مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من أين جاء صاروخ سام – 7؟

بقايا حطام مروحية استطلاع عسكرية أمريكية من طراز KIOWA أسقطته نيران أرضية "معادية" قرب الموصل يوم 13 يناير 2006 Keystone

يشير ظهور ما يعتقد أنه صاروخ "سام –7 " في حرب العراق، إلى أن مسرح العمليات لم يلق بكل ما لديه من مفاجآت عسكرية بعدُ.

هذه المسألة تُـثير القلق بشدّة لدى القوات الأمريكية، التي بدأت بالكاد في تطبيق “خطتها الأمنية الجديدة” في العراق.

يشير ظهور ما يعتقد أنه صاروخ “سام –7 ” في حرب العراق، إلى أن مسرح العمليات لم يلق بكل ما لديه من مفاجآت عسكرية بعد، وأن توازناته هشّـة بدرجة يمكِـن أن يؤثر عليها صاروخ مُـضاد للطائرات، وأن الأمور قد تزداد تعقيدا في الفترة القادمة، بفعل دخول أسلحة جديدة “إلى الخدمة” في ميدان العراق، بما يجعل فكرة الحل العسكري غير متصورة بأكثر مما كانت من قبل.

لقد أصبحت تلك المسألة تُـثير القلق بشدّة لدى القوات الأمريكية، التي بدأت بالكاد في تطبيق “خطتها الأمنية الجديدة” في العراق. فبينما لم تكن كل أبعاد مشكلة سام – 7 قد وضِّـحت، وجّـه مسؤولون أمريكيون اتِّـهامات لإيران بإدخال أسلحة أو ذخائر متطورة قادرة على تدمير الدبابة “إبرامز” الثقيلة إلى العراق، وأن ذلك القرار قد أتُّـخذ على أعلى المستويات في طهران.

وبقدر ما يتضمنه ذلك من استمرار للعبة الدائرة بين الطرفين في المنطقة، والتي دفعت نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي إلى التصريح بـ “أننا لا نريد أن نكون ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران”، فإن ذلك يُـلفت الانتباه بشدّة إلى التأثيرات المربكة التي يمكن أن يؤدّى إليها دخول أسلحة معيّـنة ذات نوعيات خاصة إلى مسارح العمليات.

الأسلحة الخاصة

تاريخيا، كان دخول الأسلحة الجديدة إلى ميادين القتال يؤدّى إلى التأثير بشدة في نتائج المعارك، بدءً بالعجلة الحربية ومرورا بالبارود والطائرات والغوّاصات والصواريخ، وصولا إلى الأسلحة النووية، لكن ما يحدث حاليا، هو أن أسلحة قديمة، كانت مهملة تقريبا، تعود إلى الظهور لتربك الجميع، كما حدث بالنسبة لصاروخ كاتيوشا في حرب لبنان (2006) أو سام – 7 “المحتمل” في حرب العراق الحالية.

لقد كانت الفكرة السائدة بهذا الشأن هي “الأسلحة المضادة” لما يسمى أنظمة القتال الرئيسية، كالطائرات والدبابات، يمكن أن تكون شديدة الفعالية، فلم تعد هناك حاجة لمواجهة دبابة بدبابة أو طائرة بطائرة، وإنما بسلاح مضاد لا يزيد ثمنه عن 1% أحيانا من ثمن السلاح الرئيسي، ويمكن تهريبه وحمله ونقله واستخدامه ببساطة شديدة، وتتمثل مهمته في تدمير أو تعطيل أو عرقلة عمل القوات النظامية.

لكن الأمور تطوّرت في المنطقة في ظل أشكال الحروب اللامتماثلة، التي شهدتها ساحات العراق ولبنان وأفغانستان، لتظهر توجّـهات جديدة، تتعلق باستخدامات إستراتيجية لأسلحة تكتيكية، مثل كاتيوشا عبر الاستخدام المكثّـف لها من مسافات قريبة أو استخدام أسلحة صغيرة متطورة أو شحنات متفجرة قوية ضد الطائرات والدبابات، لتبدأ “حروب التمردات المسلحة” في اتخاذ سِـمات حديثة.

ستريللا في العراق

إن صاروخ ستريللا المعروف باسم سام – 7 “السوفيتي” أيضا، مثل كاتيوشا، هو أحد الوافدين الجُـدد إلى ميدان العراق، فهو صاروخ أرض- جو، مضاد للطيران المنخفض، يطلق من على الكتف بواسطة فرد واحد أو فردين، مستخدما نظام الأشعة تحت الحمراء ويسهل حمله ونقله من مكان لآخر، وكذلك تجهيزه للإطلاق وإطلاقه فعليا بدون مشاكل كبيرة.

ولقد كانت القيمة الحربية لهذا الصاروخ محلّ تساؤل دائما في المعارك النظامية. فعلى الرغم من أن بعض الجيوش قد تمكّـنت من تحقيق إصابات أو إسقاط طائرات باستخدامه في جولات الصراع العربي – الإسرائيلي المختلفة، إلا أن نظرية استخدامه الأساسية، ظلّـت تتركز في أن مهمته هي أن يدفع الطائرات المقاتلة، التي تطير على ارتفاعات منخفضة (أقل من 300 مترا)، تجنبا للرادارات إلى الارتفاع لمسافة يمكن اكتشافها وضربها فيها.

كانت مشكلة سام – 7، مثل الصواريخ الأمريكية المماثلة كـ “رد آي”، هي أن هناك عيوبا تتعلّـق باستخدامها ضد الطائرات المقاتلة، بما يجعلها غير فعالة في الإصابة، إلا إذا كان الأمر يتعلّـق بهدف جوي يبتعد، لذا ظهرت أنظمة أكثر تطورا مثل سام – 14، إلا أنه كان معروفا أن ثمة استثناء يتعلّـق بطائرات الهيلوكبتر العمودية التي يمكن إصابتها من الجانب، إضافة إلى المؤخرة.

لكن المهم في استخدام ذلك النظام الصاروخي، هو أن مستخدميه يجب أن يكونوا محترفين نِـسبيا. فإسقاط طائرة باستعماله، لا يرتبط فقط بالضغط على زناد الإطلاق في ظل وضع آمن لا يلحق إصابة بالرامي نفسه، وإنما بخطوات أخرى تتعلّـق بالتوجيه نحو الهدف، ثم ملاحقة مسار الصاروخ حتى يلتحم بالهدف، ثم الضغط مرة أخرى على الزناد لتفجير الطائرة، وبالتالي، يتعلق الأمر بعسكريين محترفين إلى حدٍّ ما.

سقوط البلاك هوك

لقد استُـخدم هذا الصاروخ على نِـطاق واسع خلال “حرب المجاهدين” ضد القوات السوفيتية في أفغانستان، لكنه لم يكن فعّـالا، فقامت المخابرات المركزية الأمريكية ذاتها بإمداد الفصائل الأفغانية بصاروخ أكثر تطوّرا هو “ستينجر”، الذي كبّـد الطيران السوفيتي خسائر كبيرة، قبل أن تُـواجه الولايات المتحدة مشكلة كبرى في استعادة 50 من أنظمة تلك الصورايخ.

المثير، أن استخدام صاروخ سام – 7 في العراق أيضا خلال فترة 2003 – 2006 ضد القوات الأمريكية، لم يكن فعالا، فلم تسقط خلال 3 سنوات سوى 9 طائرات هيلوكبتر تقريبا من طرازات مختلفة (تشينوك، أباتشي، بلاك هوك)، خمسة منها تقريبا بفعل ما يسمى نيران معادية، وبقيتها بفعل أعطال أو تصادمات.

لكن فجأة في يناير 2007، وخلال 3 أسابيع فقط، بدأت الهيلوكبتر الأمريكية، ومعظمها من طراز بلاك هوك في التساقط بالعراق، وبحلول نهاية الشهر، كانت 6 من تلك الطائرات قد سقطت، علما بأنها مزودة ببالونات لخداع الصواريخ الحرارية، وشحنات مربكة للصواريخ الموجهة بالرادار، ودروعها قادرة على احتمال طلقات الرشاشات، ولديها قدرة عالية على المناورة، فقد دخل سلاح ما ثار جدل حوله إلى الميدان، قبل أن يتم ترجيح أنه في الغالب نظام “سام – 7”.

إن استهداف البلاك هوك يمثِّـل مشكلة للقوات الأمريكية، فإضافة إلى المعنى الرمزي الذي استدعى على الفور خِـبرة ما حدث في الصومال عام 1993 وأدّى إلى انسحاب القوات الأمريكية، فإن تلك الطائرة هي مروحية الاستخدام الرئيسي، التي تُـستخدم في الهجمات والنقل والإخلاء، ويؤدّي سقوطها، غالبا، إلى مقتل الطاقم، بما يرفع الخسائر البشرية بشكل سريع.

لكن الأهم عمليا، هو أن تحويل سماء بغداد إلى ما أسمَـته مجلة نيوزويك “مجال جوى مُـميت”، يمكن أن يؤثر بشدة على الإمكانيات المفترضة لنجاح الخطة الأمنية الجديدة، التي تعتبر الفرصة الأخيرة للتعامل مع المسألة العراقية، ولم تكن هناك صعوبة في إدراك أن الوضع الجديد يمثل مشكلة متعدّدة الأبعاد.

مصادر محتملة

كان السؤال التالي يدور حول مصدر تلك الصواريخ، واتّـجهت الاتهامات الأمريكية مُـباشرة إلى إيران في ظل أدلة ظرفية واضحة، ترتبط ببداية “حرب حقيقية” شِـبه مُـعلنة بين الطرفين على أرض العراق، وُضِّـحت في استهداف “العناصر” الإيرانية والميليشيات الموالية وحشد القوات والتهديدات المعلنة، وبالتالي، يتصور أن سام – 7 كان أحد ردود إيران، وكان على محللي الاستخبارات الأمريكية أن يثبتوا ذلك.

لكن كانت هناك أيضا سيناريوهات أخرى لا تقل مِـصداقية، فمن المعروف أن مخزونات أسلحة الجيش العراقي السابق كانت تتضمّـن تلك النوعية من الأنظمة الصاروخية، وبعض طرازاتها كان متقدما فيما يتعلّـق بعدم القُـدرة على تشتيته أو الشوشرة عليه، خاصة إذا استُـخدم بأسلوب الكمائن، وتضُـم ستة تنظيمات عراقية مسلّـحة على الأقل من المقاومة السُـنية، عناصر من الجيش السابق قادرة على استخدامها بفعالية، بافتراض أن صيانته لم تمثل مشكلة.

إن المصدر الثالث المحتمل، هو السوق السوداء. فهناك حجم هائل من الأموال، يتمّ تداوله في العراق لدعم أعمال العنف المسلح، وربما تم التمكّـن من شراء مثل تلك الأسلحة من الخارج وإدخالها إلى العراق عبر الحدود، وتُـشير التقارير، التي تتبنّـى هذا السيناريو، إلى الحدود السورية تحديدا والدوافع في تلك الحالة أيضا لا تقل قوّة عن التصوُّريْـن السابقين.

المعركة الأخيرة

أيا كان السيناريو المحتمل لدخول تلك الصواريخ إلى مسرح عمليات العراق أو ظهوره عليه، فإن الدلالة واضحة بشأن الموقف العسكري الحالي، فقد شهِـدت الفترة الأخيرة تطوّرات في القدرات العملياتية لجماعات العنف المسلح السُـنية، والتي يصل عددُها إلى 12 تنظيما كبيرا على الأقل، وشهِـدت أيضا ظهورا مفاجئا لجماعات مسلحة شيعية شديدة التطرف كجماعة “جند السماء”، التي خاضت معركة مع القوات الأمريكية – العراقية قرب النجف.

ويمثل دخول الأسلحة، ذات التأثيرات الخاصة، مثل سام – 7 أو غيرها من النظم التسليحية، التي حوّلت العمليات إلى حرب شِـبه نظامية، عنصرا آخر يمكن أن يفرز نتائج مؤثرة، فما يبدو هو أن أطراف لعبة الحرب في العراق قد قرّرت أن تخُـوض ما أصبح مفهوما أنها “المعركة الأخيرة” بكل قواها، مما سيُـربك المعادلات العسكرية، وبالتالي، لم يعد أمام العراقيين إلا انتظار مُـعجزة سياسية أو الدّعاء إلى الله باللطف في القضاء.

د. محمد عبد السلام – القاهرة

بغداد (رويترز) – قال الجيش الامريكي يوم الاربعاء 14 فبراير 2007 إن الطائرة الهليكوبتر التي تحطمت بالعراق الاسبوع الماضي مما أدى الى مقتل سبعة كانوا على متنها أسقطت بواسطة “قطعة سلاح متطورة”.

وأسقطت الطائرة الهليكوبتر وهي من طراز سي.اتش-46 سي نايت -وهي النسخة التي يستخدمها سلاح مشاة البحرية من الطائرة تشينوك ذات المروحتين- قرب بغداد في السابع من فبراير شباط وهي سابع طائرة هليكوبتر يتم اسقاطها في العراق منذ 20 يناير كانون الثاني.

وكان الجيش الامريكي قال في البداية ان من المحتمل أن يكون خلل فني تسبب في سقوط الطائرة.

واثار ارتفاع عدد الطائرات الهليكوبتر الامريكية التي سقطت خلال أقل من شهر شكوكا بشأن ما اذا كان المسلحون في العراق يستخدمون تكتيكات جديدة مثل دراسة أنماط رحلات الطائرات أو حصلوا على أسلحة متطورة.

وكانت خمس من بين الطائرات الهليكوبتر السبع التي أسقطت تابعة للجيش الامريكي بينما كانت الاخريان تابعتين لشركات أمن أمريكية خاصة.

وقال مسؤولون عسكريون أمريكيون في وقت سابق انهم لا يعتقدون أن أنظمة صواريخ متطورة استخدمت في أي من الهجمات التي قتل خلالها 28 عسكريا وأشاروا فقط الى أن نيران أسلحة رشاشة تسببت في اسقاط الطائرات.

وقال كبير المتحدثين العسكريين الامريكيين في العراق الميجر جنرال وليام كولدويل بشأن اسقاط الطائرة سي نايت “يحتمل أنها أسقطت بقطعة سلاح متطورة.”

وكان كولدويل يتحدث في بيان صحفي تركز على مزاعم أمريكية بأن أسلحة مصنوعة في ايران تستخدم لقتل القوات الامريكية في العراق غير أنه شدد على أنه لا يعطي “أي استنتاجات” بشأن مصدر السلاح.

وخلال بيان صحفي يوم الاحد عرض مسؤولون عسكريون أمريكيون على الصحفيين صاروخا يطلق من على الكتف صنع في ايران.

ولم يوضح كولدويل ما يعنيه بعبارة “سلاح متطور” لكن شريط فيديو أذاعته جماعة تابعة لتنظيم القاعدة تزعم خلاله مسؤوليتها عن اسقاط الطائرة وبث على شبكة الانترنت أظهر صاروخا فيما يبدو وهو يصدم طائرة هليكوبتر ذات مروحتين حيث اشتعلت بها النيران عندئذ ثم سقطت على الارض.

وقال الجيش الامريكي انه لا يعتقد أن الهليكوبتر التي ظهرت في شريط الفيديو كانت الطائرة سي نايت.

وكان الجيش الامريكي الذي يعتمد بشدة على الطائرات الهليكوبتر في نقل قواته ومعداته لتجنب الطرق الخطرة بالعراق قد قال انه يجري تعديلات على تكتيكاته في أعقاب اسقاط هذا العدد من الطائرات.

وقال الميجر جنرال الامريكي جيمس سيمونز يوم الاحد ان الطائرات الهليكوبتر الامريكية تتعرض لاطلاق نار بمتوسط نحو 100 مرة في الشهر الواحد وان الغالبية العظمى من تلك النيران مصدرها أسلحة صغيرة وأسلحة رشاشة. ويتم اصابة ما متوسطه 17 طائرة في الشهر أغلبها باصابات طفيفة.

وقال سيمونز ان أغلب الطائرات التي تعرضت لهجمات كانت تقوم بعمليات دعم لقوات برية أو تعرضت لاطلاق نار خلال عمليات ضد مسلحين. غير أن اثنتين على الاقل من بين الطائرات الهليكوبتر السبع التي أسقطت منذ 20 يناير كانون الثاني كانت مستهدفة بشكل متعمد فيما يبدو.

وفي كلتا الحالتين تم تلغيم الطرق المؤدية الى موقع التحطم بقنابل تزرع على جوانب الطرق كما أن الطائرات تعرضت لهجمات من خلال ما وصفه بأنها “أنظمة أسلحة متعددة”.

وقال “اننا نواجه عدوا يفكر. هذا العدو يفهم … اننا بصدد تنفيذ خطة رئيس الوزراء (نوري المالكي) الخاصة بأمن بغداد. انهم يدركون المضمون الاستراتيجي لاسقاط طائرة.”

وقال ان المسلحين استخدموا في الماضي أنظمة صواريخ تطلق من على الكتف ضد الطائرات الهليكوبتر الامريكية بشكل مؤثر للغاية. واضاف أنه تم اسقاط 29 طائرة هليكوبتر تابعة للجيش الامريكي منذ عام 2003 ولا يشمل هذا الرقم الطائرات التي يستخدمها سلاح مشاة البحرية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 14 فبراير 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية