في منطقة تغطي أجزاء واسعة من أفغانستان، وباكستان، وتركمانستان. وقد سبق لها أن نفّذت بالفعل هجمات مميتة في كلّ من أفغانستان وإيران.

وتعدّ هذه المجموعة الإرهابية جزءًا من تنظيم الدولة الإسلامية، الذي حدّد الولايات المتحدة، وإسرائيل، والدول الأوروبية، واليهود بشكل عام كأهداف لهجماته.

وأوضح جهاز الإستخبارات الفدرالي بسويسرا (FIS) في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني إلى سويس إنفو أنّ ” الدول الأخرى أكثر عرضة للخطر، خاصة تلك التي تشارك عسكريا في تحالفات دولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، أو التي يُنظر إليها على أنها معادية للإسلام بشكل خاص، من قبل الأفراد الذين يستلهمون الفكر الجهادي”.

المزيد

ورفعت فرنسا، التي من المقرر أن تستضيف دورة الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام، حالة التأهب الأمني إلى أعلى مستوى للدفاع عن نفسها ومنع تكرار حدوث هجمات إرهابية كتلك التي ضربت البلاد في السنوات السابقة.

كما أن ألمانيا في حالة تأهب قصوى، بعد اعتقال شخصين مؤخرًا، متهميْن بالتخطيط لهجوم على كاتدرائية كولونيا.

وتأخذ سويسرا بدورها، هذه الحالة على محمل الجد. حيث أشار جهاز الاستخبارات الفدرالي في تقريره السنوي بعنوان “أمن سويسرا 2023″، الذي نشر في يونيو الماضي، إلى أن “درجة التهديد الإرهابي الذي يواجه سويسرا لا تزال مرتفعة، وأن هذا التهديد ذو طبيعة جهادية في المقام الأول”.

ويضيف التقرير: “لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية على استعداد للتخطيط، وتنفيذ هجمات في أوروبا. ومن المرجّح أن تظل قدرات التنظيم الأساسي في سوريا والعراق ضعيفة، خلال السنوات المقبلة. لكن أحد فروع هذا التنظيم، تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان وأفغانستان، أظهر دينامية جديدة منذ عام 2022، ومن المرجح أن يكون لها تأثير على وضع التهديد الإرهابي في أوروبا، خلال الأعوام المقبلة”.

وأكّد جهاز الاستخبارات الفدرالي السويسري، في شهر ديسمبر، أن التهديد بشن هجمات إرهابية لا يزال “في أوجه” على الرغم من عدم وجود مؤشرات على وجود خطط ملموسة لمهاجمة الدولة التي تشقها سلسلة جبال الألب.

وعلى الرغم من أنّ سويسرا المحايدة لم تشارك في العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية، إلا أنها حظرت العديد من الجماعات الجهادية، بما في ذلك الاقتراح الأخير بحظر حماس، في أعقاب هجوم الحركة على إسرائيل، في شهر أكتوبر الماضي.

ما هي التهديدات المحددة؟

جاء في تقرير جهاز الاستخبارات الصادر في شهر يونيو أيضا أنّ ” استخدام الأسلحة النارية أو المتفجرات يظلّ احتمالاً واقعياً. وتعتبر الأهداف التي تحظي بحماية ضعيفة، على غرار التجمعات الكبيرة من الناس، ومحطات وسائل النقل العام، الأكثر عرضة للخطر”. لكن هذا الصنف من الهجمات يمكن أن يطال أيضا أماكن العبادة، وأفراد الشرطة، والسياسيين.ات، وفقا للتقرير.

وتعتقد السلطات أن التهديد الرئيسي يأتي من المحاولات المستمرة لتجنيد الأفراد الساخطين ودفعهم إلى إلى التطرف، من خلال المنتديات الإلكترونية التي تمجّد العنف.

وقد ألقي القبض في شهر مارس على فتى يبلغ من العمر 15 عاما، أصبح متطرفا في تونس قبل أن ينتقل إلى سويسرا، بعد طعن يهودي أرثوذكسي في زيوريخ. وفي عام 2020، طعنت امرأة متسوقين في متجر متعدد الطوابق، في مدينة لوغانو بجنوب سويسرا. وبعد ذلك بعامين، قُتل رجل طعناً حتى الموت في مدينة مورج، البلدة الصغيرة الواقعة على ضفاف بحيرة جنيف، في هجوم “ذي دوافع جهادية”.

ونصّ تقرير جهاز الإستخبارات الفدرالي على أن “التهديد الإرهابي أصبح أكثر انتشارًا في أوروبا منذ عام 2020، وبات ينبع بشكل متزايد من أفراد يتصرفون كذئاب منفردة، وليس لهم.ن صلات مباشرة بتنظيم الدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة. وتمثّل المشاكل النفسية أو الأزمات الشخصية عوامل متزايدة الأهمية في التعجيل باستخدام العنف”.

ما ردّ فعل السلطات السويسرية؟

كانت سويسرا مستعدة بالفعل لمواجهة الخطر “المتصاعد” لوقوع هجمات إرهابية، قبل الهجوم الذي استهدف قاعة حفلات موسيقية على مقربة من العاصمة الروسية موسكو.

وجاء في بيان لجهاز الشرطة الفدرالية (Fedpol) أرسله عبر البريد الإلكتروني، إلى سويس إنفو: “يراقب جهاز الشرطة الفدرالية الوضع عن كثب، وهو على اتصال وتعاون مع السلطات الشريكة، الوطنية والدولية”.

وأوضح الجهاز أنه بينما تعود إليه المسؤولية في تحديد وتكييف أفضل تدابير الحماية ضد الإرهاب، فإنه من واجب أجهزة الشرطة في الكانتونات السهر على تنفيذ تلك التدابير.

وبالإضافة إلى حماية المواطنين.ات السويسريين.ات، يقوم جهاز الشرطة الفدرالية أيضًا، بالتنسيق مع قوات الشرطة في البلدان الأخرى. ووفقا للموقع الإلكتروني لجهاز الشرطة الفدرالية فإن: ” الإرهابيين يستخدمون سويسرا أيضًا في بعض الأحيان كقاعدة لوجستية للتخطيط لتنفيذ هجمات في بلدان أخرى، أو كنقطة عبور”.

وعلى سبيل المثال، فقد كانت محكمة فرنسية، قد أصدرت عام 2015، حكمًا على رجل سويسري بالسجن لمدة 15 عاما، وذلك بتهمة تجنيد أشخاص للتحضير لهجمات إرهابية في فرنسا.

وقد تم تنفيذ العديد من الاعتقالات والملاحقات القضائية في سويسرا، ضد أشخاص متورطين في أنشطة مرتبطة بالإرهاب، على غرار التجنيد للقيام بأنشطة عنيفة.

ومنذ عام 2017، لم تُسجَّل أي حالات سفر لمواطنين.ات سويسريين.ات إلى الخارج للانضمام إلى مقاتلين جهاديين ينشطون في بلدان أخرى.

هل ثمّة أي تدابير طويلة المدى؟

وافق الناخبون والناخبات السويسريون والسويسريات عام 2021، على مجموعة من الإجراءات الجديدة المصمّمة للقضاء على التطرّف.

وتضمنت القوانين الجديدة، سلطة احتجاز الأشخاص لمنعهم.ن من تنفيذ هجمات إرهابية، حتى لو لم تكن هناك أدلة كافية لاتخاذ إجراءات جنائية ضدهم. ن.

ويمكن وضع المتطرفين.ات المشتبه بهم. ن تحت الإقامة الجبرية، ومنعهم. ن من مغادرة البلاد، وإجبارهم. ن على الحضور بانتظام إلى مراكز الشرطة.

وقال معارضو ومعارضات هذه القوانين، إنها تنتهك حقوق الأفراد بشكل كبير، وإنها ستشكّل أحد أكثر إجراءات مكافحة الإرهاب صرامة في أوروبا.

وكانت كارين كيلر- سوتَّر، وزيرة العدل آنذاك، قد صرّحت بأن القوانين لن تطبّق إلا على عدد قليل من الأشخاص، وأنه لن يتم اللجوء إليها إلا كملاذ أخير.

*أحد فروع تنظيم الدولة الإسلامية (IS)، والذي كان حتى العام 2014 يطلق على نفسه اسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIS، واختصاره داعش بالعربية). ينشط الفرع في جنوب آسيا وآسيا الوسطى.

تحرير: بالتس ريغيندينغر

ترجمة: مصطفى قنفودي

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي/أم

هل نال المقال إعجابك.كِ؟ اشترك.ي في نشراتنا الإخبارية المتنوّعة للحصول على مجموعة مختارة من أفضل محتوياتنا مباشرة عبر البريد الإلكتروني. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية