مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خفايا التجارة المزدهرة لمُصدِّري الأسلحة السويسرية

عمال أمام ملعب مشيد حديثا
ستتم حماية الملاعب التي ستستضيف مباريات كأس العالم لكرة القدم عام 2022 في قطر بواسطة مدافع سويسرية، حتى وإن كان بناؤها قد كلَّف حياة آلاف العمال المهاجرين. Keystone / Kin Cheung

في الوقت الذي تُعاني فيه معظم قطاعات الاقتصاد السويسري من التداعيات السلبية للجائحة الصحية، حققت صناعة الأسلحة صادرات قياسية في عام 2020، لكنها تتعامل أحيانا مع شركاء تجاريين غير مرغوب بهم. تبعا لذلك، يريد البرلمان الفدرالي - تحت ضغط مبادرة شعبية - تضييق الخناق على مُصدّري الأسلحة والمعدات الحربية.

تحت الشمس القطرية، سيلعب لاعبو كرة القدم الذين سيتنافسون على كأس العالم لعام 2022 في ملاعب ستكون محميَّة بمدافع سويسرية. حيث اشترت الدولة الخليجية نظامي دفاع من المضادات الجوية من شركة أسلحة في زيورخ بقيمة 200 مليون فرنك، حسبما كشفت جريدة “بليكرابط خارجي” اليومية الصادرة بالألمانية. وتُعد هذه الصفقة واحدة من أهم صادرات المعدات الحربية في السنوات الأخيرة.

إلا أنَّ وراء البنى التحتية الجديدة، التي ستستضيف الجموع الوفيرة لكرة القدم، يختبأ الواقع الغير مشرف لبلد ينتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي. فقد لقي 6500 عامل مهاجر حتفهم خلال بناء الملاعب منذ تمَّ منح كأس العالم للدولة الخليجية قبل عشر سنوات، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة “الغارديانرابط خارجي” البريطانية.

وكانت هذه الفضائح سبباً لرفض مشتل دنماركي تزويد الملاعب بالعشب الأخضر ولقيام عدد من اللاعبين، غير المُسيَّسين عادة، بأعمال احتجاجية. إلا أنَّ هذه الفضيحة لم تمنع الحكومة السويسرية من الموافقة على الصفقة. حيث يسمح القانون بالفعل بتصدير الأسلحة إلى بلدان، حتى ولو كانت تُرتَكَب فيها انتهاكات لحقوق الإنسان. بالإضافة إلى أنَّ قطر انسحبت من التحالف العسكري الناشط في اليمن في عام 2017 وبالتالي لم تعد متورطة في صراع.  

ممارسة الشرطة العنف باستخدام أسلحة سويسرية في البرازيل

ليست هذه المرة الأولى التي تقع فيها معدات حربية سويسرية بين أيد لا تحترم الحقوق الأساسية للإنسان.

طالبت كل من منظمة أرض البشر لمساعدة الطفولة “تير دي زوم”، ونظيرتها الألمانية، والمعهد البرازيلي “سو دا باز” مؤخراً بوقف تصدير الأسلحة السويسرية إلى البرازيل. حيث يُصنَّف البرازيل كثامن أكبر عميل لصناعة الأسلحة في الكنفدرالية. وفي عام 2020، وصلت قيمة الصادرات نحو هذا البلد إلى أكثر من 30 مليون فرنك.

محتويات خارجية

تُستخدم المسدسات والبنادق والسيارات المُصفَّحة والمروحيات السويسرية في عمليات الشرطة والجيش في البرازيل، التي كثيراً ما تُنتَهك خلالها حقوق الإنسان، بحسب دراسة أجرتها “تير دي زوم”. حيث يستنكر التقرير ما يجري بالقول: «يصل عنف الشرطة إلى مستويات مأساوية. ففي كل يوم، يُقتل أربعة أشخاص من الأطفال والشبان على يد الشرطة في هذا البلد».

إنَّ ميوعة معايير التصدير تُفسِّر وجود أسلحة سويسرية في بلدان مثيرة للجدل. وخلال السنوات الماضية، زادت الحكومة شيئاً فشيئاً من مرونة قانون المعدات الحربية (OMG). ففي عام 2014رابط خارجي، سمحت بصفة خاصة بالتصدير إلى الدول التي «تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي وخطير»، طالما أنَّ احتمال «استخدام معدات الحرب التي ستُصدَّر في ارتكاب انتهاكات خطيرة لهذه الحقوق» يبقى ضعيفاً.

وفي عام 2016، تمت مراجعة القانون الخاص بالمعدات الحربية بحيث لا يتم تطبيق منع تصدير المعدات الحربية إلى الدول المتورطة في أحد النزاعات إلا في الحالة التي يجري فيها النزاع على أرض البلد المستورد بشكل مباشر.

صناعة مزدهرة

أدَّت هذه التعديلات إلى ترك مجال لتفسير القانون «لصالح» الوضع الاقتصادي، كما هو مذكور في تقريررابط خارجي مكتب التدقيق المالي الفدرالي لعام 2018. وتؤكد الأرقام هذا الاستنتاج، حيث أنَّ عائدات الصادرات السويسرية من المعدات الحربية لم تتوقف عن الازدياد منذ عام 2016.

محتويات خارجية

مما لا شك فيه أنَّ صناعة الأسلحة آخذة بالازدهار. فقد صدَّرت الكنفدرالية ما يزيد عن 900 مليون فرنك من المعدات الحربية، وهو رقم قياسي تاريخي.

فضائح تظهر إلى العلن

وعلى الرغم من ذلك، تلفت فضائح متتالية الانتباه إلى الوجه الآخر للعملة. في عام 2018، أثار اكتشاف صور الأسلحة السويسرية بحوزة ميليشيات في سوريارابط خارجي وليبيارابط خارجي واليمنرابط خارجي احتجاجاً واسعاً. وفي نفس السنة، أعربت الحكومة السويسرية عن رغبتها بالسماح بالتصدير نحو البلاد المتنازعة طالما ليس هناك سبب للاعتقاد بأن الأسلحة ستُستخدم في هذا الصراع.

لقد طفح الكيل. في عام 2019، أطلق تحالف «ضد تصدير الأسلحة للبلدان التي تشهد حروباً أهلية» مبادرة تحمل نفس الاسمرابط خارجي، وجمع بين سياسيين من الأحزاب اليسارية واليمينية بالإضافة إلى منظمات من المجتمع المدني. لا تهدف المبادرة إلى الحظر الكامل لتصدير المعدات الحربية. وإنما تريد تجنب تصدير الأسلحة إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير كما كان عليه الوضع قبل عام 2014.

«خطوة نحو الأمام»

حقَّقَ المُروّجون للمبادرة أول فوز لهم في 3 يونيو: حيث وافقت الغرفة العليا (مجلس الشيوخ) في البرلمان على المشروع المضاد للمبادرة الذي وضعته الحكومة. وهو يشمل حظر تصدير الأسلحة إلى الدول التي ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. كما ألغى أعضاء مجلس الشيوخ إمكانية عمل استثناءات كانت الحكومة السويسرية تحتفظ بها لنفسها. وبالتالي سيصبح من الصعب جداً تصدير معدات حربية إلى قطر، كما حدث في إطار كأس العالم لكرة القدم.

وكتب التحالف في بيان له أنَّ: «الأمر عبارة عن التزام قوي لصالح التقاليد الإنسانية لسويسرا ومساهمة مهمة لسياسة سلام ذات مصداقية». وإن كانت الغرفة السفلى تدعم هي الأخرى المشروع المضاد بهذه الصيغة، فإنَّ التحالف يفكر في سحب المبادرة.

 ورحَّبت منظمة “تير دي زوم”، وهي عضو في هذا التحالف، بقرار مجلس الشيوخ. وفي السياق علَّق أندريا زلهوبر، الخبير في الوقاية من العنف في المنظمة غير الحكومية، قائلاً: «إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، لأنَّه بفضل هذا القرار، لن يكون التصدير إلى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ممكناً».

محتويات خارجية

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية