الجهود تتكثف من أجل هدنة في غزة وحماس تسلم ردها الاثنين
تتكثّف الجهود الدبلوماسيّة الأحد توصّلًا إلى هدنة في غزّة تشمل الإفراج عن رهائن، في وقت أكّد مسؤول رفيع في حركة حماس لوكالة فرانس برس أن “لا قضايا كبيرة” في ملاحظات الحركة بشأن الاقتراح الأخير المقدّم من إسرائيل ومصر حول اتّفاق لوقف النار في القطاع.
وقال المسؤول في حماس الذي اشترط عدم كشف هويته “الأجواء إيجابيّة ما لم تكُن هناك عراقيل إسرائيليّة جديدة، إذ لا قضايا كبيرة في الملاحظات والاستفسارات التي تُقدّمها حماس بشأن ما تضمّنه الردّ” الإسرائيلي.
وأضاف المسؤول أنّ وفدا من حماس برئاسة خليل الحية سيقدّم ردّ الحركة على اقتراح الهدنة خلال اجتماع مع وسطاء مصريّين وقطريّين في القاهرة الاثنين.
وكانت حماس أعلنت السبت أنّها “تدرس” الاقتراح المضادّ، موضحة أنها ستُسلّم ردّها “حال الانتهاء من دراسته”.
وتباحث الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في المحادثات الجارية والرامية إلى الإفراج عن رهائن خطفتهم حماس في هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفق البيت الأبيض.
وأشار البيت الأبيض إلى أن الحليفين “تباحثا في المحادثات الجارية لضمان الإفراج عن رهائن مع وقف فوري لإطلاق النار في غزة”.
ويعتزم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إسرائيل والأردن في جولة تستمر حتى الأربعاء، وفق ما أعلنت الخارجية الأميركية، في أعقاب مكالمة بايدن ونتانياهو.
في الأثناء، لم تهدأ التحرّكات العسكريّة في القطاع الصغير المحاصر الذي تحكمه حماس منذ عام 2007. وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه قصف “عشرات الأهداف الإرهابيّة” في وسط غزّة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الأحد أنّه “خلال 24 ساعة حتى صباح الأحد، وصل 66 شهيدا و138إصابة إلى المستشفيات” في قطاع غزّة.
في الوقت نفسه، تستعدّ إسرائيل لشنّ هجوم برّي في رفح التي تضمّ نحو 1,5 مليون فلسطيني، معظمهم نازحون. وتخشى عواصم ومنظّمات إنسانيّة سقوط ضحايا كثر في هذه المدينة التي تتعرّض أساسا لقصف منتظم من الجيش الإسرائيلي.
ومن السعودية، حيث يُعقد اجتماع خاصّ للمنتدى الاقتصادي العالمي اعتبارا من الأحد، دعا رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس الولايات المتحدة إلى منع اجتياح برّي لمدينة رفح. وقال إنّ العمليّة، إذا حدثت، ستكون “أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني”.
من جهته، قال وزير الخارجيّة السعودي فيصل بن فرحان خلال إحدى جلسات المنتدى “الوضع في غزّة يمثّل بوضوح كارثة بكلّ المقاييس … إنسانيّة، لكنّه أيضا فشل كامل للنظام السياسي (الدولي) القائم في التعامل مع تلك الأزمة”.
وشدّد على أهمّية “التزام حقيقي بحلّ الدولتين، وهو طريق ذو مصداقية ولا رجعة فيه، وهذا هو الحلّ الوحيد المعقول والموثوق الذي يضمن لنا عدم الاضطرار إلى العودة إلى نفس الوضع بعد عامين أو ثلاثة أو أربعة أعوام”.
وتوجّه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الرياض حيث سيناقش “الجهود المستمرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة يسمح بالإفراج عن الرهائن”. كما “سيركز على أهمية منع توسع” إقليمي للحرب، وفق ما قالت الخارجية الأميركية السبت.
من جهته، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الأحد من بيروت إلى وضع حد للتصعيد بين حزب الله اللبناني وإسرائيل تجنبا لـ”السيناريو الأسوأ” على حد تعبيره.
وقال سيجورنيه “نحن نرفض السيناريو الأسوأ في لبنان (…) لا مصلحة لأحد بأن تواصل إسرائيل وحزب الله هذا التصعيد. حملتُ معي هذه الرسالة إلى هنا (…) وسأحمل هذه الرسالة نفسها إلى إسرائيل الثلاثاء”.
وجاءت تصريحات سيجورنيه في مؤتمر صحافي عقده عقب لقائه مسؤولين لبنانيين بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، زعيم حركة أمل وحليف حزب الله.
– “اتفاق الآن” –
ولم تُسرّب تفاصيل عن الاقتراح الإسرائيلي الجديد بشأن الهدنة، لكنّ موقع “أكسيوس” نقل عن مسؤولين إسرائيليّين أنه يتضمّن رغبة في مناقشة “إرساء هدوء دائم” في غزة.
وبحسب الموقع، هذه أوّل مرّة منذ بداية الحرب يشير القادة الإسرائيليّون إلى أنّهم منفتحون على مناقشة إنهاء الحرب.
توازيًا، تتزايد الضغوط الداخليّة على حكومة بنيامين نتانياهو.
فقد تجمّع آلاف المتظاهرين مساء السبت في تلّ أبيب للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المخطوفين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
في ذلك اليوم، شنّت مجموعات من حماس هجومًا غير مسبوق على إسرائيل أدّى إلى مقتل 1170 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة. وخطف أكثر من 250 شخصًا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
ردًّا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس التي تعتبرها الدولة العبريّة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي “منظّمة إرهابيّة”. وأدّى هجومها على غزّة إلى مقتل 34454 شخصًا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة نشرتها وزارة الصحّة التابعة لحماس الأحد.
وهتف المتظاهرون في تلّ أبيب مساء السبت “اتفاق الآن”، مطالبين حكومة نتانياهو بالاستقالة.
قبيل ذلك، نشرت حماس مقطع فيديو يُظهر الرهينتَين كيث سيجل (64 عاما) وعمري ميران (47 عاما). وهذا ثاني فيديو تنشره الحركة خلال أيّام. وفي التجمّع الحاشد في تل أبيب، حضّ والد ميران حماس على “إظهار حسّ إنساني”، طالبًا منها أيضًا “اتّخاذ قرار الآن”.
– ضربات وقصف مدفعي –
قال الجيش الأحد إنّ البحريّة الإسرائيليّة استهدفت طوال يوم السبت مواقع لحماس وقدّمت الدعم للقوّات المنتشرة في وسط القطاع.
وذكر مراسل لفرانس برس أنّ الجيش الإسرائيلي شنّ غارات جوّية وعمليّات قصف مدفعي في عدد من المناطق في قطاع غزّة، ولا سيّما في مدينتي خان يونس ورفح بجنوب القطاع، وكذلك في مدينة غزّة (شمال).
وقال عبد القادر محمد قويدر لفرانس برس “تعبنا بعد سبعة أشهر من النزوح في المخيّمات، لذلك أصرّينا على العودة والبقاء في خيمة على أنقاض منزلنا”.
في سوق في رفح، قال متسوّقون إنّ أسعار الخضار والفاكهة ارتفعت إلى أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب.
وقال محمد سرحان البالغ 48 عاما إنّ مئة شيكل كانت مبلغًا كافيًا لشراء الأغراض طوال الأسبوع، لكنّه “لم يعد يكفي لوجبة غداء واحدة تطعم عائلتي وتكفيها، ونحن نضطرّ لأن نتدبّر أنفسنا بما يأتينا من مساعدات ومعلّبات”.
وإضافة إلى الدمار والخسائر البشريّة الفادحة، سبّبت الحرب كارثة إنسانيّة في قطاع غزة الذي تعيش فيه 2,4 مليون نسمة. أما المساعدات الإنسانيّة التي تخضع لتدقيق إسرائيلي صارم، فلا تدخل إلّا بالقطّارة.
والأحد، أعلن البيت الأبيض أنّ الرصيف العائم الذي تعمل الولايات المتحدة على بنائه لإدخال مزيد من المساعدات إلى غزّة سيبدأ تشغيله في غضون أسابيع قليلة، لكنّه لن يكون بديلًا من الطرق البرّية التي تُعدّ السبيل الأفضل لإدخال أغذية إلى القطاع.
وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إنّ إسرائيل تسمح راهنا بدخول مزيد من الشاحنات “وفاءً بالالتزامات التي طلبها منها الرئيس بايدن”.
من جهتها، أعلنت قبرص أنّ سفينة محمّلة مساعدات عادت من غزّة مطلع نيسان/أبريل بعد غارة إسرائيليّة أسفرت عن مقتل سبعة عمّال إغاثة، قد أبحرت إلى القطاع مجددا.
– قصف حزب الله –
على جبهة أخرى، تسبّبت الحرب بين إسرائيل وحماس في تبادل لإطلاق النار عند حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، حيث يحصل قصف وضربات يوميّة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.
ويقول حزب الله الموالي لإيران إنّه يتدخّل لدعم حماس. وأعلن السبت أنّه استهدف موقعين عسكريّين إسرائيليّين في شمال البلاد “ردا” على هجمات “ضدّ منازل مدنيّين” في جنوب لبنان أدّت إلى مقتل ثلاثة أشخاص ليل الجمعة السبت.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لفرانس برس إنّ حجم تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله “تضاعف” منذ 13 و14 نيسان/أبريل.
بور-ادم/ح س-ود-جص/سام