بايدن يعتبر أن اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة قد يوقف هجوما إيرانيا محتملا على إسرائيل
اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران الى الامتناع عن شن هجوم على اسرائيل ردا على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الذي أجج التوترات الإقليمية.
وجاءت تعليقات بايدن اثر رفض إيران الثلاثاء دعوات غربية للتراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل بعد مقتل هنية، في وقت تسود المخاوف من توسّع الحرب في قطاع غزة الى المنطقة.
وألقت الجمهورية الإسلامية وحلفاؤها باللوم على إسرائيل في مقتل هنية أثناء زيارته للعاصمة الإيرانية لحضور تنصيب الرئيس مسعود بزشكيان. ولم تعلّق إسرائيل على ذلك.
لكن إيران تعهّدت الانتقام لمقتله الذي جاء بعد ساعات من ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر. وتوعّد حزب الله بالردّ.
لدى سؤاله الثلاثاء عما إذا كانت هدنة بين إسرائيل وحماس قد تحول دون وقوع هجوم إيراني، قال بايدن للصحافيين “هذا ما أتوقعه”.
وأضاف للصحافيين في نيو أورلينز إنه على الرغم من أن المفاوضات “أصبحت صعبة”، إلا أنه “لن يستسلم”.
وتتصاعد الضغوط الدبلوماسية الغربية منذ ذلك الحين في محاولة لتجنيب الشرق الأوسط مزيدا من التصعيد.
ودعت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو الثلاثاء “جميع الأطراف” إلى وقف التصعيد، مضيفة “بعد عشرة أشهر على بدء الحرب، أصبح خطر التصعيد الإقليمي أكثر وضوحا ورعبا من أي وقت مضى”.
وأشارت إلى أنه في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل “لا يزال الوضع كارثيا بالنسبة للمدنيين. لا يوجد مكان آمن في غزة، ولكن إجلاء المدنيين يتواصل إلى مناطق لا تنفك تضيق”.
وكان البيت الأبيض حذّر من أن إيران قد تشنّ مع وكلائها “هجمات كبرى” على إسرائيل هذا الأسبوع، لافتا إلى أن إسرائيل لديها تقديرات مماثلة.
وخلال الأيام الأخيرة، أرسلت الولايات المتحدة مجموعة حاملة طائرات وغواصة مزوّدة بصواريخ إلى المنطقة دعما لإسرائيل.
ووافقت إدارة بايدن الثلاثاء على صفقات أسلحة جديدة لاسرائيل بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، متجاهلة ضغوطا تمارسها منظمات حقوقية تدعو لوقف إمداد الدولة العبرية بالأسلحة على خلفية ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في غزة.
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني دعوات الغرب، وقال في بيان “الجمهورية الإسلامية مصمّمة على الدفاع عن سيادتها… ولا تطلب الإذن من أي كان لممارسة حقوقها المشروعة”.
وندّد بإعلان لا يتضمّن “أي مأخذ على الجرائم الدولية التي يرتكبها النظام الصهيوني… ويطلب بوقاحة من إيران عدم الردّ بشكل رادع (على من) انتهك سيادتها”.
وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الثلاثاء خلال زيارته قاعدة عسكرية في شمال إسرائيل على الحدود مع لبنان “نعمل في آن واحد على إزالة التهديدات والاستعداد لكل الاحتمالات لنكون قادرين على شن هجوم في المكان الذي نقرره”.
– “بدون قيود” –
ودعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون أيضا إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة، مع ترقّب جولة محادثات صعبة دعت الدول الوسيطة (واشنطن والدوحة والقاهرة) الى عقدها الخميس أملا في التوصل إلى هدنة.
كما دعت الدول الغربية إلى إيصال المساعدات “بدون قيود” إلى قطاع غزة المحاصر والمدمّر بعد عشرة أشهر من الحرب.
من جهته، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يزور موسكو عن “قلقه” إزاء أعداد القتلى المدنيين في غزة.
اندلعت الحرب إثر هجوم نفّذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والهجمات الإسرائيلية الانتقامية في غزة عن مقتل 39929 شخصا على الأقل، وفقا لوزارة الصحة في القطاع التي تؤكد أن القسم الأكبر من القتلى مدنيون لا سيما من النساء والأطفال، من دون أن تعطي تفاصيل عن القتلى بين المقاتلين.
وقبلت إسرائيل دعوة الوسطاء إلى استئناف المفاوضات هذا الأسبوع بشأن وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح رهائن.
وتعارض الأحزاب اليمينية المتطرفة في الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أي وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو موقف كرره وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي دخل الثلاثاء مع أكثر من ألفي إسرائيلي باحات المسجد الأقصى.
وقال بن غفير في فيديو من باحات المسجد الأقصى إن إسرائيل “ستهزم حماس”، داعيا إلى عدم الذهاب إلى أي مفاوضات.
وأضاف “يجب أن ننتصر في هذه المعركة، يجب أن ننتصر وألا نذهب إلى مباحثات في الدوحة أو القاهرة”، في إشارة إلى الدعوة الى مفاوضات الخميس.
وصدرت ردود فعل دولية نددت بخطوة بن غفير، حيث حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على منع مزيد من “الأفعال الاستفزازية”.
وفي بيان شديد اللهجة قال بلينكن إن بن غفير أظهر “تجاهلا صارخا” للوضع الراهن في الموقع المقدس لدى اليهود والمسلمين.
وكان المتحدث باسمه فيدانت باتيل قد قال للصحافيين الثلاثاء “تقف الولايات المتحدة بحزم الى جانب الحفاظ على الوضع التاريخي القائم مع احترام الأماكن المقدسة في القدس، وأي خطوة احادية مهما كانت (…) ومن شأنها تقويض هذا الوضع، غير مقبولة”.
ودانت الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا ما اعتبرته “استفزازا”.
والمسجد الأقصى هو في صلب النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ويطلق عليه اليهود اسم “جبل الهيكل” ويعتبرونه أقدس الأماكن الدينية عندهم. وتسيطر القوات الإسرائيلية على مداخل الموقع الذي تتولّى إدارته دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن.
وأكّد مكتب نتانياهو في بيان أصدره “عدم وجود أي سياسة خاصة لأي وزير على جبل الهيكل، ولا حتى لوزير الأمن الوطني”.
من جهتها، دانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان الثلاثاء “إقدام وزيرين متطرفين من الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من الكنيست على اقتحام المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي”.
بدورها، قالت قطر إنها تدين “بأشد العبارات اقتحام … باحات المسجد الأقصى المبارك، وفرض قيود على دخول المصلين، وتعدها تصرفات مستفزة وتمثل انتهاكا سافرا للقانون الدولي” محذّرة “من مغبة تأثير هذه الانتهاكات على الجهود الجارية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة”.
ودعت حماس من جهتها الوسطاء الى تنفيذ خطة الهدنة التي عرضها الرئيس جو بايدن في أيار/مايو، بدلا من إجراء مزيد من المفاوضات، من دون أن توضح ما إذا كانت ستشارك في جلسة الغد التي يفترض أن تعقد في الدوحة أو القاهرة.
– طفلة نجت بعد مقتل كل عائلتها –
على الأرض، اشتبك مقاتلون فلسطينيون خلال الليل مع الجيش الإسرائيلي قرب نتساريم جنوب مدينة غزة، وفق ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس.
وقال مسعفون إن شخصا قتل وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي لمخيم المغازي للاجئين في وسط القطاع ونقلوا إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح.
من جهته، أعلن الجيش الاسرائيلي الثلاثاء أن صاروخا أطلق من قطاع غزة سقط قبالة سواحل تل ابيب، فيما اكدت كتائب القسام مسؤوليتها عن الإطلاق.
وسمع صحافي في وكالة فرانس برس في الموقع دوي انفجار.
وقتلت غارة إسرائيلية الثلاثاء عشرة أفراد من عائلة كانت تقيم في خان يونس جنوب قطاع غزة ولم تنجُ منها سوى طفلة عمرها ثلاثة أشهر وفق ما أفاد مسعف لوكالة فرانس برس.
وقال طبيب في مستشفى ناصر لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته إن “عشرة أفراد من عائلة أبو حية قتلوا في غارة إسرائيلية على منطقة عبسان شرق خان يونس”.
وأضاف “لم يبق من العائلة سوى ناجية واحدة هي طفلة اسمها ريم وعمرها ثلاثة أشهر فقط” مشيرا إلى أن أفراد الأسرة العشرة الآخرين الذين قضوا في الغارة هم والداها واخوتها الثمانية.
في الضفة الغربية المحتلة، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن القوات الإسرائيلية قتلت الإثنين بالرصاص طارق زياد عبد الرحيم داود قرب بلدة عزون شرق قلقيلية في شمال الضفة الغربية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه قُتل بعد إطلاق النار على مدني إسرائيلي. ونشرت حماس بيانا تنعى فيه طارق داود الذي قالت إنه كان عضوا في كتائب القسام.
وقتل فلسطيني فجر الثلاثاء برصاص الجيش الإسرائيلي خلال عملية عسكرية في مدينة رام الله في وسط الضفة الغربية فجّر خلالها شقتين سكنيتين لفلسطينيين يتهمهما بمهاجمة مركبة إسرائيلية.
بور/الح-ب ق-ود/سام