مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التفوق التكنولوجي ليس ضمانة ضد البطالة

صورة لإنسان آلي من ابتكار خبراء شركة أ ب ب ABB

حصلت شركة ازيا براون بوفيري على الجائزة الأولى في مسابقة الابتكارات الاوروبية بعد أن توصل مهندسوها إلى إنتاج أول انسان آلي صناعي يعمل بواسطة اللاسلكي بشكل كامل.

وبذلك، تحتفظ المجموعة بالريادة التقنية في أوروبا، على الرغم من الصعوبات المالية التي تواجهها والتي تهدد مئات آلاف مواطن العمل في فروعها داخل سويسرا وخارجها

تعد شركة ABB من المؤسسات الصناعية السباقة في ابتكار الجديد في مجال التطبيقات الميكانيكية في الصناعة، لا سيما فيما يرتبط باستعمال الإنسان الآلي أو الـ “روبوت”، وقطعت شوطا واسعا في تطبيقه عمليا في العديد من الخطوط الإنتاجية سواء في الصناعات الثقيلة أو الدقيقة.

وقد توصلت الشركة مؤخرا إلى ابتكار أول إنسان آلي يعمل بشكل كامل بواسطة اللاسلكي أطلقت عليه اسم “روبي”، حيث يحصل الجهاز على أوامر التشغيل من خلال موجات الراديو التي يبثها برنامج الإنتاج. ولا يقتصر التعامل اللاسلكي مع “روبي” على تعليمات العمل، بل يستمد طاقته المحركة أيضا بدون أسلاك، حيث تتم تغذيته بالموجات المغناطيسية، التي تتحول في الداخل إلى طاقة كهربائية.

ويقول الخبراء أن مميزات “روبي” متعددة، تبدأ من التخلص من الكابلات والوصلات السلكية المعقدة التي تربط بين تعليمات الحركة والتنفيذ، والتي يجب تغييرها في فترات متقاربة بسبب تآكلها وما ينتج عن ذلك من ضعف في الأداء وتشويش في نقل التعليمات، وما يمكن أن يتسبب فيه ذلك في ارتباك برنامج الانتاج العام.

ويؤكد ماركوس بايغان المدير المسؤول عن الأبحاث التقنية في شركة ABB في حديثه إلى سويس انفو أن العمل في مجال تطوير وتحديث التقنيات المعتمدة على الموجات اللاسلكية اكتسب أهمية كبيرة في برنامج أبحاث الشركة مع تطبيقاتها المختلفة، حيث تساعد هذه التقنية المتميزة على المزيد من المرونة في الأداء والتخلص من مشاكل التعامل مع مئات الكابلات.

“ليس جديدا، ولكنه حديث”

ومن المعروف أن تقنية استخدام موجات الراديو في نقل تعليمات الحركة ليس جديدا على ساحات تكنولوجيا الإنتاج، لكن الحديث في الإنسان الآلي “روبي” هو استخدام الموجات المغناطيسية في نقل الطاقة، وهو ما أدى إلى حصوله على الجائزة الأولى في مهرجان الابتكارات الأوروبية، بعد أن تم تقديمه للمرة الأولى في مطلع هذا العام في ألمانيا أثناء فعاليات معرض هانوفر الدولي للتكنولوجيا.

ومن اللافت للنظر أن الأبحاث التي تقوم بها المؤسسات الصناعية العملاقة في مجال الاتصالات وتطبيقاتها في نقل المعلومات، فتحت الباب أمام العديد من التطبيقات في ميادين متنوعة.

كما يدفع النجاح الساحق في مبيعات أجهزة الاتصالات والأرباح الكبيرة التي تحصدها شركات الهواتف المحمولة على تشجيع الاستثمار في هذا المجال، سواء في مجال تطوير البحث العلمي أو التسويق.

وتعود الخطوات الأولى لميلاد “روبي” إلى عام 1998 حينما بدأت شركة ABB في التخلص من غابة الأسلاك المحيطة بأجهزة الإنتاج المتحركة، حيث ظهر الإنسان الآلي بعدد أقل من الكابلات، تقلصت في العام التالي إلى تلك التي تنقل إليه الطاقة فقط.

وكانت النماذج الأولى من ذلك الإنسان الآلي تحمل لواقط حساسة ذات حجم كبير لاستقبال موجات الراديو التي تحمل أوامر التشغيل، ومع حلول عام 2002 ظهر “روبي” في ثوبه الجديد بلواقط حساسة أصغر حجما ومعطف من الموجات المغناطيسية تغذيه بالطاقة الكهربائية. كما قدمت ABB شاشة لاسلكية لمراقبة خط سير عمليات الانتاج يمكن برمجتها لمتابعة خط إنتاج كامل داخل مساحة محددة.

تقدم تقني تقابله أزمة مالية خانقة!

وعلى الرغم من هذا التقدم العلمي المتواصل لشركة ABB في مجالي انتاج الطاقة والميكنة الثقيلة، وتصدرها للمراكز الأولى في المسابقات والمعارض التقنية المتخصصة في أوروبا والعالم، إلا أنها تعاني من مشاكل مالية تهدد عمالها بشكل رئيسي.

فمن المرتقب ان تلغي الشركة 46 ألف موطن عمل حول العالم، من ضمنها 300 في المقر الرئيسي في سويسرا، بسبب الأزمة المالية التي تمر بها منذ الإعلان عن التعويضات المالية الكبيرة المطلوبة منها في الولايات المتحدة.

وقد يكون من أحد وسائل اجتياز الازمة الاخيرة أن تركز ABB على البحث العلمي، وبيع ما يتوصل إليه علماؤها من تقنيات متطورة إلى شركات أخرى. فالتقنيات التي يبتكرها 6000 عالم يشتغلون في مختبرات الشركة حول العالم تمتد إلى العديد من القطاعات، بداية من صناعة السيارات والورق والصناعات التعدينية وأعمال المناجم، مرورا بشركات النفط وتكريره والصناعات الكيماوية وصولا إلى الصناعات الاليكترونية الدقيقة والهواتف النقالة.

وبذلك يشكل التميز التكنولوجي للشركة عمودها الفقري، الذي أثقلته التشعبات المختلفة وما يعتبره البعض تشتيتا لجهودها في مجالات لم تكن سوى مصدر لمشاكل مالية معقدة، سيشعر بصداها آلاف العمال قريبا.

تامر أبو العينين – سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية