مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد القرار الليبي المفاجئ.. أوروبا تدرس “ردا ملائما”.. وبرن تتمسك بموقفها

يتردد الكثير من الأوروبيين على ليبيا لعقد الصفقات التجارية ولممارسة أنشطة اقتصادية واستثمارية. كما تجتذب المواقع الأثرية والصحراء الشاسعة، العديد من السياح. Luca Zanetti

تواصلت ردود فعل العواصم الأوروبية على القرار المفاجئ، الذي اتخذته ليبيا بالتوقف عن إصدار تأشيرات دخول لمواطني الدول الأعضاء في فضاء شنغن. وفيما أعلنت برن استمرار سياسة التضييق على التأشيرات بحق الليبيين، تتّـجه بروكسل إلى التحرّك من أجل وضع حدٍّ لهذه الوضعية التي تُـلحِـق الضّـرر بمواطني 25 دولة أوروبية.

وأعرب الاتحاد الاوروبي يوم الثلاثاء 16 فبراير عن أسفه لقرار ليبيا تعليق تأشيرات الدخول لمواطني دول الاتحاد في منطقة شنغن التي تضم 25 دولة اوروبية. وقال متحدث باسم المفوضية الاوروبية في إفادة صحفية معتادة “نأسف لهذا الاجراء…لان اجراءات تعطيل تسليم تأشيرات الدخول هي إجراء من جانب واحد وغير متناسب”. وأضاف “نأسف حقا أنه حتى مواطنين من الدول الاعضاء في شنغن بالاتحاد الاوروبي كان بحوزتهم تأشيرة سارية مُنعوا من الدخول وأعيدوا”.

وكانت المفوضية الأوروبية أعلنت يوم الاثنين 15 فبراير أنها تدرُس “ردّ فعل ملائم” على قرار طرابلس التوقّـف عن منح تأشيرات دخول لمواطني البلدان الأعضاء في فضاء شنغن، وقالت سيسيليا مالمستروم، المفوضة الأوروبية المكلّـفة بالشؤون الداخلية والهجرة: “إن المفوضية تستنكِـر القرار الأحادي الجانب وغير المتلائم (المتخذ) من طرف السلطات الليبية”.

وأوضحت مالمستروم أنه من المقرّر إجراء مشاورات مع الدول الأعضاء والبلدان المشاركة في فضاء شنغن، من أجل “تقرير ردّ فعل ملائم، قبل موفى الأسبوع” الجاري.

وكانت بعض البلدان الأوروبية، من بينها إيطاليا وفرنسا وألمانيا، قد نصحت منذ الإثنين مواطنيها بعدم التوجّـه إلى ليبيا، إثر القرار المفاجئ، الذي أسفر عن إعادة عشرات المسافرين الأوروبيين بعد هبوط الطائرات التي كانت تقلهم في مطار طرابلس الدولي، بالرغم من استصحابهم لتأشيرات دخول قانونية إلى الجماهيرية.

ردود فِـعل إيطالية

في سياق متّـصل، اتّـهم وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتّـيني سويسرا بـ “أخذ جميع بلدان فضاء شنغن كرهائن” في هذه القضية، ومع أنه أقرّ بوجوب مساعدة الكنفدرالية على “إيجاد حلٍّ لقضية ثنائية” (بينها وبين ليبيا)، إلا أنه اعتبر أن ذلك لا يجب أن يتمّ “على حساب” الجميع.

وحسب روما، فإن القرار الليبي بعدم منح تأشيرات للمواطنين الأوروبيين (باستثناء البريطانيين، الذين لا تنتمي بلادهم إلى فضاء شنغن)، يُـمثِّـل إجراءً انتقاميا على قرار يحظرُ دخول 188 مسؤولا ليبيا إلى سويسرا.

وفي حديث نشرته يوم الأربعاء 16 فبراير صحيفة “لاستامبا” الإيطالية، صرّح وزير الخارجية الإيطالي أن الإستراتيجية السويسرية تُـسيء إلى جميع دول فضاء شنغن، وزعم فرانكو فراتّـيني أن سويسرا لم تُدرج على قائمتها السوداء مرتكبي جرائم أو أشخاصا خطرين ومبحوثا عنهم مثلما تنص على ذلك اتفاقية شنغن، بل القائد القذافي أو وزير الشؤون الخارجية”.

وأضاف الوزير الإيطالي “لا يجب أن تتحول شنغن إلى وسيلة ضغط لسويسرا فهناك وسائل أخرى لحل المشاكل الثنائية مع ليبيا”، مضيفا بأن رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني دعا السلطات الليبية إلى العودة عن قرارها، ومعبِّـرا عن انشغاله بالتطورات الجارية وكشف أن بلاده تقدمت بعدُ بطلبٍ لمناقشة هذه المسألة في اجتماع تعقده “لجنة شنغن” يوم الخميس 18 فبراير الجاري في العاصمة البلجيكية.

في المقابل، أعلن فراتّـيني عن مقترح ستتم مناقشته في الاجتماع المقبل لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذي يلتئم يوم الاثنين 22 فبراير في بروكسل يقضي بـ “منح تأشيرات للمواطنين الليبيين، تسمحُ لهم بالدخول إلى بلدان فضاء شنغن، باستثناء سويسرا”.

برن مصرة على موقفها

على صعيد آخر، أمسكت الخارجية السويسرية عن التعليق على تصريحات الوزير فراتيني لكنها جددت تمسك برن بسياستها التضييقية في مجال التأشيرات تجاه المواطنين الليبيين رغم الإنتقادات الإيطالية. وأوضح أدريان سولبرغر، المتحدث باسم وزارة الخارجية في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، أن “سويسرا تواصل انتهاج سياسة تضييقية في مجال التأشيرات”.

وكانت سويسرا شددت سياستها فيما يتعلق بمنح التأشيرات تجاه ليبيا في الخريف الماضي إثر إقدام السلطات الليبية على اختطاف رجلي الأعمال السويسريين المحتجزين في الجماهيرية والإحتفاظ بهما في مكان غير معلوم لفترة استمرت 52 يوما.

من جهة أخرى لم تعترف الكنفدرالية رسميا بوجود هذه القائمة السوداء (التي ذكرت صحيفة “أويا” المقربة من سيف الإسلام القذافي يوم السبت 13 فبراير أنها تشتمل على 188 اسما من بينهم العقيد القذافي وأفراد عائلته وعدد من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين والإقتصاديين) لكن الأوساط المعنية في برن تؤكد أن المبادرة السويسرية حصلت على موافقة الدول الأخرى الأعضاء في فضاء شنغن.

وكانت ليبيا هدّدت قبل عدة أسابيع، بتشديد سياستها في منح التأشيرات، وخاصة تجاه رجال الأعمال ومدراء الشركات الأوروبية العاملة فوق أراضيها، وجاء ذلك في سياق الردّ على التشدّد الذي مارسته برن منذ شهر أكتوبر 2009 في شروط منح تأشيرات شنغن للمواطنين الليبيين، جرّاء رفض طرابلس التعاون في ملف المواطنين السويسريين المحتجزين في ليبيا منذ أكثر من عام ونصف. ومنذ ذلك الحين، لا تمنحُ السلطات السويسرية تأشيرات من هذا القبيل إلا “بصفة استثنائية وفي حالات خاصة”.

وسبق لبرن أن طلبت في شهر نوفمبر 2009 من الدول الأعضاء في فضاء شنغن، تطبيق سياسة تأشيرات تضييقية تجاه الطلبات الواردة من ليبيا. وفي ذلك الشهر، رُفِـضت تأشيرات لرئيس الوزراء الليبي ولعدد من كبار المسؤولين، وهو ما دفع خالد قايم، نائب وزير الخارجية الليبي آنذاك إلى التنديد بما أسماه “تضامنا منهجيا ومُـبرمجا مع سويسرا” من طرف الأوروبيين.

ويشار إلى أن وزير الشؤون الداخلية السويسري ديديي بوركهالتر، صرح يوم الثلاثاء للتلفزيون السويسري الناطق بالألمانية SF، أثناء زيارته الرسمية إلى بروكسل، بأن سويسرا تحترم قواعد فضاء شنغن، مضيفا أن سويسرا “منحت العديد من التأشيرات”، وأنها لم ترفض سوى نسبة ضئيلة من الطلبات. ففي عام 2009، لم ترفض السلطات السويسرية إلا 270 من أصل 30000 طلب ليبي على الحصول على تأشيرة شنغن.

حمداني وغولدي.. في الإنتظار!

ومن الناحية المبدئية، يحِـق للمتحصِّـلين على تأشيرة شنغن التنقّـل بحرية بين البلدان الأعضاء، إلا أنه يُـمكن لكل بلد عضو على حِـدة، أن يحظُـر دخول أراضيه على أشخاص محدّدين، مثلما فعلت سويسرا فيما يتعلّـق بليبيا. من جهة أخرى، تتوفّـر الدول الأعضاء على حقّ الاستشارة والفيتو بخصوص منح تأشيرات شنغن، وتبعا لذلك، يُـمكن لها أن تمنع بعض الليبيين من السفر إلى أي مكان في فضاء شنغن، الذي يشمل 25 بلدا في القارة الأوروبية.

وكما هو معلوم، فإن طرابلس تحتجز منذ إيقاف شرطة جنيف لهانيبال القذافي في منتصف يوليو 2008، رجُـلـي الأعمال السويسريين ماكس غولدي ورشيد حمداني بعد أن وُجِّـهت لهما اتهامات بـ “الإقامة غير المشروعة” و”ممارسة أنشطة اقتصادية غير قانونية”.

وفيما تمّـت تبرئة رشيد حمداني من جميع التهم الموجّـهة إليه يوم 7 فبراير، إلا أنه لا زال ينتظر استعادة جواز سفره والحصول على تأشيرة خروج، كي يتمكّـن من مغادرة الأراضي الليبية. في المقابل، خفّـضت محكمة استئناف يوم الخميس 11 فبراير الحُـكم الصادر على ماكس غولدي، من 16 إلى 4 أشهر سِـجنا بتُـهمة الإقامة غير المشروعة، فيما حُـكم عليه سابقا بدفع غرامة (800 دولار) في القضية الثانية.

Swissinfo.ch مع الوكالات

15 يوليو 2008: توقيف هانيبال القذّافي أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته الحامل في شهرها التاسع بفندق فخم بجنيف على إثر اتهامهما من قبل اثنين من الخدم الخاص بسوء المعاملة والضرب.

17 يوليو 2008: إطلاق سراح الزوجين بعد يومين من الاعتقال.

19 يوليو 2008: السلطات الليبية توقف رجلي أعمال سويسريين بتهم مزعومة تتعلق بعدم احترامهما قوانين الإقامة والهجرة وغيرها.‏

‏23 يوليو 2008: ليبيا تهدد بوقف الإمدادات النفطية إلى سويسرا.

26 يوليو 2008: ليبيا تطالب سويسرا بالاعتذار ووقف الملاحقة الجنائية لنجل القذافي وزوجته.

29 يوليو 2008: الإفراج عن السويسريين المعتقلين، مقابل دفع كفالة مالية لكن السلطات رفضت السماح لهما بمغادرة الأراضي الليبية.

5 أغسطس 2008: المتحدث باسم الخارجية السويسرية يعلن أن “طرابلس تشترط تقديم اعتذارات عن الطريقة التي تمت بها معاملة هانيبال القذافي وزوجته لدى اعتقالهما يوم 15 يوليو الماضي في جنيف”.

20 أغسطس 2009: رئيس الكنفدرالية هانس – رودولف ميرتس يقدم اعتذاره للسلطات الليبية في ندوة صحفية في طرابلس ويوقع على مذكرة اتفاق مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي لحل الأزمة.

25 أغسطس 2009: توجهت طائرة تابعة لسلاح الجو السويسري إلى ليبيا بعد الحصول على موافقة السلطات من أجل إعادة المواطنين السويسريين المحتجزين، لكنها عادت يوم 31 أغسطس بدونهما.

22 أكتوبر 2009: بعد يومـين من انقضاء مهلة الستين يوما لتطبيع العلاقات بين برن وطرابلس، رئيس الكنفدرالية هانس – رودولف ميرتس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري يعبران في مؤتمر صحفي عن غضبهما إزاء “رفض (ليببا) المنهجي” للتعاون لتسوية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

2 نوفمبر 2009: لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب السويسري تُـطالب بمنع الرعايا الليبيين من دخول سويسرا.

4 نوفمبر 2009: الحكومة السويسرية تقرر تعليق العمل باتفاق 20 أغسطس وتعلن عن مزيد من التشدد في منح تأشيرات الدخول إلى المواطنين الليبيين.

7 فبراير 2010: القضاء الليبي يبرئ رشيد حمداني من تهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” بعد أن برأه في محاكمة سابقة من تهمة “انتهاك قوانين الهجرة والإقامة” في ليبيا.

11 فبراير 2010: خفضت محكمة استئناف ليبية الحكم الصادر على ماكس غولدي بتهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” من 16 إلى 4 أشهر سجنا، بعد ان حكم عليه سابقا بغرامة تبلغ قيمتها 800 دولار في تهمة “انتهاك قوانين الإقامة والهجرة”.

14 فبراير 2010: ليبيا تباشر تنفيذ قرارها بمنع دخول رعايا الدول الأوروبية الأعضاء في فضاء شنغن، باستثناء بريطانيا.

swissinfo.ch

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية