مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تراس تكافح للبقاء في السلطة بعد إلغاء تعديلاتها الضريبية

رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس خلال مؤتمر صحافي في في داونينغ ستريت في وسط لندن في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2022، بعد إقالة وزير المال على أثر ميزانية أثارت فوضى الأسواق afp_tickers

بذلت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس الثلاثاء جهودا حثيثة لإثبات قدرتها على الاستمرار في المنصب، بعدما أجبرتها الاضطرابات التي شهدتها أسواق البلاد على خلفية خططها للتخفيضات الضريبية على التراجع عن توجّهاتها.

فبعد مرور ستة أسابيع فقط على توليها رئاسة الحكومة، التقت تراس كبار الوزراء في الجلسة الأسبوعية للحكومة، غداة إعلان وزير المالية الجديد جيريمي هانت إلغاء الغالبية الساحقة من الخطط السابقة للتخفيضات الضريبية.

وأقرت تراس بأن حكومتها “بالغت وتسرعت” في إعلان موازنتها المصغرة الشهر الماضي، وفق رئاسة الحكومة، في حين تسعى الزعيمة المحافظة إلى إرساء استقرار اقتصادي بعد أسابيع من الاضطرابات في الأسواق والتأزم السياسي على خلفية خططها.

وحضّ هانت الذي خلف الجمعة وزير المالية المقال كواسي كوارتنغ، الوزراء على “البحث عن سبل حماية أموال دافعي الضرائب” قبل الغوص في تفاصيل الخطة المالية المتوسطة الأجل المرتقب إعلانها في نهاية الشهر الحالي.

وقال المتحدث باسم تراس في مؤتمر صحافي إن “الحكومة تدعم رئيسة الوزراء بالكامل والنقاش كان فاعلا ومعمقا”، نافيا أن تكون أي دعوات قد أطلقت لمطالبتها بالتنحي.

لكن توصيف موقف تراس بأنه غير مقبول لا يقتصر على النواب المعارضين بل امتد ليطال بعضا من نواب حزبها المحافظ، وسط تراجع معدّلات التأييد لها.

والثلاثاء أظهر استطلاع أجراه معهد “يوغوف” لأعضاء حزبها المحافظ أن غالبية المستطلَعين يريدون رحيلها.

كذلك أظهر الاستطلاع أنها الأقل شعبية بين زعماء الحزب على الإطلاق، إذ أعرب 80 بالمئة من المستطلعين عن عدم رضاهم عن أدائها.

– خفض الإنفاق –

وكانت الموازنة السابقة التي عرضت في 23 أيلول/سبتمبر وتقوم على الاقتراض وخفض الضرائب قد تسببت باضطرابات في الأسواق، إذ انخفض الجنيه الاسترليني إلى أدنى مستوياته التاريخية وارتفعت معدّلات الاقتراض الحكومي طويل الأجل. وكان على بنك إنكلترا التدخّل لمنع الوضع من التدهور إلى أزمة مالية.

وكانت تراس قد تراجعت سابقا عن خفض الضرائب عن الأكثر ثراء وعلى أرباح الشركات، لتقيل لاحقا كوارتنغ، وزير ماليتها وصديقها المقرب.

والإثنين أعلن هانت تراجع الحكومة عن كلّ إجراءاتها لخفض الضرائب المعتمدة في تمويلها على الديون، وذلك على أمل تجنّب حالة فوضى جديدة في الأسواق.

وأعلن هانت التراجع عن خطط لإلغاء المعدل الأدنى لضريبة الدخل وقرّب موعد انتهاء خطة الحكومة الأبرز القاضية بتجميد أسعار الطاقة، لتنتهي في نيسان/أبريل بدلا من أواخر العام 2024.

وتوقّع هانت أن تسهم التعديلات المرتبطة بالضرائب في جمع حوالى 32 مليار جنيه استرليني (36 مليار دولار) سنويا بعدما قدّر خبراء اقتصاد بأن الحكومة ستواجه فجوة في التمويل العام بمبلغ قدره 60 مليار جنيه إسترليني. كذلك حذر من إمكانية خفض النفقات.

وأدت القرارات التي أعلنها هانت الإثنين إلى ارتفاع قيمة الجنيه الاسترليني مقابل الدولار واليورو، بينما تراجعت عائدات السندات.

والإثنين سعت تراس لوضع حد للأزمة، وخلال مقابلة أجرتها معها شبكة “بي.بي.سي” تقدّمت باعتذار للمرة الأولى منذ الأزمة لكنّها أكدت تمسّكها بالمنصب.

وطُرحت تساؤلات حول أداء تراس وقدرتها على إدارة الأزمة بعدما أرسلت الوزيرة بيني موردونت المسؤولة عن العلاقات مع البرلمان للرد على زعيم المعارضة كير ستارمر في مجلس العموم، وسط تهكم نواب حزب العمال.

وتولّت موردونت مدى ساعة الدفاع عن رئيسة الوزراء التي جلست صامتة بوجه متجهّم في وستمنستر إلى جانب وزير المال الذي أعلن إلغاء خطتها الاقتصادية المعلنة سابقا.

ومن المقرر أن تمثل تراس مجددا أمام مجلس العموم الأربعاء خلال جلسة مساءلة للحكومة تكتسي أهمية كبرى، إذ قد تكون آخر فرصة لها لترسيخ سلطتها.

– رئيسة وزراء شبح –

ولا يقتصر الامتعاض من أداء تراس على النواب والطبقة السياسية، فقد حذّر قادة نقابات من إضرابات بالجملة في الشتاء احتجاجا على غلاء المعيشة.

وبدأ المؤتمر السنوي لاتحاد النقابات العمالية في بريطانيا على وقع المطالبة بتنحي تراس.

وبعد أدائها المخيب الإثنين، وصفت صحيفة “ذا صن” تراس بأنها “رئيسة وزراء شبح” فيما وصفت “ذا ميرور” اليسارية الوضع بأنه “إذلال كارثي”.

حتى صحيفة “ديلي تلغراف” القريبة من المحافظين طرحت تساؤلات حول مصيرها.

وكتبت الصحيفة “من الصعب تصوّر أزمة سياسية واقتصادية أكثر خطورة من تلك التي تمر بها المملكة المتحدة حالياً”. وأضافت أنّ “الأمل الوحيد لرئيسة الوزراء لتجنّب العار المتمثّل في أن تصبح الشخص الذي أمضى المدّة الأقصر في المنصب منذ العام 1827، يكمن في ما إذا كان نوّاب حزب المحافظين مستعدّين لمنحها متنفّسا”.

لكن هذا الأمر يبدو مستبعدا إذ تتزايد التقارير التي تفيد بسعي نواب محافظين لإطاحتها.

وفق أنظمة الحزب لا يمكن حجب الثقة عنها في العام الأول من زعامتها، إلا أن تكهّنات كثيرة تشير إلى إمكان تعديل الأنظمة لهذه الغاية.

وقال النائب المحافظ رودجر غيل الإثنين إن هانت أصبح “رئيس الوزراء الفعلي” في حين يطالبها نواب كثر بالاستقالة.

وقال زميله المحافظ تشارلز ووكر في تصريح لشبكة “سكاي نيوز” الإخبارية “أعتقد أن موقفها غير مقبول”، مضيفا “إن لم ترحل الآن لن يكون القرار قرارها”.

والثلاثاء قال وزير القوات المسلحة جيمس هيبي في تصريح لسكاي نيوز إن تراس اتّعظت من خطئها لكنه حذّر من أن تكرار الخطأ غير مسموح.

وتابع “نظرا إلى مدى تقلّب سياساتنا حاليا… لا أعتقد أن هناك أي مجال لارتكاب مزيد من الأخطاء”.

ستكس/ناش-ود/ص ك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية