مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اللاجئون والمهاجرون: تحدي المعلومات المضللة

غالبًا ما تكون مناقشة قضايا الهجرة واللجوء واللاجئين مضللة ومفرطة في التسييس ومتوترة للغاية. وعندما يستخدم مسؤولون حكوميون مرارًا وتكرارًا كلمات مثل «الغزو» أو «الأزمة» أو حتى، كما رأيت في مكان ما هذا الأسبوع الحديث عن «تسرّب/ تفشي»، هل يمكن أن نتفاجأ عندما يبدأ الكثير من الناس في الشعور بعدم الارتياح والتهديد والغضب؟

في جنيف، تحاول منظمات مثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) أو المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، يوم تلو آخر، تقديم الحقائق حول الهجرة واللجوء، لكن أصوات هذه المنظمات نادرًا ما تكون عالية مثل أصوات السياسيين الشعبويين، والصحف الصفراء، أو الأكاذيب البغيضة التي تنتشر على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي.

كان من المشجع حقًا، إذن، أن يتم الاتصال بي من قبل مجموعة من الأشخاص من ولاية أريزونا في الولايات المتحدة، وجميعهم يعملون بطريقة أو بأخرى في مجال الهجرة واللجوء، للسؤال عما إذا كان بإمكان بودكاست “من داخل جنيف” دعوة بعض الموظفين والموظفات من المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة للإجابة على أسئلتهم – وربما تفكيك بعض الأفكار المضللة المتداولة.

لذا فإن حلقة هذا الأسبوع من بودكاست “من داخل جنيف”  تستضيف شابيو مانتو من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الذي يجيب على أسئلة شارلوت وعامي وناتسينيت وكوني ودراغان وغاي وروزين ورفيقي. قد تكون بعض الأسئلة لديك أيضًا: ما الفرق بين طالب اللجوء والمهاجر غير القانوني؟ هل تستطيع المفوضية مقاضاة الدول الأعضاء التي تنتهك اتفاقية جنيف لعام 1951 بشأن اللاجئين؟

هنا، يُمكنكم الاستماع إلى البودكاست كاملا (بالانجليزية):

محتويات خارجية

حقائق مفيدة

إنها مناقشة حية ومستنيرة. ولكن بالنسبة لأولئك الذين قد يكون لديهم بضع دقائق فقط للقراءة إليكم بعض الحقائق التي يمكن الاستفادة منها في المرة القادمة التي يعترضك فيها خطاب متشنج حول الهجرة واللجوء، أو تحضر فيها نقاشا حول هذا الموضوع.

يخبرنا مانتو أن فئة كبيرة من الجمهور عندما تسألهم عن البلد الذي يستقبل معظم طالبي اللجوء، يجيبون على الفور «نحن الذين نفعل ذلك»، أي بلدهم. وتسببت العناوين الرئيسية في المملكة المتحدة مؤخرا في حدوث ردود فعل هيستيرية في بعض الأوساط البريطانية بشأن طالبي اللجوء الذين يعبرون المانش بطريقة غير قانونية (40000 لاجئ مقابل عدد السكان البالغ  67 مليون نسمة) .

“معظم الناس لا يريدون المغادرة. يغادرون لأنهم يشعرون أنه لا يوجد خيار آخر”.

تشير الحقائق الموضوعية إلى أن البلد الذي يستضيف حاليا أكبر عدد من اللاجئين (3.7 مليون لاجئ معظمهم من سوريا) هو تركيا التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة. تليها كولومبيا، التي فتحت حدودها أمام الفارين من فنزويلا، بـنسبة 2.5 مليون نسمة. بعدها فقط تظهر دولة أوروبية في القائمة، وهي ليست المملكة المتحدة، بل ألمانيا، التي استقبلت 2.2 مليون لاجئ.

ولكن، ونحن نطرح السؤال على مانتو وديلون من المنظمة الدولية للهجرة ؛ ليس كل من يحاول الدخول إلى بلد هو لاجئ حقيقي. كما أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تتوقع أن يتم قبول كل فرد يجتاز حدود بلد ما، فإنها تنتظر في المقابل من الدول الأعضاء التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن اللاجئين أن تفي بالتزاماتها.

يقول مانتو: «لا يمكنك صد الناس على الحدود إذا كانوا يسعون للحصول على حماية دولية». “يجب منحهم هذا الحق في طلب اللجوء”.

تقول المفوضية إن السلوك المسؤول الذي على البلدان المختلفة القيام به هو التحقق بهدوء ودراسة طلبات اللجوء بحذر وفي أسرع وقت ممكن أيضا. ثم يمكن السماح لأولئك الذين تتوفّر فيهم مواصفات اللاجيء بالإقامة والعمل. ومن المتوقع أن يعود أولئك الذين ليسوا كذلك إلى ديارهم.

جدالات عاطفية وسامة

إن إصلاح نظام طلبات اللجوء، وجعله فعالًا وعادلاً في نفس الوقت، من شأنه أن يخفف من الشكوك والغضب – وجود نظام يعمل بالفعل أمر مطمئن دائمًا. كما أنه سيجنب طالبي اللجوء والمهاجرين بعض البؤس الذي يعانون منه على حد سواء، والذين بامكانهم قضاء شهور أو حتى سنوات في مراكز اللجوء الضيقة، دون فكرة واضحة عن مستقبلهم. وبالطبع، فإن النظام الفعال سيجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمتاجرين بالبشر، الذين يستغلون ليس فقط اللاجئين والمهاجرين اليائسين، ولكن نقاط الضعف في عملية اللجوء نفسها.

هذا على الرغم من أنه تنتابني شكوك في بعض الأحيان من أنه من الأسهل بكثير على السياسيين الذين يسعون إلى خدمة مصالحهم الشخصية الإشارة إلى وجود أزمة، و بالتالي إلقاء اللوم على «الآخر»، أكثر من حرصهم على إصلاح هذا النظام. هذه مشكلة تدركها المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية جيدًا، وكما قلت في بداية هذا المقال، فإنهم يعملون بجد كل يوم لتقديم الحقائق، وتقديم حلول عملية لـ «أزمة المهاجرين» التي نسمع عنها طوال الوقت.

ولكن عندما حل ديلون من المنظمة الدولية للهجرة بمكان إجراء هذه المحادثة، كان مرهقًا. كان قد أمضى فترة ما بعد الظهر في الرد على أسئلة صحفيين الذين انشغلوا بما يسمونه «الأزمة»، والذين لم يكن لديهم رغبة كبيرة في فسح المجال للحقائق لأنها بشكل من الأشكال، تعيق نشر ما دوّنته أقلامهم.

وأوضح ديلون أن «المحادثة سامة ومثيرة للانقسام وخطيرة». و أن «هذه المحادثات ليست قائمة على الحقائق حقًا، إنها عاطفية».

لذلك، هناك فكرتان أخيرتان من مانتو وديلون، بناءً على خبرتهما الطويلة في العمل مع الأشخاص الذين يغادرون منازلهم لسبب أو لآخر. ويعترف ديلون بأن الكثيرين يبحثون عن حياة أفضل، لكنه يضيف: “معظم الناس لا يريدون المغادرة. يغادرون لأنهم يشعرون أنه لا يوجد خيار آخر سوى المغادرة”.

ويذكرنا مانتو أن هناك حالات يكون فيها الخيار الوحيد هو الفرار.

“يضطر اللاجئون إلى مغادرة بلدانهم بسبب الحرب والصراع وانتهاكات حقوق الإنسان. في الأساس حياتهم في خطر”.

هذا ما يجب وضعه في الاعتبار عندما يحتدم الجدل الابدي حول الهجرة واللجوء.

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية