سويسرا تثبت صحة بياناتها
يقوم المكتب الفدرالي للطيران المدني بفحص عشوائي لجميع الطائرات التي تهبط في أو تقلع من موانئ الكونفدرالية الجوية، للتثبت من حالتها ورصد التزامها بإجراءات السلامة.
ولفت هذا المكتب الأنظار إليه مؤخرا، بعدما اتضح أنه أول من حظر هبوط أو تحليق الطائرات التابعة لشركة ” فلاش اير لاينز” المصرية في سويسرا.
وضع المكتب الفدرالي للطيران السويسري المطارات الأوربية، وبالطبع شركة الطيران المصرية “فلاش اير لاينز” في مأزق حرج، لأنها أحاطت الجميع مسبقا بما رأت أنه نقص في إجراءات الأمن والسلامة على متن طائراتي تلك الشركة، التي هوت إحداهما في البحر الأحمر بالقرب من منتجع شرم الشيخ صبيحة يوم السبت الثالث من يناير وقضى جميع من كانوا على متنها.
وبعدما رفضت الشركة المصرية على لسان رئيسها محمد نور ما أعلنه المكتب الفدرالي السويسري للطيران المدني، واعتبرت أن الخلاف مع السلطات الفدرالية مالي بحت، عقد المكتب الفدرالي للطيران المدني السويسري بعد ظهر الاثنين 5 يناير مؤتمرا صحفيا في العاصمة برن نفى فيه أن يكون الخلاف المالي هو السبب وراء التقرير، وأكد على صحة الملاحظات التي سجلها على الطائرات التابعة للشركة المصرية، أما هبوط احدى طائرات الشركة في جنيف عقب هذا الحظر، فقد عللته السلطات السويسرية بأنه كان هبوطا اضطراريا، تكرر أيضا في مطار أثينا الدولي.
كما أوضح المؤتمر الصحفي أن السلطات السويسرية كشفت عن مخالفات تتعلق بالأمن والصيانة إثر كشف غير دوري أُجرى مرتين الأولى في 27 أبريل 2002 والثاني في 11 أكتوبر من نفس السنة. وبعد امتناع سيسيلتين بريسينتو المتحدثة باسم المكتب الإفصاح يوم الأحد 4 يناير عن النقص الذي سجلته أجهزة متابعة إجراءات الأمن والسلامة في طائرات شركة “فلاش ايرلاينز” المصرية، على اعتبار أن البيانات أو الملاحظات التي يسجلها المكتب من أسرار العمل، أضطر المكتب في المؤتمر الصحفي إلى البوح ببعض تفاصيل ما جاء في التقرير، لتأكيد صحة أقواله.
وكانت صحيفة “سونتاغس بليك” الأسبوعية نشرت في طبعتها الصادرة في يوم الأحد 4 يناير نقلا عن طيار سويسري يدعى روبرت أوش، أن من بين النقص الذي سجله المكتب الفدرالي بعد فحص طائرات شركة “فلاش اير لاينز” عدم وجود أقنعة الأكسوجين للطيارين وغياب لائحة التعليمات المتعلقة بأجهزة قمرة القيادة، وبزَّات السباحة للطوارئ، إضافة إلى أعطال في منافذ الخروج الاضطراري، وعدم صلاحية أحزمة الأمان المثبتة على مقاعد المسافرين.
فحص عشوائي … مفيد
وتقوم الهيئة السويسرية للطيران المدني بفحص في حدود 160 طائرة سنويا بشكل عشوائي، للتأكد من أن إجراءات الأمن والسلامة تطابق المواصفات الدولية المتعارف عليها، وتقع في دائرة حظر التحليق أو الإقلاع ما بين شركة أو شركتين سنويا، إلى حين رفع النقص الذي سجلته الهيئة في متابعاتها.
ويقول ماكس فريدلي مدير المكتب الفدرالي للطيران المدني أن الحظر السويسري للإقلاع أو التحليق يشمل 23 شركات أخرى لم يفصح عن أسمائها، حرصا على عدم استغلال الكفاءة الأمنية كأحد أنواع الدعاية التنافسية.
إلا أن حادث سقوط الطائرة التابعة للشركة المصرية، وما تبعه من تراشق بالتصريحات بين القاهرة وبرن، سلط الأضواء على عمل هذا المكتب، حيث وضع المطارات الأوروبية في حرج، لأنه أبلغها بتلك المخالفات في إطار تبادل المعلومات المتعارف عليه، وعلى الرغم من ذلك لم تتخذ نفس القرار السويسري بحظر هبوط طائرات “فلاش ايرلاينز” في مطاراتها أو التحليق عبر مجالها الجوي.
فلسفة “الحذر قد يسبق القدر”
ويعمل المكتب الفدرالي السويسري للطيران المدني انطلاقا من فلسفة التعاون من أجل إزالة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الطائرات، حيث يعمل الكشف العشوائي على الطائرات قبل الإقلاع على الوقوف على حالة الطائرة الفنية طبقا للمواصفات الدولية المتعارف عليها، وفي حال اكتشاف خلل أو مخالفات فإن الشركة هي أول من يعلم بذلك على أمل القيام بإصلاح الأعطال في الحال، لأن التواخي في ذلك غير مسموح به.
ويقوم خبراء الطيران المدني السويسري بمتابعة جميع التطورات التقنية في هذا المجال أولا بأول والاستفادة من خبرات الآخرين، سواء في الكشف عن العيوب والتعرف عليها أو في كيفية إصلاحها في وقت قصير، بشكل لا يعوق حركة الطيران أو يسبب تأخير أو عرقلة لحركة الملاحة الجوية عالميا.
وقد جرى العرف على تسجيل جميع الملاحظات التي ترصدها مكاتب الطيران المدني في بلدان العالم في قاعدة بيانات شاملة، تتمكن المطارات الدولية من الاطلاع عليها.
ويرى خبراء الطيران في سويسرا أن التأهيل المتواصل للطيارين والفنيين، والكشف الدوري على أجهزة الطائرة ومتابعة برنامج الصيانة بانتظام وعدم التهاون في أي شك أو اشتباه في أبسط الأشياء هي من أفضل سبل تفادي الحوادث المؤلمة، إلا إذا كان القدر المحتوم أقوى من كل التدبيرات.
ردود فعل متوقعة
وفي أول رد فعل أوروبي على ذلك الحادث الأليم، وما ذكره المكتب الفدرالي السويسري للطيران المدني، كشفت بروكسل يوم الاثنين 5 يناير النقاب عن قانون أعده الاتحاد الأوربي لمراقبة الطائرات، ظل حبيس الأدراج منذ عام 1997 بسبب خلاف بين البرلمان الأوربي ومجلس الوزراء، وبموجب هذا القانون كان من المفترض أن تأخذ الدول الأعضاء الملاحظات السويسرية حول العيوب التي سجلتها على إحدى طائرات شركة “فلاش اير لاينز” بعين الاعتبار.
وبغض النظر عن هذا الجدل المحسوم مسبقا لصالح ضمان أمن وسلامة المسافرين، فإنه من المؤكد أن هذا الحادث الأليم سيترك بصماته على العروض التي تقدمها شركات السياحة لقضاء العطل بأسعار زهيدة، فإذا التقت رغبة المستهلك في دفع نفقات أقل مع حرص الشركات على تحقيق المزيد من الأرباح، فإن الضحية الأولى تكون عادة الاحتياطات الأمنية التقنية، حيث تختصر بعض شركات الطيران مرات الصيانة الدورية إلى الحد الأدنى، مما ينعكس سلبا على أدائها.
تامر أبوالعينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.