اسرائيل تمنع تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية عبر الاردن

تتكدس 400 طن من التمور يملكها المزارع الفلسطيني معين اشتية في قرية “الجفتلك” في غور الأردن شمال الضفة الغربية المحتلة نتيجة القرار الإسرائيلي بمنع تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية عبر الأردن.
وأعلنت إسرائيل الأحد منع المزارعين الفلسطينيين من تصدير منتجاتهم كإجراء عقابي ردا على قرار فلسطيني في أيلول/سبتمبر بمقاطعة مربي الماشية الإسرائيليين.
وكانت الحكومة الفلسطينية أعلنت حينها، أن قرارها هو خطوة “نحو الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال”.
وقالت وحدة الجيش الاسرائيلي المسؤولة عن الأنشطة المدنية في الأراضي الفلسطينية “كوغات” في بيان الأحد “اعتبارا من اليوم (…) لن يسمح بتصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى الخارج عبر معبر اللنبي”.
وكان الفلسطينيون يستوردون 120 ألف عجل من الجانب الإسرائيلي الذي ينتج 20 مليون طن من اللحوم.
ويصف اشتية القرار الإسرائيلي بأنه “كارثة”.
ويقول في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس “سيكلفني القرار خسارة بنحو 10 ملايين شيكل (نحو 3 ملايين دولار) في حال لم أتمكن من تصدير هذه الأطنان”.
وكانت التمور المكدسة جاهزة للتصدير إلى تركيا وألمانيا وبريطانيا.
وبالنسبة للمزارع الفلسطيني فإن هكذا قرار من شأنه “أن ينسف عملا دؤوبا استمر نحو 15 عاما حتى نجحنا ببيع منتجاتنا إلى دول أوروبا”.
ويستخدم الفلسطينيون جسر اللنبي الذي تسيطر عليه إسرائيل، والذي يربط الضفة الغربية بالأردن، لتصدير منتجاتهم إلى دول العالم، في حين يصدر بعضهم منتجاته عبر ميناء أشدود شمال إسرائيل.
-“اجراء سياسي”-
بلغت قيمة الصادرات الزراعية الفلسطينية إلى السوق الاسرائيلي 88 مليون دولار خلال العام 2018، وفقا لوزارة الاقتصاد الفلسطينية.
وبحسب الوزارة، تمثل هذه النسبة 68% في المئة من حجم الصادرات الزراعية الفلسطينية للعالم والبالغة 130 مليون دولار.
وشهدت الأشهر القليلة الماضية تبادلا للتصريحات بين الجانبين الإسرائيلي الفلسطيني، زادت وتيرتها في أعقاب الإعلان الأميركي عن خطة السلام في الشرق الأوسط نهاية كانون الثاني/يناير المنصرم.
وتعطي خطة ترامب الدولة العبرية ضوءا أخضر لضم أجزاء رئيسية من الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن.
وتشكل المنطقة الاستراتيجية 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وتبع الإعلان الأميركي، إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي “وقف استيراد المنتجات الزراعية من السلطة الفلسطينية”.
ودخل القرار الإسرائيلي حيز التنفيذ الأحد الماضي.
وردت السلطة الفلسطينية بقرار آخر قالت إنه جزء من خطتها للانفكاك الاقتصادي، إذ أعلنت منع إدخال خمسة منتجات إسرائيلية إلى الأسواق الفلسطينية.
وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم لوكالة فرانس برس حينها “إن الحكومة قررت منع دخول الخضار والفواكة والمشروبات الغازية والعصائر والمياه المعدنية الإسرائيلية”.
ويقول أحد العاملين في دائرة الرقابة في وزارة الزراعة الفلسطينية، فضل عدم الكشف عن اسمه “بدأنا تنفيذ قرار منع الفواكة الإسرائيلية الخميس الماضي، ولا زلنا نعمل عليه في حين تعمل وزارة الاقتصاد على منع دخول المشروبات الغازية”.
واعتبر وزير الزراعة الفلسطيني رياض العطاري ان الإجراء الإسرائيلي الأحد “خطير”.
وقال العطاري لوكالة فرانس برس “ننظر بخطورة إلى هذا الإجراء خاصة أنه سياسي وليس صادرا عن وزارة الزراعة (…) هدفه تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني”.
واضاف “القرار سيترك آثارا كبيرة على القطاع الزراعي وسيدفعنا لاتخاذ إجراءات جديدة”.
ويبدو المزارع الفلسطيني الطرف الاضعف في المعادلة.
يقوم المزارع ناصر عبد الرازق بزراعة حوالى 2000 دونم بالبطاطا والبصل.
لكن القرار الإسرائيلي جعل عبد الرازق يشكك في إمكانية تصدير إنتاجه.
وقال “موسم تصدير البطاطا والبصل في هذه الأيام، وإذا لم أتمكن من تصديرها فإن خسارتي ستكون كبيرة جدا، خاصة بعدما أغلقوا كل المعابر”.
-إجراءات “تكتيكية”-
يحكم الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اتفاق تبادل تجاري واستيراد أقرته اتفاقية باريس الاقتصادية التي ألحقت باتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين الجانبين في العام 1995.
وبلغت الواردات الزراعية إلى السوق الفلسطيني من إسرائيل حوالى 600 مليون دولار، وهي تمثل ما نسبته 71% من حجم الواردات الزراعية من مختلف بلدان العالم البالغة 850 مليون دولار خلال العام 2018.
وتقول السلطة الفلسطينية إن إسرائيل تفرض حصارا على الإنتاج للحد من تطور الصناعة بذرائع أمنية وصحية وغيرها.
وتشي الإجراءات المتبادلة بين الجانبين باندلاع مواجهة اقتصادية.
لكن المحلل الاقتصادي الفلسطيني نصر عبد الكريم يصفها بالمواجهة “التكتيكية المحسوبة والمحدودة”.
يقول عبد الكريم “لا أستطيع وصف هذه الإجراءات المتبادلة بالمواجهة الاقتصادية بل هي ردات فعل، لأن لا الجانب الفلسطيني ولا الإسرائيلي جاهز لمواجهة اقتصادية”.
ويوضح عبد الكريم “بعد طرح الأميركيين لصفقة القرن، لا يريد الإسرائيليون أي تحول نحو العنف في المجتمع الفلسطيني نتيجة أي ضغط، لذلك يريدون الاحتواء والتهدئة”.
ويضيف” يمكن وصف ما يجري بأنه مواجهة محدودة ومحسوبة، ولا أحد جاهز لمواجهة اقتصادية حقيقية”.