مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بريطانيا مكبلة في مواجهة الجهاديين الذين نشأوا على أراضيها

صورة مجمعة وزعتها الشرطة لثلاثة رجال (من اليسار لليمين) يوسف زغبة، خرام شازاد ورشيد رضوان الذين تعتقدالشرطة أنهم المهاجمين الثلاثة في هجوم جسر لندن في 3 حزيران/يونيو 2017 afp_tickers

اعترفت السلطات البريطانية الثلاثاء بانها مكبلة اليدين في مواجهة حتى المخاطر المعروفة، مع تصاعد الغضب العام اثر الكشف عن أن واحدا على الأقل من منفذي اعتداء لندن الأخير كان إسلاميا معروفا للسلطات.

وطغت مسألة مكافحة الإرهاب على حملات الانتخابات العامة في بريطانيا التي تجري الخميس ووضعت رئيسة الوزراء ماي تريزا والمؤسسة الأمنية في موقف الدفاع.

وبعد ثلاثة اعتداءات دامية في ثلاثة أشهر، تقول الشرطة إنها بالكاد تستطيع مراقبة 3000 شخص على لائحة مراقبة الارهاب و20 ألف شخص كانوا في دائرة رصد الاستخبارات في الماضي.

ويأتي هذا الاعتراف رغم قوانين المراقبة الجديدة، التي صيغت خصيصا لتعقب المحادثات الالكترونية.

ويقول بيتر نومان، استاذ الدراسات الأمنية في كينغز كولديج لندن، إنه “غير ممكن” ببساطة لأي ديموقراطية غربية أن تفرض رقابة لصيقة على كل المشتبه بهم المحتملين.

وأضاف لوكالة فرانس برس “هناك أزمة قدرات كبيرة مماثلة لأي دولة أوروبية غربية أخرى”.

وتابع أن “مراقبة شخص واحد 24 ساعة تتطلب 20 ضابطا”.

وكان أحد المهاجمين على جسر لندن خرام شزاد بات (27 عاما) وهو بريطاني مولود في باكستان، معروفا لدى الشرطة وجهاز الاستخبارات “أم آي 5”.

وظهر شزاد بات في شريط وثائقي لقناة “تشانل 4” السنة الماضية بعنوان “جيراني الجهاديون”.

من جهتها، أبلغت المخابرات الايطالية الاجهزة الامنية البريطانية والمغرب بان أحد المهاجمين الآخرين يوسف زغبة، 22 عاما، هو متطرف محتمل، حسب ما أفادت تقارير صحافية إيطالية.

لكن الشرطة الإيطالية قالت إن زغبة والمهاجم الثالث رضوان رشيد (30 عاما) لم يكونا معروفين للشرطة وجهاز “أم آي 5” ولم يكن هناك أي أدلة مسبقة على انهم سيشنون هجوما.

ونفذ الثلاثة الاعتداء الدامي في وسط لندن مساء السبت والذي قتل فيه سبعة أشخاص وجرح عشرات آخرون.

– “واقع جديد لنا”

وتقول قائدة الشرطة في لندن كريسيدا ديك إن سلسلة الهجمات الأخيرة في بريطانيا، والتي قتل 34 شخصا فيها منذ آذار/مارس الفائت، “غير مسبوقة في حياتي المهنية”.

وقالت ديك لمحطة “بي بي سي”: “واجهت في هذا البلد أخطارا إرهابية طوال حياتي (…) لقد تغيرت وتحولت ونحن سنتغير وسنتكيف مع ما يبدو أنه واقع جديد لنا”.

وحذرت ديك من أنه في الوقت الذي أحبطت فيه الشرطة خمسة هجمات في الشهور الأخيرة، فأنه من الممكن أن تكون بريطانيا تشهد بداية موجة اعتداءات تعتمد على المحاكاة يقوم بها متشددون نشأوا داخل البلاد.

ويوافق نومان على الطرح المتشائم لديك، لكنه أضاف أن دولا أوروبية أخرى من المحتمل أن تبقى في مرمى هجمات الجهاديين.

ويقول إن الاعتداءات الأخيرة “جزء من موجة الارهاب التي بدأت في العام 2014 وضربت كل غرب أوروبا”.

وتابع “على المدى الطويل، فأن دولا مثل فرنسا وبلجيكا ستتأثر بشدة”.

وفيما يخسر تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تبنى هجمات بريطانيا الثلاثة الأخيرة، مزيدا من الأراضي في العراق وسوريا، فأنه من المحتمل ان يركز في اعتداءته على الغرب، حسب ما قال اوتسو ايهو الخبير في مركز جين لمكافحة الارهاب والتمرد.

– “مندمجون”

واصبحت الشرطة جزءا رئيسيا من النقاش السياسي العام، إذ طالب زعيم حزب العمال جيريمي كوربن الاثنين ماي بالاستقالة بسبب إلغاء 20 ألف وظيفة في جهاز الشرطة خلال فترة توليها حقيقة الداخلية في حكم سلفها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.

من جانبه، قال رئيس بلدية لندن صادق خان، العضو في حزب العمال، إن أي حكومة مقبلة يقودها المحافظون ستقلص الوظائف في جهاز الشرطة في شكل اكبر.

وتجري الانتخابات العامة في بريطانيا الخميس.

وقال خان لتليفزيون “آي تي في” إن “إذا جرى تقليص وتخفيض ميزانية الشرطة، فأن عليهم أن يحددوا الأولويات ويستخدموا الموارد بشكل دقيق”.

وتابع “الرجال الثلاثة المسؤولون عن هجمات ليلة السبت لم يأتوا من خارج البلاد، لقد كانوا بكل الطرق مندمجين في الحياة الوطنية. أحدهم كان مشجعا لنادي ارسنال” لكرة القدم.

وفي أعقاب تفجيرات لندن 2005، قام مشروع سمي “منع” يقدم برامج لمكافحة التشدد في المجتمعات المسلمة.

ووصف نومان مشروع “منع” بانه “جيد من حيث المبدأ”، لكنه قال إن بريطانيا “اضفت صبغة أمنية مبالغا فيها على سياستها لمكافحة التطرف” وهو ما أدى لابعاد الناس عنه.

وتابع “الوصول للمجتمعات المسلمة جيد لكننا لسنا بحاجة لجعل الشرطة مسؤولة عن كل شيء”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية