مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل يمكن أن تجلب قمة تستضيفها سويسرا السلام لأوكرانيا؟

جندي أوكراني يطلق قذيفة
سويسرا مقتنعة بالحاجة إلى مسار جديد لإنهاء المعاناة في أوكرانيا. Copyright 2022 The Associated Press. All Rights Reserved.

أعلنت سويسرا عن نيّتها استضافة مؤتمر دولي من أجل التوصّل إلى حل سلمي للنزاع في أوكرانيا. 

وتستند الدولة التي تشقها سلسلة جبال الألب إلى سمعتها كوسيط عالمي محايد لتحقيق السلام، وهو دور جَابَه مؤخرًا تحديات بسبب النزاعيْن في أوكرانيا والشرق الأوسط.

ونظرا لانقسام الآراء بشأن أوكرانيا بين الغرب وبعض الدول الأخرى، خاصة الصين، هل يمكن فعلا تنظيم هذا المؤتمر؟ وإذا انعقد، فما الذي يمكن أن يحققه؟

رغم أنه لم يتم الإعلان حتى الآن عن تفاصيل المؤتمر المقترح، مثل جدول الأعمال، وقائمة المشاركين.ات، والإطار الزمني، تلقي سويس إنفو (SWI swissinfo.ch) فيما يلي نظرة على الاحتمالات الممكنة لتطوّر هذا المسعى.

ما الذي نعرفة عن هذا المؤتمر حتى الآن؟

ليس الكثير في الحقيقة، سوى أن جنيف هي المكان الذي تم اقتراحه لاستضافة هذا المؤتمر. وترجّح تكهنات إعلامية بأن سويسرا تعمل على تهيئة الأجواء لهذه الخطوة مع الوقت، وفي تكتم ومرونة.

+ ما هو مفهوم الحياد بالنسبة لسويسرا؟

ويأمل إنياتسيو كاسيس، وزير الخارجية السويسري في حضور العديد من قيادات الدول. ويقول: “سيكون هذا المؤتمر أكثر نجاحا إذا كنا سننظمه على مستوى رؤساء ورئيسات البلدان، لأن تنظيمه على المستوى الوزاري سيكون مجرّد تكرار لجهود سابقة”.

وأُطلقت فكرة المؤتمر بناءً على طلب من الرئيس الأوكراني فولودومير زيلانسكي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) بدافوس. وقُدّمت الفكرة كمشروع مشترك بين سويسرا وأوكرانيا.

كان زيلانسكي قد قدّم خطة سلام تتكوّن من عشرة نقاط، وتتضمّن دعوة لانسحاب القوات الروسية من جميع الأراضي الأوكرانية التي ضمّتها روسيا، وإجراء تحقيق بشأن جرائم الحرب في عام 2022. لكن روسيا رفضت هذه المقترحات باستمرار.

لا يوجد ضمان بأننا سنحقق الهدف بسرعة. ولكننا نقوم بما هو ممكن بأسرع وقت ممكن.” إنياتسيو كاسيس

ويوم الأحد 14 يناير الجاري، استضافت دافوس الاجتماع الرابع لمستشاري ومستشارات الأمن الوطني حول أوكرانيا، حضره ممثلون .ات عن 82 بلدا ومنظمات دولية، بينما قاطعته روسيا والصين. وصرّح المتحدث باسم الكرملين معلقا على الاجتماع: “إنه مجرّد الحديث من أجل الحديث. بدون مشاركتنا، فإنه لا أفق لأي نقاش”.

هل ستحضر روسيا مؤتمر القمة المقترح؟

يبدو أنه من غير المتوقع بالمرّة دعوة روسيا للمشاركة. ويكمن التحدي الرئيس بالنسبة لسويسرا في ضمان حضور دول مهمّة على الساحة الدولية، والتي لم تدن بشكل صريح غزو روسيا لأوكرانيا.  

وتحتل الصين مقدمة هذه القائمة، تليها دول مثل الهند وجنوب أفريقيا والمملكة العربية السعودية والبرازيل، والتي يُطلق عليها عموما “بلدان الجنوب العالمي”.

وفي علاقة بالمصاعب التي قد تعترض المساعي السويسرية، أشارت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” إلى أن “سويسرا لا تمتلك ثأثيرا حقيقيا يمكّنها من إقناع بلدان مثل الصين وغيرها من الدول الرئيسية بالمشاركة”،  وتضيف: “يمكن أن يمثّل الارتباط القوي لسويسرا بصيغة السلام الأوكرانية أيضا مشكلة”.

المزيد
مجموعة قوات حفظ السلام
جنديان عند نقطة حدودية بين الكوريتيْن

المزيد

سويسرا على الساحة الدولية: من مُستضيف لعمليات التحكيم إلى وسيط من أجل إحلال السلام

تم نشر هذا المحتوى على لسويسرا تقليد عريق في الإسهام في حل النزاعات، لكن هذه المهمة النبيلة تطورت بمرور الوقت.

طالع المزيدسويسرا على الساحة الدولية: من مُستضيف لعمليات التحكيم إلى وسيط من أجل إحلال السلام

ما الذي يؤمل تحقيقه من هذه القمة؟

تظلّ الإنجازات المحتملة لهذه القمة مسألة مفتوحة على كل الاحتمالات، ولم يتم الإعلان حتى الآن من قبل سويسرا أو أوكرانيا عن أي أهداف محدّدة . 

وأوضح فيليب بوركهارت، محرر الشؤون السياسية في الإذاعة والتلفزة السويسرية الناطقة بالألمانية (SRF) أن وزارة الخارجية السويسرية تفترض أن القمة المخطط لها “هي مجرّد بداية لعملية أطول”.

ومن المرجح ألاّ يكون مؤتمر السلام المرتقب في جنيف وحده كافياً لتحقيق السلام، ولكن أن ربّما يُسهم في تحقيق توافق دولي أوثق حول كيفية إنهاء الحرب. وقد تكون هذه القمة منصة للحوار الدبلوماسي وتبادل وجهات النظر بين الأطراف المعنية، مما قد يمهد الطريق للتفاوض والجهود المستقبلية للتعامل مع الصراع في أوكرانيا.

لماذا إطلاق فكرة المؤتمر الآن؟

تستعر الحرب في أوكرانيا منذ سنتيْن تقريبا، ولا يبدو في الأفق انتصار عسكري حاسم لهذا الطرف أو ذاك.

وتخشى أوكرانيا أن يكون الإرهاق قد أصاب حلفاءها الغربيين، وأنهم لم يعودوا قادرين على مساعدتها في إلحاق الهزيمة بروسيا، خاصة في ظل التكاليف الباهظة للنزاع. والخشية أن تؤدي الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة إلى تغيير نظام ٍداعمٍ لأوكرانيا.

وأشارت مقالة تحليلية نُشرت على منصة “واتسون” أن “هذه استراتيجية ذكية. فإذا لم تسفر الأمور على نتائج جيّدة على الساحة العسكرية، ترغب أوكرانيا على الأقل في تحقيق اختراق على المستوى الدبلوماسي”. وتضيف: “سويسرا وسيلة لتحقيق هدف ما”. وهكذا يكون الغرض من زيارة زيلانسكي إلى برن ليس الأسلحة والمساعدات المالية، ولكن الاستثمار في سمعة سويسرا كوسيط محايد.

هل تنجح سويسرا في عقد هذا المؤتمر؟

تشكّل هذه المهمة اختبارا كبيرا لنفوذ الدبلوماسية السويسرية مقارنة ببلدان أخرى.

فكون سويسرا، مقرّا للجنة الدولية للصليب الأحمر، وراعية لاتفاقيات جنيف، جعلاها تتمتع بسمعة طويلة الأمد كوسيطٍ حميدٍ ناجحٍ في فض النزاعات العنيفة على الساحة الدولية.

ورغم ذلك، يجد بلد جبال الألب صعوبة في الحفاظ على حياده تجاه النزاع في أوكرانيا، وسبق أن اتهمته روسيا بالاصطفاف إلى جانب أوكرانيا.

وتعتبر وسائل الإعلام السويسرية أن قبول الحكومة السويسرية بتنظيم هذا المؤتمر هو جهد نبيل، لكنها تشكّك في قدرة البلاد في الحفاظ على سمعتها الدولية.

ورأت صحيفة “تاغس أنتسايغر” أن “مشاركة روسيا غير واقعية، وحضور الصين غير مؤكّدٍ تماما. ومن العوائق الأخرى أيضا هو أن الحرب لاتزال في أوجها. وطالما أن كل طرف يحتفظ بآمال في تحقيق مكاسب من خلال الوسائل العسكرية، فإن المفاوضات لن تشكّل أولوية”.

مع ذلك، يرى محلّل منصة “واتسون وجود “نقطة ضوء في آخر النفق بالنسبة لسويسرا، إذ يكتب: “حتى لو فشل المؤتمر، سيكون على سويسرا أن تدرك أخيرا أن الحياد والوساطات الحميدة لم يعد لها أي معنى في الوضع الجيوسياسي الحالي. وأن ما يُعتدّ به اليوم هو القوة والتأثير”.

لكنّ وزير خارجية سويسرا، إنياتسيو كاسيس، يعتقد في ضرورة تبني نهج جديد لكسر الجمود. حيث يقرّ إنه “قد يكون من الوهم أن نكتفيَ الآن بالقول: دعونا ننتظر قيام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بحلّ هذا النزاع”. 

المزيد

نقاش
يدير/ تدير الحوار: برونو كاوفمان

ما الشكل الذي قد يتّخذه الحياد في المستقبل؟

يقف الحياد اليوم في قفص الاتهام. فهل له أي مستقبل؟ وكيف يجب أن يتم تعريفه؟

1 إعجاب
224 تعليق
عرض المناقشة

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية