مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المعجزة المعمارية للعاصمة السويسرية برن

الفن المعماري الحديث في مدينة برن swissinfo.ch

يُظهر دليلٌ مِـعماري جديد بأن العاصمة السويسرية برن، هي أكثر بكثير من مجرّد بطاقات بريدية لأبنية تاريخية تعود للعصور الوسطى أو لمراكز تسوق حديثة خلْـف واجهاتٍ مُرَمَّمة من الأحجار الرملية. ويعكِـس 84 بناء حديثا أو أخضعَ للتجديد، على تعامل هذه المدينة مع الأشكال والمواد المُعاصرة في فترة العشرين سنة الماضية.

ولا تزال كل من كاتدرائية “مونستر” وبرج “تسيتغلوكة” (أو جرس الوقت)، مَعالم تضمَـن تدفّـق السياح إلى العاصمة السويسرية على مدار العام. وتُعتبر كاتدرائية “مونستر” (وهي كاتدرائية قوطية تقع في المدينة القديمة، بدأ بناؤها عام 1421 ولم ينته بناء برجها، الذي يرتفع إلى 100 متر، سوى في عام 1893)، من المُـمتلكات الوطنية الثقافية كما أنها الكاتدرائية الأكثر إرتفاعاً في سويسرا.

أما بُرج وسجن “تسيتغلوكة” Zytglogge الشهير، فهو موقع تُـراثي ذو أهمية وطنية وجزءٌ من مدينة برن القديمة، ويُعتَـبَر من التراث الثقافي العالمي لليونسكو. وقد بُني هذا البرج في أوائل القرن الثالث عشر واستخدم كبُـرج للحراسة وكسجنٍ وكبرجِ ساعة ومركز للحياة الحَضَرية، بالإضافة لكونه نصْـب تذكاري للمدنية.

وعلى الرغم من عمليات التّـرميم والتحديث العديدة التي مَرّ بها البُـرج خلال 800 عاما من إنشائه، إلا أنَّه بقي كواحد من أشد الرموز وضوحاً مع ساعته الفلَـكية المميّـزة، التي صُنِعَت في القرن الخامس عشر. كما أصبح مركز “بول كلي” (وهو معرض فني يضُـم العديد من أعمال هذا الرسام الألماني الجنسية والسويسري المولد، والذي تتراوح أفكاره بين السريالية والتعبيرية والتجريدية)، من تصميم رينزو بيانو (وهو مهندس معماري إيطالي ولِـد عام 1973 ونال شهرة عالمية)، ومركز التسوق “الجانب الغربي” أو “ويستسايد”، الذي صمّـمه المهندس المِـعماري دانيال ليبسكيند (وهو مهندس معماري أمريكي ذو أصول بولندية ولِـد عام 1946)، أيقونات جديرة بالاحترام على الصعيد الدولي ورموزاً للعمارة المعاصرة.

ويقع كلا المَعلَـمين على حافة المدينة، حيث يحتل مركز باول كلي مكاناً معزولا على جانب الطريق السريع، أمّا مركز تسوق “ويست سايد”، فهو جزء من منطقة نامية يتِـم التركيز فيها على السّـكن. ويُجيب كريستيان فيزمان، الذي يعمل كمُخطِّـط للمدن في مدينة برن على السؤال حول تأثير الإشارات الناتجة من أعمال النّـجمين الدوليين على الساحة المحلية قائِلاً: “إن المشهد المِـعماري في برن، يتّـسم بالاستقلالية. فهو أكثر واقِـعية وكلاسيكية وأكثر قابِـلية للفهم. وقد بنى كلٌّ من بيانو وليبسكند، أبنيةً استثنائية بلُغتِـهما الخاصة جدا”.

ليست برن بحاجة إلى أبنية كبيرة جديدة مُـذهلة، كما أنها لا تحتاج إلى مُحَرِّكات لتسويق المدينة. فالمدينة القديمة قد بُنيَت وهي محفوظة كمحمِـية تاريخية منذ عام 1983 في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كما أنها مُحَدّدة جُـغرافياً بوضوح من خلال شكْـل نصف الجزيرة التي يشكِّـلها نهر “آرِه” Aare. إنَّ ما تحتاجه برن.. المزيد من المساحة المعيشية، وتوفر المدينة – بفضل الإدارة الفدرالية – 150،000 وظيفة، غير أن عدد سكانها لا يزيد عن 130،000 نسمة، أما بقية القادمين والمغادرين للعمل يوميا والبالغ عددهم نحو 70،000، فيقومون بدفْـع ضرائبهم في أماكن أخرى.

الانتفاضة المعمارية “هالين”

ويقول مخطّـط المدن فيزمان: “لا تزال هناك مساحة كبيرة للبناء، قد تكون غير كافية، ولكنها كثيرة”. ونتيجة لذلك، نشأت وسُـتنشَـأ مستوطنات جديدة مكثّـفة في الضواحي الخارجية. وتملك مدينة برن في هذا المجال، مشهداً طويلاً. فمنذ عام 1961 – وفي الوقت الذي لم تنتمِ فيه عِـبارات الزّحف العمراني وضيق المساحات إلى مفردات الساسة – أثار “ستوديو 5” (وهي مجموعة من المهندسين المِـعماريين الذين إتّـحدوا في عام 1955)، ضجّـة عالمية كبيرة بتصميمهم مستوطنة “هالين” Halen. وكتب فيرنر هوبر، مؤلف دليل العمارة المُسمّـى “برن تبني” (الذي يصوِّر ويشرح العمارة في برن من 1990 إلى 2010)، واصفاً مستوطنة “هالين” مع مَـرافِـقها الاجتماعية وشبكة طُـرُقِها وساحاتها، باعتبارها “نقطة تحوّل” في تاريخ العِـمارة في العاصمة برن، وعلَّق: “هناك وقتٌ لِـما قبل (هالين) ولِـما بعدها”.

بناء حديث غيْـر مرئي

ويُفهم كِـتاب “برن تبني”، كمرآة للديناميكية التي تميِّـز تَطوّر المدينة منذ 20 عاماً مَـضت. وتنتمي العديد من أبنية القِـطاع العام إلى هذه المجموعة، لتشمل الإدارة الفدرالية والسكك الحديدية الفدرالية السويسرية (SBB) والمدينة.

وتُرينا أعمال التجديد وإدخال التِقنية الحديثة لمبنى البرلمان ومركز وسائِل الإعلام في القصر الفدرالي، بأنه لا يزال هناك مجال لتطوير المدينة القديمة ويتألّـف القصر من ثلاثة أبنية، تعود الى القرن التاسع عشر والتي رُمِّـمَت وِفقا لمتطلّـبات صِـيانة النّصب والمحافظة على الهياكل صغيرة الحجم.

وقام مكتب الهندسة المعمارية “IAAG” بإنشاء بناءٍ متكامِـل تحت الأرض، يُغطي مساحة البنايات الثلاثة مع الفناء الداخلي، وذلك لتغطية مُتطلّـبات استوديوهات التلفزيون وقاعة المؤتَمرات الصحفية، التي تحتاج إلى فضاءات كبيرة.

المحطّـة الرئيسية والتحدّي الأكبر

وتُـحدِّد قاطرات السكك الحديدية، مسارات متميِّـزة مع عدد من المباني: مع محطة القطار، التي تمّ تحديثها فأصبحت أقلّ إنغلاقاً عن المدينة وبامتداد موجي الشكل من سقيفة المحطة، بالإضافة إلى “المظلة”، وهي عبارة عن سقف زُجاجي يغطّـي ساحة المحطة.

وتحمي هذه “المظلة” المُـشاة أمام مدخل نفَـق المحطة من الرياح والأمطار، وتربطها بَصرياً مع البلدة القديمة المَحمية كجُـزء من التراث العالمي. وقد استغرق الخلاف بخصوص هذا الإنشاء الحديث، فترة طويلة. ويعبِّـر فيرنر هوبر عن رأيه حول تأثير هذا المعلَـم الحديث قائِلاً: “نادرا ما يُـمكن لبناءٍ جديدٍ أن يغيِّـر مكانا ما بهذه الصورة الإيجابية”، ومع التوسّـع المتوقّـع لمسارات السِّـكك الحديدية المُـزدحمة بشكل مُزمِـن والبناء الجديد للبريد الرئيسي، أصبحت هذه المحطّـة مشكلة تتعلَّـق ببناء المُدُن، لاسيما وأنها تشكِّـل في الوقت نفسه مِـحوراً لحركة مرور عالية، من المتوقّـع بقاؤها كذلك، خاصة بعد أن صوّت الشعب بكلمة “لا” في الإستفتاء الذي جرى حول محطّـة سكة حديد خالية من السيارات في شهر سبتمبر الماضي.

في أعقاب المدينة القديمة

وتُـرينا صالات الجامعة وورش العمل والمباني الصناعية، التى تحوّلت إلى مراكز ثقافية، ومباني الخدمات الجديدة والمسارات الجديدة لعربات التّـرام ومحطات السكة الحديدية السريعة، أن التكتُّـل المتماسك “برن”، الذي تنامى مجتمعاً وبلغ تِـعداده 350.000 نسمة، لا يشكِّـل وِحدَة من الناحية السياسية، ولكنه في طريق التحوّل إلى مدينة كبيرة، بما تتمتّـع بإشعاع مِـعماري لائق ومناسب.

ولتكون برن مدينة كبيرة، ينقصُـها التكافؤ بين الأحياء السكنية المُـختلفة، كمراكز للحياة الحضرية. ويضيف مخطِّـط المُـدن فيزمان “نحن نُـحافظ بوعْـي على المراكِـز المختلفة ونحاول تعزيزها”، ويشير إلى مخطّـطات لمنشآت جديدة ملائِـمة للمُـشاة لمراكز المرور في الأحياء المختلفة. ومع ذلك، يقول سكّـان مدينة برن عندما يلتقون في حي Länggasse، القريب من محطة السكة الحديدية – أي في قلب المدينة – “أنا ذاهب إلى المدينة” ويَـعنون بذلك، البلدة القديمة.

أندرياس غايزر – برن – swissinfo.ch

يوثق الدليل المعماري 84 مبنى جديد في مدينة برن والمنطقة المحيطة بها منذ عام 1990، وذلك من خلال النص والخريطة والصورة.

قام دومينيك أولدري بتصوير جميع العقارات. وقد قام بكتابة النصوص مؤلِّـفيْـن من مجلة الهندسة المعمارية Hochparterre

تكمِّـل الأبنية الرئيسية لمحات موجزة لـ 40 مبنى رئيسي يعود إلى السنوات المائة الماضية.

ونشر الكتاب في طبعة Hochparterre للمجلات والكُـتب المعمارية في دار النشرScheidegger Spiess..

الكتاب متوفِّـر باللغة الإنجليزية، تحت عنوان “بناء برن”، Building Bern.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية