مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ارتفاع درجات الحرارة فوق الأرض.. حكم الخبراء!

صورة جوية لذوبان جبال الجليد في شمال الكرة الأرضية بسبب ارتفاع درجات الحرارة (غرونلاند - 18 أغسطس 2005) Keystone

اجتمع أكثر من 500 عالم وخبير من شتى أنحاء العالم، من بينهم عدد مُـلفت من السويسريين، منذ يوم 29 يناير في العاصمة الفرنسية لدراسة التحديات المناخية.

الاجتماع سيُـختتم بنشر وثيقة، تتضمن حصيلة لأعماله موجّـهة لأصحاب القرار، ويُـتوقع أن تكون مثيرة للانشغال. هذه الوثيقة ستتحول إلى مرجِـع للسنوات الخمس القادمة.

إنه مثير للانشغال فعلا… ذلك أن سبب بروز ظاهرة الدفيئة المناخية يعود – حسب أكثر الاحتمالات – إلى النشاط الإنساني، حسب ما توصلت إليه “مجموعة الخبراء الحكوميين حول تطور المناخ” GIEC، ونقله عنها مندوبان في المؤتمر طلبا عدم الكشف عن هويتهما.

هذه الخلاصة تعني أن تقييم الخبراء القادمين من 113 بلدا المجتمعين هذا الأسبوع في باريس، يذهب إلى أن احتمال مسؤولية الإنسان عن ارتفاع درجة الحرارة فوق الأرض، تصل إلى 90%.

مجموعة الخبراء المعروفة اختصارا باسم GIEC، تضم صفوة العلماء والباحثين في العالم، وظهرت للوجود في عام 1988 بمبادرة من المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (مقرها جنيف) ومن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وكانت بالخصوص وراء إعداد بروتوكول كيوتو.

على مدى الأسبوع الجاري، انكبّ أكثر من 500 من هؤلاء العلماء في باريس على تحرير ملخّـص لأعمالهم، لا يزيد عن 15 صفحة، موجّـه إلى أصحاب القرار في الكوكب الأزرق، وهو يمثل حوصلة للجزء الأول من التقرير الرابع للمجموعة.

هذه الوثيقة، مثلما يشرح جوزي روميرو، المتواجد في باريس بصفته مساعدا علميا مكلفا بالشؤون المناخية الدولية في المكتب الفدرالي للبيئة، ستعالج التطور العلمي للظاهرة.

أما الجزءان الآخران للتقرير المتعلقان بالتأثيرات الناجمة عن ارتفاع درجة الحرارة، وبالإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهتها، فسيتم نشرهما في شهري أبريل ومايو.

النشاط الإنساني هو السبب

يشدد جوزي روميرو على أن “الهدف يتمثل في تقديم نص مبسط للحكومات، دون المسِّ بالجدية العلمية للتقرير”، ويؤكّـد المندوب السويسري أنه منذ نشر التقرير السابق للمجموعة في عام 2001، “سُـجِّـلت تطورات علمية مهمة في التعرف على ظاهرة الدفيئة المناخية وتحديد العلاقة بين أسبابها والنشاط الإنساني”.

إن التقرير الجديد لمجموعة الخبراء الحكوميين حول تطور المناخ، “يمكن أن يؤكد أن هناك بالفعل ارتفاعا في درجة حرارة المناخ وأن الظاهرة تتفاقم. فخلال السنوات العشر الأخيرة، ارتفعت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء ودرجات الحرارة بنسق أسرع بكثير من السابق”، مثلما يقول جوزي روميرو.

وطِـبقا للأرقام التي كانت متداولة قبل الاجتماع، فقد يُـعلن الخبراء عن تضاعف نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الهواء بحلول عام 2100 بالمقارنة مع المرحلة التي سبِـقت الحِِـقبة الصناعية.

أما بالنسبة لدرجات الحرارة، فقد ترتفع في الفترة نفسها بما بين 2 و4،5 درجات، وهو أمر هائل، خصوصا إذا ما عُـرف أن معدل ارتفاع درجات الحرارة فوق سطح الكرة الأرضية لا يزيد حاليا عن 5 درجات، بالمقارنة مع الحِـقبة الجليدية الأخيرة، التي انتهت قبل 10000 عام!

شبكة موحّـدة

لقد مثلت هذه المجموعة العلمية، منذ تاريخ تأسيسها، حلقة وصل بين عالم البحث العلمي وأصحاب القرار، ذلك أن قراراتها تحظى باعتراف الدول الـ 192 الأعضاء في الأمم المتحدة.

ويقول جوزي روميرو “إنها منظمة مثالية ولا نظير لها، فهي تُـجنِّـد، طِـبقا لنظام الميليشيات (أي بشكل تطوعي)، علماء من العالم أجمع بهدف الاستفادة من أفضل الباحثين والتوفّـر على طاقم ممثل لجميع مناطق الكرة الأرضية”.

أما ميزانية هذه المجموعة، الممولة من طرف الحكومات، فهي تشهد تغييرا من عام لآخر، حسب المصاريف المترتبة عن أعمالها، لكن المندوب السويسري ينوّه إلى أن “عمل العلماء يتم بدون مقابل”.

في المعدل، تحصل المجموعة على حوالي 5 ملايين فرنك في كل عام، وتتراوح مساهمة سويسرا في ميزانيتها ما بين 120 و150 ألف فرنك، إضافة إلى احتضانها لمقر الأمانة العامة للمجموعة في جنيف وتنظيم العديد من اجتماعات أعضائها، وهو ما يعني أن “سويسرا تستفيد بشكل لا بأس به من هذه الشبكة”، على حد تعبير جوزي روميرو.

مشاركة سويسرية قوية

من جهة أخرى، لا يقتصر دور سويسرا على تقديم المساعدات المالية، بل إن عدد العلماء السويسريين المشاركين في إعداد التقرير، يبلغ 23 (من بين 552)، ومن ضمنهم 5 من المحررين الرئيسيين ومنسقان، هما توماس شتوكر من جامعة برن وأندرياس فيشلين من المعهد التقني العالي في زيورخ.

في هذا السياق، يُـمكن القول أن البحث العلمي السويسري قد تمكن من تسجيل دولي حضور مهِـم في مجال دراسة المتجمدات والغابات والغازات المضرة بالبيئة، كما يُـعتبر رائدا فيما يتعلق بتاريخ المناخ وبدراسة التأثيرات المحلية للأمثلة المناخية الشاملة.

سويس انفو – فريديريك بورنان – جنيف

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

دفعت الأعمال الأولى لمجموعة الخبراء الحكوميين حول تطور المناخ، المجموعة الدولية إلى بلورة معاهدة الأمم المتحدة حول التغييرات المناخية في عام 1992 وإصدار بروتوكول كيوتو لمكافحة ظاهرة الدفيئة في عام 1997.

التقرير الرابع للمجموعة شارك في إعداده على مدى أكثر من عامين، 2500 باحث وسيكون الأساس العلمي لمفاوضات مرحلة “ما بعد كيوتو” في عام 2012.

يمثل موريتس لوينبرغر، وزير البيئة والنقل والطاقة والاتصالات، يوم الجمعة 2 فبراير في باريس، سويسرا في المؤتمر من أجل التحكم البيئي العالمي، الذي ينعقد في إطار الاجتماع الدوري لمجموعة الخبراء الحكوميين حول تطور المناخ.

هذا المؤتمر ينظم بمبادرة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي يفتتحه في قصر الإيليزي، بمشاركة 150 وزير ومسؤول سياسي.

يختتم المؤتمر أعماله يوم 3 فبراير بتوجيه نداء، يدعو إلى تعزيز الالتزام الدولي في مجال حماية البيئة.

في هذه المناسبة، يعتزم الرئيس الفرنسي الترويج لفكرة إنشاء منظمة عالمية للبيئة.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية