رئيس الوزراء الليبي المكلف يعرض على البرلمان “هيكلية” حكومته
أعلن رئيس الوزراء الليبي المكلف عبد الحميد دبيبة الخميس أنه عرض على البرلمان “هيكلية” حكومته، وذلك في إطار المحطة الأولى من مرحلة انتقالية تنص على اجراء انتخابات في كانون الأول/ديسمبر لانهاء عقد من الفوضى.
وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية في مؤتمر صحافي من العاصمة طرابلس “أرسلنا اليوم (الخميس) إلى رئاسة مجلس النواب (البرلمان) مقترح هيكلية وتصور عمل حكومة الوحدة الوطنية ومعايير اختيار تشكيلها”.
لكنه لم يقدم أسماء أو عدد الوزارات في حكومته، إلا أنه أكد أنه سيعلن عنها في جلسة منح الثقة التي سيحددها البرلمان لاحقاً.
وأكد أنه سيراعي “التوزيع العادل بين المناطق الثلاث للبلاد شرقا وغربا وجنوبا” في التشكيلة الحكومية، موضحا “استلمنا أكثر من 3 آلاف سيرة ذاتية لمرشحين، ووفقنا في الاطلاع على 2300 منها”.
وأردف قائلا “جميع المكونات ستكون ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية ولن نقصي أحداً”.
وطالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، من البرلمان سرعة اعتماد الحكومة ومنحها الثقة.
وقال بهذا الشأن “نأمل من مجلس النواب الوقوف معنا في اعتماد الحكومة ومنحها الثقة في وقت قريب (..)، أنا مستعد للذهاب إلى أي مدينة في ليبيا لتقديم حكومتي”.
وكان المكتب الإعلامي لدبيبة قد أعلن مساء الاربعاء أن التشكيلة الحكومية ستسلم “الخميس إلى المجلس الرئاسي قبل تقديمها لمجلس النواب لاعتمادها”. وأضاف ان رئيس الحكومة يؤكد أن “المهلة لكي تعطى لها الثقـة فترة محدودة جداً”.
وأمام دبيبة مهلة حتى 19 آذار/مارس للحصول على ثقة مجلس النواب قبل أن يبدأ المهمة الصعبة المتمثلة بتوحيد المؤسسات وقيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر.
والهدف النهائي هو محاولة الاستجابة لتطلعات الليبيين الذين يعانون من نقص في السيولة والوقود وانقطاع في التيار الكهربائي وتضخم كبير.
وليبيا التي احتفلت الاسبوع الماضي بالذكرى العاشرة للثورة التي أنهت نظام معمر القذافي في 2011، لا تزال غارقة في الفوضى على خلفية الانقسامات السياسية.
– “المشاركة الواسعة” –
انتخب المهندس عبد الحميد محمد دبيبة (61 عاما) في 5 شباط/فبراير رئيسا للوزراء للفترة الانتقالية في ليبيا، وذلك من جانب المشاركين في الحوار الذي أطلق في تشرين الثاني/نوفمبر بين الأفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة. وسبق أن شغل مناصب مسؤولية خلال عهد القذافي.
واختار الحوار بين الليبيين هذا الشهر سلطة تنفيذية جديدة بقيادة رئيس الوزراء المكلّف عبد الحميد دبيبة ومجلسًا رئاسيًا من ثلاثة أعضاء – كل ذلك بدعم رسمي من كل من حفتر وحكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها.
ومنذ ذلك الحين كثف لقاءاته وتنقلاته من أجل تشكيل فريق يحل محل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج التي تشكلت في 2016 في طرابلس (غرب) والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
وبذلك تطوى صفحة مرحلة انتقالية بدأت مع اتفاق الصخيرات في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، الذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من المشير خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
والنزاعات على السلطة أغرقت البلاد في الحرب في نيسان/ابريل 2019 على خلفية تدخل اجنبي مع هجوم أطلقه المشير خليفة حفتر في محاولة للسيطرة على طرابلس.
ومنذ فشل القوات الموالية لحفتر في الاستيلاء على طرابلس، جرت محاولات وساطة عديدة. ودخل وقف إطلاق النار بوساطة من الأمم المتحدة حيز التنفيذ في تشرين الأول/أكتوبر وما زال مطبقًا إلى حد كبير.
وعبر تخصيص زيارته الأولى الى الخارج الى مصر الداعمة للمشير حفتر، وليس تركيا الداعمة الرئيسية لحكومة الوفاق الوطني، أراد دبيبة إظهار انه يريد أن يضع التحالفات الماضية جانبا.
من جانب آخر وعد باختيار الوزراء “وفق معايير الكفاءة مع مراعاة التنوع والمشاركة الواسعة”. وأضاف في تغريدة “لن نخيب الآمال المعقودة علينا بإذن الله، فالشعب الليبي يستحق الأفضل دائما”.
بحسب خارطة الطريق التي أعدتها الامم المتحدة فان “30% على الاقل من المناصب في رئاسة الحكومة والوزراء ونواب الوزراء” يجب أن توكل الى نساء لكن ايضا الى الشباب الذين كانوا مستبعدين لفترة طويلة عن دوائر السلطة.
وأعلن رئيس الوزراء على تويتر الخميس أنه تحادث مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي أعرب عن “دعمه لخريطة الطريق الجديدة وتشكيل الحكومة”.
وقال دبيبة “نأمل أن يساعدنا هذا الدعم في تحقيق الاستقرار والتنمية في القريب العاجل”.
وبحث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء المكلف “التقدم المحرز في عملية تشكيل الحكومة والجهود المبذولة لعقد جلسة لمجلس النواب لمنح الثقة للتشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء المكلف”.
– انقسامات –
في هذا الاطار التقى دبيبة في 19 شباط/فبراير في طبرق (شرق) عقيلة صالح رئيس البرلمان المتحالف مع حفتر.
على غرار مؤسسات ليبية أخرى، شهدت هذه المؤسسة انقسامات ايضا. ففي 2019 خصوصا قاطع حوالى 50 نائبا من أصل 188 البرلمان احتجاجا على الدعم الذي قدمه صالح للهجوم الذي شنته القوات الموالية لحفتر على طرابلس.
وذكر دبيبة في الاونة الاخيرة انه في حال عدم تأمين النصاب المطلوب للتصويت على الثقة في البرلمان، فسيعود الأمر الى الموفدين الليبيين ال75 الى جنيف لمنح الثقة للحكومة.
في الانتظار، لا يحظى المكان الذي سيعقد فيه البرلمان جلسته للتصويت على الثقة بتوافق: فصالح وعدد من النواب يريدون ان تعقد في سرت في منتصف الطريق بين الشرق والغرب فيما يفضل أكثر من 140 نائبا صبراته في الغرب.
ويرى عماد الدين بادي الخبير في المبادرة العالمية التي يوجد مقرها في جنيف أن مهمة دبيبة ستكون شائكة.
وقال لوكالة فرانس برس “إذا كان تعيينه قوبل مؤقتا بتوافق واسع في أنحاء البلاد، فان الخاسرين الذين سيظهرون حتما حين يعلن حكومته سيحشدون صفوفهم بدون شك لعرقلة أي دعم لحكومته”.