الجنة الضريبية السويسرية.. مهدّدة
حذرت دراسة دولية من أن نسبة الضرائب المفروضة على الشركات في سويسرا، تفقد شيئا فشيئا جاذبيتها بالنسبة للشركات والمؤسسات الأجنبية.
وكشفت الدراسة أن النسب، المعمول بها في إيرلندا واللوكسمبورغ وبلدان شرق أوروبا، هي الأقل في أوروبا، في الوقت الذي لا تتردد فيه مفوضية بروكسل عن الاحتجاج على الكانتونات السويسرية، التي تخفِّـض من نِـسب الضرائب فيها.
تتواصل الحرب الضروس بين دول العالم من أجل اجتذاب الشركات الأجنبية للعمل فوق أراضيها. ففي الفترة الفاصلة ما بين عامي 1993 و2006، انخفض المعدل العالمي لنسبة الضرائب المفروضة على أرباح الشركات من 39% إلى 27%، مثلما توصّـلت إلى ذلك الدراسة السنوية لمكتب KPMG للاستشارات والمراجعات وتدقيق الحسابات التجارية.
في الدراسة، التي عُـرضت نتائجها يوم 1 نوفمبر في زيورخ، احتلت سويسرا المرتبة الثالثة عشرة فيما يتعلق بنسبة الضرائب المفروضة على الشركات.
قبرص، احتلت المرتبة الأولى، حيث لا تزيد فيها الضريبة على الشركات عن 10%، أما إيرلندا، التي تبلغ النسبة فيها 12،5%، فقد جاءت في المرتبة الثانية.
خبراء مكتب KPMG لم يأخذوا بعين الاعتبار بعض الدول المجهرية، مثل جزر كايمان أو برمودا، التي لا تكاد تدفع فيها الشركات شيئا.
في البيان، الذي ترافق مع نشر الدراسة يوم 1 نوفمبر 2006، أشار مكتب الاستشارات وتدقيق الحسابات التجارية إلى أن سويسرا – التي يبلغ فيها معدل نسبة الضريبة على أرباح الشركات 21،3% (مقابل 28% في عام 1993) – توجد في “مستوى متوسط” مقارنة ببقية بلدان العالم.
وفيما تعتبر سويسرا في مرتبة متقدمة جدا، مقارنة بفرنسا (الرتبة 24 بنسبة 33،3%) وألمانيا (الرتبة 33 بنسبة 38،3%)، احتلّـت بلدان أوروبا الشرقية – إذا ما استثنينا قبرص وإيرلندا – المراتب العشر الأولى في الترتيب.
مخاوف في الكانتونات
حرص خبراء مكتب KPMG على تضمين دراستهم معلومات دقيقة عن سويسرا، حيث سلّـطوا الأضواء على ممارسات الكانتونات السويسرية الـ 26، التي تتمتع بحق تحديد نسب الضرائب بشكل مستقل عن الحكومة الفدرالية.
نتائج الدراسة كشفت أن 8 كانتونات، تمكّـنت من الارتقاء إلى مستوى الشروط المتوفّـرة في بلدان شرق أوروبا، حيث لا تزيد نسبة الضريبة المفروضة على أرباح الشركات في كانتون أوبفالد عن 13،1% متقدما بذلك على كانتون شفيتس (15،6%) وتسوغ (16،4%). في المقابل، تحتل بقية الكانتونات الـ 17 وسط الترتيب، أما كانتون غراوندن، فيوجد في المرتبة الأخيرة (29،1%).
باعتماد هذه المقاييس، يمكن القول أن النظام الضريبي السويسري “لطيف” مقارنة بما هو معمول به على المستوى الدولي، لكن إلى متى سيُـمكن له الاستمرار في ذلك؟ في معرض الرد على هذا السؤال، الذي طرحه معدو الدراسة، أجاب أكثر من نصف المسؤولين على الهياكل المحلية للترويج الاقتصادي في الكانتونات السويسرية، أن الوضع يتّـجه إلى مزيد من التراجع.
شبح الخلاف السويسري الأوروبي
هذا التشاؤم يُـرجعه أوليفيي غيهريغر، من مكتب KPMG إلى الخلاف القائم حاليا بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، حيث اتهمت مفوضية بروكسل العام الماضي بعض الكانتونات بانتهاك اتفاقية التبادل التجاري الحر المُـبرمة سنة 1972 بين الطرفين.
ويوضّـح غيهريغر في حديث مع سويس انفو، “إنه مثال أنموذجي للطريقة التي تحاول بها بروكسل إرغام سويسرا على تحوير نظامها الضريبي، بل إن البعض يعتقد بأن الوسيلة الوحيدة بتخفيف الضغط، تتمثل في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”.
في المقابل، لا يمكن تحميل النظام الضريبي كامل المسؤولية، حيث يشير المحلل لدى مكتب KPMG أيضا إلى التكاليف المرتفعة وإلى التعقيدات البيروقراطية، التي يبدو أنها لا تشجع بعض الشركات على الاستقرار في سويسرا، مذكرا في هذا السياق، بمثال شركة أمغن Amgen الرائدة على المستوى العالمي في مجال البيوتكنولوجيا، التي تراجعت العام الماضي عن تشييد مصنع لها في سويسرا واختارت التوجه إلى إيرلندا.
سويسرا لا زالت جذابة
رغم كل ما سبق، لا زالت العديد من الشركات تختار في الوقت الحاضر سويسرا، مثلما يؤكد مكتب الاستشارات وتدقيق الحسابات التجارية. ففي خلال العامين الماضيين، سجّـل 80% من الكانتونات ارتفاعا في عدد الشركات الأجنبية المسجّـلة لديها، معظم هذه الشركات، كانت ألمانية متبوعة في الترتيب بالأمريكية والفرنسية والبريطانية.
يشار إلى أن هذه الشركات لا تأخذ بعين الاعتبار نِـسب الضرائب المفروضة على أرباحها فحسب، بل تقوم أيضا بتحليل دقيق لنجاعة العمل الذي تقوم به السلطات وللضمانات القانونية المتوفرة لها، إضافة إلى توفر يد عاملة مؤهلة ومتعددة اللغات.
سويس انفو مع الوكالات
كانت بريطانيا أول بلد يُـطلق صرعة التخفيض الضريبي، حيث قلّـصت نسبة الضرائب المفروضة على أرباح الشركات من 52% إلى 35% ما بين عامي 1982 و1986، مرغمة بذلك بلدانا أخرى على اتباع نهجها. أما اليوم، فإن نسبة الضريبة فيها (30%) تجعلها ضمن مجموعة البلدان ذات النسب الأعلى، حسب الدراسة الجديدة.
تكثفت المنافسة في هذا المجال منذ أن أقدمت إيرلندا على تخفيض نسبتها من 40% في عام 1993 إلى 12،5%، وقد حذت العديد من بلدان أوروبا الشرقية حذوها إثر ذلك.
في عام 2005، طرحت المفوضية الأوروبية مشكلة التنافس الضريبي القائم بين الكانتونات السويسرية، معتبرة أنه يمثل انتهاكا لاتفاق التبادل التجاري الحر المبرم في عام 1972 مع سويسرا. وإلى حد الآن، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حول هذه الإشكالية بين برن وبروكسل.
يمثل KPMG International شبكة من مكاتب الخبرة العاملة في مجال التدقيق في الحسابات وتقديم خدمات الاستشارة لفائدة الشركات.
تشغل الشبكة 104 ألف موظف، موزعين على 144 بلد، أما في سويسرا فيعمل لديها 1470 شخص في 13 مدنية.
في عام 2005، بلغ رقم معاملات الفرع السويسرية لـ KPMG 367 مليون فرنك بزيادة بلغت 12،9% مقارنة بعام 2004.
اليابان: 40،7%
الولايات المتحدة: 40%
ألمانيا: 38،3%
سويسرا: 21،3%
إيرلندا: 12،5%
قبرص: 10%
أوبفالد: 13،1%
شفيتس: 15،6%
تسوغ: 16،4%
زيورخ: 21،3%
جنيف: 24،2%
غراوبندن: 29،1%
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.