نقص البيض يجبر قطاع الأغذية على التوجّه نحو حلول مبتكرة

منذ يناير 2022، اجتاحت الولايات المتّحدة أكثر من 1،600 بؤرة لتفشي إنفلونزا الطيور في قطاع الدواجن، وهو أول تفشٍ بهذا الحجم منذ ست سنوات. وتعدّ فيروسات إنفلونزا الطيور من السلالة H5N1 شديدة الخطورة، إذ تصل احتمالية نفوق الدجاج المصاب إلى 100%.
وأفاد تجمُّع المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، أنّ أكثر من 168 مليون طائر قد نفق أو أُعدم حتى الآن، بسبب اكتشاف الفيروسات شديدة الإمراض (HPAI) من النمط (H5).
وقد أدى نقص عدد الطيور منتجة البيض إلى ارتفاع تكلفة هذا المنتج إلى أسعار قياسية في الولايات المتحدة، مما دفع الحكومة إلى أخذ تدابير لمساعدة الفئات المتضررة.
وقالت وزيرة الزراعة الأمريكية، بروك رولينز، في مقال نشرته بصحيفة “وول ستريت جورنال” في فبراير الماضي، “لم تتّخذ إدارة بايدن إجراءات كافية لمعالجة تفشّي المرض المتكرر، وموجات ارتفاع أسعار البيض التي أعقبت ذلك. وعلى النقيض من ذلك، تأخذ إدارة ترامب المسألة على محمل الجد”. وفي هذا السياق، أعلنت رولينز عن تمويل بقيمة مليار دولار أمريكي لحماية قطاع الدواجن وخفض أسعار البيض في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التعويضات التي تُدفع إلى المزارعين المتضررين والمزارعات المتضرّرات.
وأضافت رولينز: “يحتاج المزارعون والمزارعات في أمريكا إلى المساعدة، ويحتاج المستهلكون والمستهلكات إلى أغذية بأسعار معقولة. ورسالتنا إلى كل أسرة تكافح من أجل شراء البيض: نحن نسمعكم ونكافح من أجلكم، والمساعدة في طريقها إليكم”.
ولم تتوقّف إنفلونزا الطيور في الولايات المتحدة، بل امتدَّت إلى أوروبا أيضًا. ووفقًا لبيانات نظام معلومات الصحة الحيوانية العالمي (WAHIS)، قد نفق حوالي 134 مليون طائر أو أُعدم، بسبب إنفلونزا الطيور في أوروبا منذ عام 2021، ولم يتعافَ سوق البيض الأوروبي من آثارها بعد.
وفي سويسرا، وردت بلاغات عن عدد من الإصابات بإنفلونزا الطيور شديدة العدوى بين الطيور الداجنة والبرية. وقد طُلب من المزارعين والمزارعات في المناطق المتضررة حبس الطيور في حظائر لفترات محددة، ولكن لم تضطرّ سويسرا بعد إلى تنفيذ عمليات إعدام جماعي للطيور المصابة.
وشهدت الفترة الأخيرة زيادةً ملحوظةً في طلب المستهلكين والمستهلكات على البيض. ويُفسَّر هذا الإقبال عادةً بانتشار صورة البيض كغذاء صحي، وتوجّه الناس نحو نظام غذائي غنيّ بالبروتين. وفي سبتمبر الماضي، اضطرت الحكومة السويسرية إلى زيادة حصّة استيراد البيض منخفض التعريفة الجمركية بمقدار 7،500 طن إضافي (ما يمثل زيادة بنسبة 43%)، لتلبية الطلب المتزايد. ومع اقتراب عيد الفصح، باتت المراكز التجارية للبيع بالتجزئة تشعر بالضغط. وقد اضطرت متاجر ميغروز (Migros)، أكبر سلسلة متاجر في البلاد، إلى أن تشرح لعملائها السبب وراء بعض رفوف البيض الخالية.

وجاء على موقع ميغرو الإلكتروني: “في عام 2024، ارتفع الطلب على البيض بحوالي 10%، بينما زاد الطلب على البيض السويسري الطازج بنسبة أكبر. ولا يمكن للإمدادات مواكبة هذا الطلب المتزايد ببساطة”.
وتعتمد سلسلة ميغرو على الواردات من دول أوروبية أخرى لتلبية زيادة الطلب في سويسرا، وقد ثبتت صعوبة ذلك أيضًا. وشرحت متاجر ميغرو: “هناك حدود لهذه الواردات، لأن ظاهرة زيادة الطلب على البيض يمكن ملاحظتها أيضًا في أماكن أخرى في أوروبا”.
هل تسدّ البدائل النباتيّة هذا النقص؟
وفي ظلِّ هذه الأزمة، تلوح الفرص أمام أحد القطاعات الغذائية المتخصّصة، وهو قطاع بدائل البيض النباتية. ورغم أنّ هذه المنتجات ليست معروفة جيدًا مثل بدائل اللحوم، فهي تعتمد أيضًا على زيادة الوعي بخيارات أسلوب الحياة الأخلاقية وصديقة البيئة، وتستهدف الفئة المستهلكة “شبه النباتية” الراغبة في تقييد استهلاكها من الأغذية حيوانيّة المصدر.
وعلى رأس قائمة الشركات المستفيدة، تأتي شركة Just Egg، التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقرًا لها، وتصنع منتجات بديلة للبيض من حبوب الفاصوليا، وتسجّل حاليًّا نموًّا كبيرًا في منتجاتها بسبب وضع سوق البيض الطبيعي.
ويقول توماس روسميسل، كبير مسؤولي التسويق بهذه الشركة: “ننمو بمعدل خمسة أضعاف ما حققناه العام الماضي، ونحقق نموًّا أسرع بخمسة أضعاف من بيض الدجاج. وفي الوقت الراهن، لم تكن 91% من الشريحة المستهلكة لمنتجاتنا نباتية في الأصل، ويعود 56% ممن يشتري منتجات Just Egg إلى شرائها مرة أخرى (أو أكثر)، مما يشير إلى تحوّل دائم في عادات شراء البيض”.
ويمكن ملاحظة هذا الاتجاه أيضًا في سويسرا، حيث يشتهر قطاع تكنولوجيا الأغذية بطرح منتجات مبتكرة في الأسواق.
ويقول سيلفان ليباخر، مؤسّس شركة EggField المشارك ورئيسها التنفيذي: “نعم، لقد شهدنا ارتفاعًا ملحوظًا في الاهتمام ببدائل البيض النباتية نتيجة لتفشي إنفلونزا الطيور المستمر، لا سيما من الشركات الكبرى التي تنظر إلى البيض كمادّة خام استراتيجية في كثير من الأحيان”.

وتستخدم الشركة السويسرية الناشئة البقوليات، مثل الحمص والبازلاء، لمحاكاة مذاق البيض الكامل وقوامه، أو بياض البيض، أو صفار البيض المستخدم في الخبز أو الطهي. وتوجّه EggField منتجاتها إلى المطاعم والمخابز السويسريّة، بالإضافة إلى شركات التوزيع الدولي، مثل Bäko Germany و German Producers.
ويضيف: ”لقد بعنا في الربع الجاري من هذا العام كميّة أكبر بنسبة 53%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. إنّ بدائل البيض، موضوع الساعة في هذا القطاع بالتأكيد”.
ولا تتأثّر شركات الأغذية السويسريّة متعدّدة الجنسيّات، مثل نستله وليندت آند سبرونغلي، بالنقص بشكل كبير، لأن البيض يشكل نسبة صغيرة جدًا من المواد الخام الخاصة بها. ومع ذلك، تحظى EggField باهتمام شركات الأغذية التي تبحث عن خطّة بديلة.
ويختتم ليباخر بالقول: “حاليًّا، تختبر أكثر من 40 شركة كبرى لتصنيع المواد الغذائية من جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي منتجاتنا، للتخفيف من المخاطر المستقبلية المحتملة لنقص الإمدادات وتواصل ارتفاع الأسعار”.
تحرير: مارك ليوتنيغير
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
مراجعة: ريم حسونة
التدقيق اللغوي: لمياء الواد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.