مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

النيجيريات يتحدين القواعد الاجتماعية ويخضن غمار قيادة الحافلات

afp_tickers

تمتهن أماكا أوكولي قيادة الحافلات منذ ثلاث سنوات بعدما فقدت وظيفتها كمصرفية في لاغوس، العاصمة الاقتصادية لنيجيريا… هذه المرأة البالغة 38 عاما باتت تبدأ يومها في الخامسة والنصف فجرا للاستفادة من ساعة الذروة في الصباح الباكر، وتنهي عملها في وقت متقدم بعد الظهر لممارسة مهمتها الأخرى، رعاية أطفالها الثلاثة.

وتقول أوكولي لوكالة فرانس برس “كان من النادر رؤية سائقة مركبات تجارية في لاغوس، لكن الأمر بدأ يتغير لأننا في حاجة إلى كسب المال”.

وأصبحت أوكولي سائقة قبل عام من انزلاق نيجيريا إلى أسوأ أزمة اقتصادية لها منذ جيل، والتي سرّعت هذا الاتجاه في قطاع يهيمن عليه الرجال تقليديا، بحسب الخبراء.

وتوضح أوكولي “أشعر كأنني أعيش حياتين. الأولى كسائقة حافلة مع ما يتطلبه ذلك من جرأة ومناداة للركاب، والأخرى هي الحياة الهادئة لربة منزل تعتني بزوجها وأطفالها”.

قيادة حافلة ليست لأصحاب القلوب الضعيفة في لاغوس، حيث يشكل نظام النقل الصاخب شريان حياة رئيسيا، وإن كان فوضويا، للعمال الذين يشقون طريقهم عبر متاهات الشوارع في المدينة الضخمة.

ويهتف السائقون ومساعدوهم في الحافلات الصفراء الزاهية المخططة باللون الأسود لإعلان وجهاتهم وسط ضجيج حركة المرور، للركاب الذين يأملون في أن يكدّسوهم داخل مركباتهم.

وبحسب دراسة استقصائية أجرتها هيئة النقل في لاغوس عام 2015، تحمل الحافلات التابعة للقطاع الخاص، والتي يطلق عليها “كوروب” أو “دانفو” حسب الحجم، حوالى 10 ملايين راكب يوميا.

وتوضح أوكولي “العدوانية جزء من الوظيفة لأن سائقي الحافلات الآخرين قد يحاولون خداعك عندما يحين دورك لنقل الركاب”، “لأنك امرأة”.

وتنتشر المخاوف بشأن احتساء سائقي الحافلات الكحول أثناء العمل، وتشن السلطات حملات لمحاولة قمع المخالفات في هذا المجال.

وقال هيئة السلامة المرورية الفدرالية النيجيرية إن مخالفات السرعة تسببت في حوالى 56 في المئة من حوادث الطرق في مختلف أنحاء البلاد بين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو من العام الماضي.

ومع ذلك، فإن الفوضى يمكن أن تفتح الباب أمام مزيد من الفرص للنساء.

وتوضح أوكولي “يفضّل الركاب الآن ركوب الحافلات التي تقودها نساء لأنهن أنظف ويُنظر إليهن على أنهن أكثر حذرا أثناء القيادة”.

– نساء معيلات –

يعزو أستاذ التخطيط والسياسة في مجال النقل في جامعة ولاية لاغوس صامويل أوديوومي، توسع حضور النساء في مجال قيادة الحافلات إلى التباطؤ الاقتصادي.

وأدت الإصلاحات المؤلمة التي يقول الرئيس بولا تينوبو إنها ضرورية، بما في ذلك تعويم العملة ووقف سياسة دعم المحروقات الباهظة الثمن، إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.

ويقول أوديوومي لوكالة فرانس برس “لم يعد بإمكان الأسر الاعتماد على دخل واحد، وفي بعض الحالات، أصبحت النساء معيلات، وقد دفعهن ذلك إلى استكشاف المهن التي كانت مخصصة ثقافيا للرجال”.

ويوضح أن الحكومة تؤدي أيضا دورا في الموضوع، إذ كرست سلطات ولاية لاغوس حصة تبلغ 20 في المئة للنساء في أدوار القيادة ضمن برنامج النقل الجماعي العام.

– دخل متواضع –

لا يقتصر هذا المنحى على الحافلات، إذ يُلحظ ازدياد في أعداد النساء اللواتي يسجّلن مركباتهن الخاصة للعمل مع تطبيقات الأجرة مثل “أوبر” أو “بولت”.

وتقول فيكتوريا أوييمي، وهي رئيسة جمعية تحمل اسم “سيدات على عجلات في نيجيريا” (LOWAN)، إن المجموعة بدأت في عام 2018 بست نساء، وباتت تضم أكثر من خمسة آلاف عضو.

وتوضح “شعرنا بالحاجة إلى الاهتمام بأنفسنا، خصوصا في مدينة مزدحمة مثل لاغوس حيث نعمل جميعا بجد”.

يتم تشجيع النساء على تجنب العمل ليلا لتفادي خطر السرقة، لكنّ شعورا قويا بالتضامن نما في هذه الأوساط.

وتتبادل النساء الأعضاء في الجمعية النصائح المهنية وفرص العمل، ويدرن مجموعات لتجميع الأموال بغية مساعدة بعضهن بعضا على تلبية النفقات الكبيرة مثل الرسوم المدرسية.

وتقرّ أوكولي بأن العبء النفسي للوظيفة كان مرهقا مثل العبء البدني، خصوصا عندما يتم إيقافها من جانب شرطيي مرور لدفع غرامة، أو رشوة.

بعد دفع هذه المبالغ، بالإضافة إلى الرسوم الأخرى وشراء الوقود، لا يبقى لأوكولي سوى تحو 40 في المئة فقط من دخلها، على ما تؤكد.

وتوضح “بسبب طبيعة العمل الشاقة، لا أقوم إلا بسبع نقلات يوميا (بالحافلة)، وبالتالي فإن المال لا يكفي لتلبية حاجاتي، لكن هذا أفضل من البقاء عاطلة عن العمل”.

اوا/جك/الح

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية