حكم بالسجن على الناشطة السعودية لجين الهذلول يمهد لإطلاق سراحها خلال أشهر
أمرت محكمة في الرياض الاثنين بسجن الناشطة السعودية البارزة لجين الهذلول لخمس سنوات وثمانية أشهر بعدما دانتها بالتحريض على تغيير النظام و”خدمة أطراف خارجية”، وأرفقت الحكم بوقف تنفيذه لمدة سنتين وعشرة أشهر، ما يجعل الإفراج عنها ممكنا قريبا.
واعتبرت أسرة لجين الهذلول الحكم “غير عادل” و”مخيبا للآمال” و”له دوافع سياسية”، مؤكدة أنها ستستأنفه.
كذلك، عبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الحكم، ودعت دول عدة الى الإفراج عن الهذلول سريعا.
وذكرت وسائل إعلام محلية حضرت جلسة المحاكمة الاثنين، بينها صحيفة “سبق”، أن المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب أصدرت حكما على الناشطة الشابة بموجب “نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله”، قضى بسجنها لمدة خمس سنوات وثمانية أشهر.
ومن التهم التي دينت بها “التحريض على تغيير النظام الأساسي للحكم، والسعي لخدمة أجندة خارجية داخل المملكة مستخدمة الشبكة العنكبوتية لدعم تلك الأجندة بهدف الإضرار بالنظام العام، والتعاون مع عدد من الأفراد والكيانات التي صدرت عنها أفعال مُجرَّمة بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله”.
ونص الحكم أيضا على “وقف تنفيذ عامين وعشرة أشهر من العقوبة المقررة (..) استصلاحا لحالها وتمهيد السبل لعدم عودتها إلى ارتكاب الجرائم”، مشيرا الى أنه “في حال ارتكابها أي جريمة خلال السنوات الثلاث المقبلة، سيعتبر وقف التنفيذ ملغى”.
ومع اقتطاع الوقت الذي أمضته في السجن منذ توقيفها والذي يفوق السنتين ونصف السنة، سيكون في الإمكان، بموجب الحكم، إطلاق سراح الهذلول خلال شهرين أو ثلاثة، وفق أسرتها ومنظمات حقوقية.
ويمكن لكل من الهذلول أو المدعي العام استئناف الحكم خلال شهر.
وأفادت وسائل اعلام محلية أنه تم انزال حكم مماثل بالناشطة مياء الزهراني وبلائحة تهم مشابهة، لكن لم يكن من الواضح متى سيتم اطلاق سراحها.
كما قرّرت المحكمة منع لجين من السفر لمدة خمس سنوات، بحسب شقيقتها لينا التي غردت عبر “تويتر”، “بكت لجين عندما سمعت الحكم اليوم. بعد ثلاث سنوات تقريبا من التوقيف الاعتباطي والتعذيب والعزلة، يدينونها ويصفونها بالإرهابية”.
وقال وليد الهذلول من كندا في مقابلة مع وكالة فرانس برس عبر تطبيق “زوم”، “منذ اليوم الأول من المحاكمة، كانت للمحكمة دوافع سياسية”، مضيفا أن المحكمة “لم تظهر أي استقلالية”.
وأضاف أن الأسرة ستستأنف الحكم “ولو أنه ليس لدينا اي أمل في النظام القضائي السعودي”.
وتابع ردا على سؤال أن “الخوف كبير”، مشيرا الى أن المحاكمة “لم تؤمن أي نوع من الحماية للجين”. وقال “لا يمكننا أن نثق بنظام لا يؤمن العدالة ولا الحماية داخل السجن”.
وأضاف لفرانس برس انه “لحظة اطلاعها (شقيقته) على الحكم بدأت بالبكاء لأنه (…) تم وصمها بالارهاب”.
وتقول الأسرة إن لجين تعرضت للتحرش الجنسي والتعذيب باستخدام الصعقات الكهربائية والإيهام بالغرق أثناء احتجازها. وتنفي السلطات السعودية بشدة هذه الاتهامات.
وقال مصدر قريب من العائلة لفرانس برس إن الحكم يشكل “مخرجا” للسلطات السعودية “يحفظ ماء الوجه” إزاء الضغوط الدولية التي تعرضت لها للإفراج عن الهذلول.
– “أمر مقلق للغاية” –
وقال مكتب حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في تغريدة إن الحكم على الناشطة وإدانتها بالقضايا المنسوبة إليها “أمر مقلق جدا”، داعيا السلطات إلى تطبيق قرار الإفراج المبكر على اعتبار أنه “مسألة ملحة”.
وأعربت الخارجية الفرنسية عن أملها بالإفراج “السريع” عن الهذلول.
في برلين، أعرب مفوض الحكومة الالمانية لشؤون حقوق الإنسان بيربل كوفلر عن “أسفه” لصدور الحكم. وقال في بيان إنّ “قضيتها واحدة من حالات عدة تظهر أن السلطات السعودية تتصرف بقسوة مفرطة ضد نشطاء حقوق الإنسان والحقوق المدنية”.
وندّد المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش كينيث روث بالحكم ووصفه بأنه “مخز”.
في واشنطن، قال جاك سوليفان الذي رشحه الرئيس المنتخب جو بايدن لمنصب مستشار الأمن القومي، إنّ الحكم “مجحف ومقلق”.
واعتبرت منظمة العفو الدولية في بيان أن وقف تنفيذ الحكم لمدة معينة لا يلغي “القسوة” تجاه “إحدى أكثر النساء شجاعة في المملكة”.
وأُوقفت الهذلول (31 عاما) مع ناشطات حقوقيات أخريات ضمن حملة اعتقالات في أيار/مايو 2018، قبل أسابيع قليلة من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية، الأمر الذي كانت تطالب به بإلحاح.
وسلّط اعتقال الناشطات الضوء على سجلّ حقوق الإنسان في المملكة التي واجهت أيضا انتقادات عالمية شديدة بعد جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصليتها في اسطنبول عام 2018.
وبدأت محاكمة الهذلول في آذار/مارس 2019 بعد نحو عام من توقيفها.
وكانت تُحاكم أمام المحكمة الجزائية، لكن تقرّر لاحقا تحويل قضيتها إلى المحكمة الجزائية المتخصّصة التي تأسست في العام 2008 للنظر في قضايا مرتبطة بمكافحة الارهاب، بينها قضايا معتقلين سياسيين.
وبينما تم الافراج موقتا عن بعض الناشطات خلال السنتين الأخيرتين، بقيت الهذلول وأخريات في السجن.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لفرانس برس هذا الشهر إن الهذلول متهمة بالاتصال بدول “غير صديقة” و”تقديم معلومات سرية”، لكن عائلتها قالت إن المحاكمة لم تشهد تقديم أي دليل على ذلك.
وليست المرة الأولى التي تسجن فيها الهذلول التي كانت ناشطة بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي نهاية 2014، كانت لا تزال في الـ25 من العمر حين اعتقلتها السلطات وأودعتها السجن لمدة 73 يوما بعدما حاولت قيادة سيارة عبر الحدود بين الإمارات والمملكة.