تحليل-تصريح ترامب الصادم عن غزة يتسق مع طموحاته التوسعية

من جيمس أوليفانت
واشنطن (رويترز) – ربما يبدو تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أثار الذهول بأنه يرغب في أن تسيطر الولايات المتحدة على قطاع غزة وتعيد بناءه مباغتا ودون أي مقدمات لكنه في الواقع متسق مع الطموحات التوسعية لإدارته الجديدة .
منذ عودة ترامب للبيت الأبيض قبل ما يزيد قليلا عن أسبوعين، بدا أن نهجه الذي يحمل شعار “أمريكا أولا” تطور ليصبح “أمريكا أكبر” مع تركيز الرئيس على السيطرة على أراض جديدة حتى بعد أن تعهد خلال حملته الانتخابية بإبقاء البلاد بعيدا عن التشابكات الخارجية و”الحروب التي لا تنتهي”.
وطرح ترامب احتمال سيطرة واشنطن على قطاع غزة في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال إنه يتصور بناء منتجع تعيش فيه مختلف الجنسيات في وئام.
وتسبب الاقتراح الذي طرحه ترامب بكل بساطة في موجات صدمة دبلوماسية في أنحاء الشرق الأوسط والعالم، لكنه من سمات نهج ولايته الرئاسية الثانية، وهو التعامل مع علاقات بلاده بدول حليفة مثل كندا والمكسيك على أساس المصالح التجارية واعتبار العالم مجرد فرصة استثمارية كبرى. وأكد ترامب على وجهة النظر هذه من خلال اقتراحه يوم الاثنين بإطلاق صندوق الثروة السيادية الأمريكي.
كما تحدث عن إمكانية استعادة بلاده لقناة بنما واقترح شراء جرينلاند من الدنمرك، وكرر مرارا فكرة أن كندا يجب أن تكون الولاية الأمريكية الحادية والخمسين.
ويظهر استطلاع أجرته رويترز/إبسوس أن تلك الأفكار لا تحظى بتأييد شعبي يذكر حتى في أوساط الحزب الجمهوري الذي ينتمي له ترامب.
وفي الوقت نفسه، هدد ترامب كندا وأيضا المكسيك بعقوبات اقتصادية إذا لم تذعنا لمطالبه المتعلقة بأمن الحدود.
كما طرح ترامب فكرة نقل سكان قطاع غزة، الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، مشيرا إلى أنه يرى أن القطاع لم يعد قابلا للعيش فيه بعد الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل التي استمرت لأكثر من 15 شهرا. ويندد مدافعون عن حقوق الإنسان بمثل تلك الأفكار باعتبارها تطهيرا عرقيا. ومن شأن أي تهجير قسري أن يشكل على الأرجح انتهاكا للقانون الدولي.
وتحدث ترامب يوم الثلاثاء في المؤتمر الصحفي مع نتنياهو بطريقة المطور العقاري، وهي مهنته قبل أن يدخل عالم السياسة، مُقرا في الوقت ذاته بالمحنة التي مر بها سكان غزة.
وقال ترامب “سنحول ذلك إلى مكان عالمي مدهش. أظن أن الإمكانيات وقطاع غزة رائعان… وأعتقد أن العالم بأسره.. وممثلين من كل أنحاء العالم سيكونون هناك وسيعيشون هناك. الفلسطينيون أيضا، سيعيش فلسطينيون هناك. سيعيش كثيرون هناك”.
والعام الماضي، وصف جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره السابق، قطاع غزة بأنه واجهة بحرية عقارية “قيمة”.
وأشاد نتنياهو بما قاله ترامب ووصفه بأنه “يفكر خارج الصندوق” لكنهما لم يتطرقا لمشروعية الاقتراح.
يقول وليام ويشلر مدير برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية، إن ترامب ربما لا يكون جادا لكنه ربما يفعل ما يفعله في كثير من الأحيان وهو اتخاذ مواقف متطرفة كاستراتيجية للمساومة.
وتابع قائلا “الرئيس ترامب يتبع قواعده المعتادة: يغير قواعد اللعبة ليعزز موقفه ويزيد حظوظه تحسبا لأي مفاوضات قادمة… في هذه الحالة هي مفاوضات بشأن مستقبل السلطة الفلسطينية”.