The Swiss voice in the world since 1935

انكماش غير متوقع للاقتصاد الأميركي في أول ثلاثة أشهر في ظل ترامب

afp_tickers

شهد الاقتصاد الأميركي انكماشا غير متوقع في الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، وفقا لبيانات جديدة نُشرت الأربعاء، الأمر الذي يرجع في جزء كبير منه إلى زيادة الواردات قبل فرض الرئيس دونالد ترامب رسوما جمركية شاملة.

انخفض الناتج المحلي الإجمالي لأكبر اقتصاد في العالم بمعدل سنوي من 0,3 في المئة في الربع الأول، بعدما نما بنسبة 2,4 في المئة في الأشهر الأخيرة من العام 2024، وفقا لتقديرات وزارة التجارة الأميركية.

جاءت البيانات الصادرة الأربعاء أدنى بكثير من التقديرات التي توقعت نموا بنسبة 0,4 في المئة، وفقا لموقع “بريفينغ.كوم” (Briefing.com).

وقالت وزارة التجارة في بيان إنّ “التراجع في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يعكس ارتفاع الواردات وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وانخفاض الإنفاق الحكومي”. 

تفاعلت الأسواق الأميركية بشكل سلبي مع هذه الأنباء، وفتحت المؤشرات الثلاثة الرئيسية على انخفاض حاد في وول ستريت.

– ترامب ينفي دور الرسوم الجمركية –

من جانبه، ألقى ترامب باللوم في منشور على منصته تروس سوشيل، على سلفه جو بايدن في هذه الأنباء الاقتصادية السيئة.

وقال “هذه سوق أسهم بايدن وليست سوق أسهم ترامب … بلادنا ستزدهر، ولكن علينا التخلّص من تأثير بايدن السلبي”. 

وتابع “سيتطلّب هذا الأمر بعض الوقت، ولا علاقة له بالرسوم الجمركية”، مؤكدا أنّه “عندما يبدأ الازدهار، سيكون لا مثيل له. اصبروا!!”.

بعد دقائق من ذلك، أشار بيتر نافارو مستشار ترامب الاقتصادي في مقابلة مع شبكة “سي ان بي سي”، إلى أنّ التراجع في الناتج المحلي الإجمالي كان متوقعا، مؤكدا أنّ “هذا لن يكون الحال في الفصل المقبل”.

بموازاة ذلك، تباطأ التضخّم في آذار/مارس إلى أكثر من 2,3 في المئة على أساس سنوي، وهو ما يتماشى على نطاق واسع مع توقعات المحللين، وفقا لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الرسمي الذي نشر الأربعاء، الأمر الذي يسلط الضوء على الدور الذي لعبه انخفاض أسعار الطاقة. 

ونُشرت الأرقام في اليوم 101 بعد عودة ترامب إلى منصبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني/يناير.

ومنذ ذلك الوقت، غلظ ترامب الرسوم الجمركية على الأصدقاء قبل الأعداء. وفي آذار/مارس، أعلن عن خطط لفرض رسوم جمركية باهظة على كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، اعتبارا من أوائل نيسان/أبريل، في محاولة لتصحيح العجز التجاري حسب قوله.

وأدى فرض التعريفات الجمركية إلى عمليات بيع كبيرة في الأسواق المالية، ما انعكس في ارتفاع التقلّبات إلى مستويات لم تحدث منذ جائحة كوفيد-19، وفي إثارة قلق المستثمرين.

وقالت أستاذة الاقتصاد في جامعة جورج واشنطن تارا سينكلير لوكالة فرانس برس قبل نشر البيانات، “عادة، لا تتغيّر سياسة الحكومة كثيرا، خصوصا خلال الأيام المئة الأولى للرئاسة… هذه المرة الأمر مختلف”.

وأضافت “أعتقد أنّ من الواضح جدا أنّ هناك تغييرات جذرية في السياسة أدّت إلى إضعاف الاقتصاد بشكل مباشر”. 

من جانبها، قالت السيناتور الديموقراطية إليزابيث وورن في بيان، “بعد مرور 100 يوم على بدء رئاسته، تؤدي الرسوم الجمركية التي يفرضها دونالد ترامب إلى انكماش اقتصادنا، حيث تقوم الشركات بتخزين الواردات تحسبا ليوم القيامة الذي سيحل بسبب الرسوم الجمركية”. 

بعد الحركة السلبية الكبيرة التي شهدتها الأسواق في نيسان/أبريل، أعلنت إدارة ترامب تعليقا مؤقتا لمدة 90 يوما، للتعريفات الجمركية المرتفعة التي قرّرت فرضها على عشرات الدول، وذلك لإتاحة المجال أمام إجراء محادثات، بينما حافظت على معدّل رسوم أساسي بنسبة 10 في المئة على معظم الدول.

كذلك، أعلنت تدابير خاصة في قطاعات الصلب والألمنيوم والسيارات وقطع الغيار غير المصنّعة في الولايات المتحدة، وفرضت تعريفات جمركية جديدة تصل إلى 145 في المئة على الكثير من المنتجات الصينية.

وردّت بكين بفرض رسوم جمركية باهظة ومحدّدة الأهداف على السلع الأميركية.

– “رد مباشر” على ترامب –

شهد الاقتصاد الأميركي نموا بنسبة 2,8 في المئة العام الماضي، وفقا لوزارة التجارة، بينما توقّع معظم المحلّلين أن يتباطأ قليلا هذه السنة.

ولكن منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض وفرض رسوم جمركية جديدة، خفّض العديد من المحلّلين توقعاتهم للنمو بشكل كبير.

وتؤثر الواردات بشكل سلبي على النمو، ومن شأنها أن تضعف التأثيرات الإيجابية للصادرات في حسابات الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت سينكلير من جامعة جورج واشنطن، إنّ “هذه الزيادة الكبيرة في الواردات تأتي مباشرة من أشخاص يحاولون استباق الرسوم الجمركية. وهذا ردّ مباشر على سياسات هذا الرئيس”. 

وقال كبير الاقتصاديين في رابطة مصرفيي الرهن العقاري مايك فراتانتوني في مذكرة للعملاء اطلعت عليها فرانس برس، إنّ تأثيرات الرسوم الجمركية على النمو والتضخم تشكل “معضلة” بالنسبة إلى بنك الاحتياطي الفدرالي، في إطار محاولته الحفاظ على استقرار الأسعار وأقصى حد من التوظيف المستدام.

وأضاف “نتوقع أن يبقي بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه الأسبوعي المقبل، ونشير إلى أنّه سيستمر في الإبقاء على هذا المستوى حتى يتضح ما إذا كان الركود أو التضخّم هو الخطر الأكبر”. 

ميل-دا/ناش/ص ك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية